أدت المواجهات المتقطعة بين الجيش اللبناني والمسلحين السوريين المتمركزين في جرود عرسال وفي منطقة القلمون السورية الحدودية، الى استشهاد جنديين لبنانيين وجرح ثلاثة ظهر أمس، جراء انفجار عبوة ناسفة بشاحنة للجيش في البلدة واندلاع اشتباكات بين الجيش وبين المسلحين استمرت حتى الليل. وصدر ليلاً عن قيادة الجيش بيان أعلنت فيه أنه «نتيجة كشف الخبير العسكري المختص على موقع الانفجار الذي استهدف آلية الجيش في عرسال، تبين أنه ناجم عن عبوة ناسفة موجهة لاسلكياً من بُعد، وتقدر زنتها بنحو 10 كلغ من المواد المتفجرة». واستهدف الجيش مواقع المسلحين في الجرود على سلسلة الجبال الشرقية، فيما أفادت المعلومات الواردة من عرسال بأن الطيران الحربي السوري أغار على مواقع للمسلحين في المنطقة الحدودية. (للمزيد) وطغت الأحداث الأمنية وملاحقة مخابرات الجيش المجموعات الإرهابية ونجاحه في توقيف عدد من الخلايا التابعة ل «داعش» وغيرها في عدد من المناطق، على القضايا السياسية الخلافية المتعددة، فيما يترقب اللبنانيون التحرك الموعود للموفد القطري في مفاوضاته مع «داعش» و «جبهة النصرة» للإفراج عن العسكريين المخطوفين لديهما، بعدما نجحت الوساطات والاتصالات ليل أول من أمس في تأجيل تنفيذ «داعش» تهديده بقتل أحد العسكريين بحجة «مماطلة الحكومة اللبنانية». ونفذ الجيش بالتزامن مع استهدافه مواقع المسلحين بالأسلحة الثقيلة، مداهمات في بلدة عرسال وفي بعض مخيمات النازحين في اطار تحرياته عن مشاركين في عملية التفجير التي استهدفت الشاحنة والذي أودى بحياة الجنديين. وسقط صاروخان ليلاً، في محيط بلدة اللبوة، مصدرهما مواقع المسلحين. وردت جبهة «النصرة» على ذلك بتغريدات على «تويتر» اتهمت فيها الجيش و «حزب الله» ب «فبركة» تفجير عرسال و «اعتقال المدنيين لإفشال المفاوضات» للإفراج عن العسكريين المخطوفين. وجاء في تغريدة أخرى ل «النصرة» ان الجندي المحتجز لديها «محمد حمية سيكون أول ضحية من ضحايا تعنت الجيش اللبناني». وبينما نقلت «وكالة أنباء الأناضول» التركية عن «جبهة النصرة» ان شروطها الإفراج عن العسكريين المخطوفين ليست تعجيزية ولا تتضمن المطالبة بالإفراج عن معتقلين في سجون النظام السوري، أدى الخلاف في مجلس الوزراء ليل أول من أمس على اقامة 3 مخيمات تجريبية للنازحين السوريين على الحدود داخل الأراضي اللبنانية، نتيجة اعتراض «حزب الله» على الخطة الهادفة الى التخفيف من أعدادهم في محيط عرسال للحؤول دون افادة التنظيمات الإرهابية من أماكن تجمعهم، الى تأجيل تنفيذ خطة كانت أقرتها اللجنة الوزارية المختصة بشؤون النازحين. ولقي الاعتداء المفاجئ على الجيش في عرسال من قبل المسلحين السوريين والخسائر التي تعرض لها، حملة تضامن واسعة معه، ودعا رئيس الحكومة تمام سلام الى التنبه والاستعداد في مواجهة القوى التكفيرية المستمرة في اعتداءاتها على الجيش، ووصف نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل استهداف الجيش بأنه عمل إرهابي هدفه الإيقاع بينه وبين شعبه لخلق بيئة حاضنة للإرهابيين. ورأى زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد اتصاله بقائد الجيش العماد جان قهوجي، أن «الكمين الذي نصب للجيش يحمل بصمات إرهابية»، ودعا اهالي عرسال الى «رفع الصوت في وجه كل من تخول له نفسه العبث بسلامة البلدة أو فتح منافذ للإرهابيين الذين لا هدف لهم سوى إضعاف الدولة وتخريب الثقة بين الجيش والمواطنين». ودعا «حزب الله» الى «التكاتف حول المؤسسة العسكرية الواحدة الموحدة في مواجهة الأخطار الإرهابية». وبموازاة التعرض له نجح الجيش والقوى الأمنية في اجراءات ملاحقة خلايا ارهابية وفي وضع اليد على مجموعات عدة خلال الأيام الماضية، أبرزها 3 سوريين دخلوا الأراضي اللبنانية خلسة على أحد الحواجز في مدينة بعلبك، أسفرت التحقيقات معهم عن اعتراف أحدهم في التحقيقات لدى شعبة المعلومات في قوى الأمن بأنه كان من حفر الحفرة التي دفن فيها الجندي في الجيش الذي ذبحه «داعش»، عباس مدلج، وقال انه نفذ هذا الأمر على أنه لطمر أسلحة في الحفرة وتبين له لاحقاً أنها لرمي جثة الشهيد مدلج فيها. ووجدت على هواتف الثلاثة الموقوفين صور باللباس العسكري لهم مع مسلحي «داعش» وقياديين في مناطق القصير والقلمون والجرد، وتبين انهم ينتمون الى مجموعة الموقوف عماد أحمد جمعة الذي أوقفه الجيش على أحد حواجزه في 2 آب (أغسطس) الماضي والذي تسبب توقيفه باندلاع الاشتباكات بين المسلحين السوريين والجيش في عرسال. وتوقعت مصادر التحقيق الذي سيستكمل مع هؤلاء في مخابرات الجيش، ان تتكشف أمور أخرى بنتيجة استجوابهم خصوصاً أنهم تواجدوا في أماكن احتجاز العسكريين اللبنانيين الذين هم بحوزة «داعش». وكان الثلاثة اعترفوا بأنهم شاركوا في القتال مع المسلحين ضد الجيش في اشتباكات شهر آب الماضي. وأعلنت قيادة الجيش أمس عن توقيف ثلاثة آخرين في منطقة المصيدة في محيط عرسال أحدهم لبناني وسوريان اعترفا بانتمائهما الى تنظيمين ارهابيين. وطالب والد الجندي الشهيد مدلج ووالدته الدولة بالاقتصاص من الموقوف السوري الذي اعترف بأنه متورط في قتل الجندي الشهيد. وقطع أهله الطريق في البقاع. وأفادت معلومات ليلاً أن الأمن العام أوقف شخصاً سورياً اعترف بأنه قام بتخبئة أحزمة ناسفة في إحدى القرى الجنوبية.