استبعد خبراء القيام بعمليات غسل أموال عبر المصارف وشركات الصرافة السعودية، بسبب قوة الضوابط والقوانين التي تركز على مكافحة هذه الظاهرة، غير أنهم طالبوا في الوقت ذاته بضرورة رفع الاحتياطات الأمنية المالية المتخصصة وتحقيق المتابعة الدقيقة بما يمنع حدوث هذه الأمور المنظمة، فيما توقع مصرفي أن تفوق الأموال التي يتم غسلها في الخليج المبالغ المعلنة بعشرات الأضعاف. وكان الكشف عن ضبط شبكة غسل أموال في البحرين أخيراً متورط فيها مسؤولون كبار في إحدى الصرافات العاملة بالبحرين، أثار علامات استفهام حول قدرة الجهات الرقابية في دول الخليج على القضاء أو الحد من هذه العمليات التي تتم من خلال المنافذ البرية والمصارف التجارية، خصوصاً مع قيام المتهمين بتحويل أكثر من 4 بلايين ريال سعودي إلى الإمارات، إذ أوضحت التحقيقات التي تمت من خلال تعاون أمني بين البحرينوالإمارات أن تلك الأموال بعضها مجهول المصدر، وبعضها الآخر متحصل من جرائم، وأن السجلات التجارية المستخدمة في عمليات التحويل نصفها تقريباً مزورة وبأسماء أشخاص لا يعرفون أي شيء عن هذه التحويلات. كما أظهرت التحقيقات أن هذه الأموال يتم إدخالها في أكياس من طريق جسر الملك فهد، وتذهب مباشرة إلى شركة صرافة واحدة، ليتم تحويلها بانتظام إلى الخارج وبخاصة إلى الإمارات، وهذه التحويلات المالية تتم في شكل دوري وبمعدل مليون ريال يومياً. وأوضح المصرفي فضل البوعينين أن الكشف عن خلية غسل الأموال في البحرين أخيراً والمرتبطة بثلاث دول خليجية وبحجم عمليات يفوق 4 بلايين ريال يؤكد أن غسل الأموال تحول إلى عمليات منظمة في الخليج، وهذا يستدعي أخذ الحيطة والحذر من جميع الدول الخليجية. واعتبر أن عملية نقل الأموال النقدية من طريق المنافذ البرية وفي شكل يومي يضع أكثر من علامة استفهام حول قدرة الجهات الرقابية على ضبط هذه العمليات، على رغم الضوابط التي توجب على الفرد الإفصاح عن المبالغ التي تزيد على 60 ألف ريال عند عبور المنافذ البرية، مضيفاً أن «عملية غسل الأموال التي أعلنت بنيت على ثلاث مراحل، الأولى نقل الأموال نقداً وتهريبها من المنافذ البرية، والثانية إدخال هذه الأموال في النظام المصرفي البحريني، والثالثة تحويل هذه الأموال إلى جهات خليجية وخارجية تلقت المصارف الإماراتية الجزء الأكبر منها، وأعتقد أن هناك تنظيماً متقناً لهذه العمليات». وعبر البوعينين عن اعتقاده بأن الأموال المهربة جمعت نقداً في السوق السعودية، ومن هنا يأتي السؤال الأهم عن مصدر هذه الأموال وهل هي نتاج عمليات تجارة محرمة وعلى رأسها تجارة المخدرات والتستر؟ أم إنها جاءت من مصادر متفرقة لدعم جماعات خارجية تصنف ضمن جمعيات ومنظمات الإرهاب المختلفة؟ وأكد أهمية «التنسيق الاستخباراتي بين دول الخليج والرقابة المصرفية من دون استثناء، والعمل على ضبط القطاع المصرفي وحمايته من التدفقات القذرة، مع رفع الاحتياطات الأمنية المالية المتخصصة، وتحقيق المتابعة الدقيقة بما يمنع حدوث هذه الأمور المنظمة»، متوقعاً «وجود خلايا أخرى في دول الخليج لم يتم الكشف عنها بعد، وأن تفوق الأموال التي يتم غسلها في الخليج المبالغ المعلنة بعشرات الأضعاف». من جهته، قال الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز الطويان، إن المملكة تشهد تحسناً كبيراً في أداء النظام المصرفي وقانون غسل الأموال، ما ضيق الخناق على عمليات غسل الأموال، لافتاً إلى أن الشبكة التي أعلن كشفها أخيراً في البحرين لم تستطع إدخال تلك الأموال المشبوهة من طريق المصارف السعودية، وهذا ما جعلها تتبع طرق التهريب النقدي عبر المنافذ البرية.