معظم القنوات الفضائية العربية يقدم برامج صباحية خفيفة تتشابه في كل شيء وإن اختلفت الفقرات والموضوعات. تتفق هذه القنوات على أن برامج الصباح لها خصوصية، ومع ذلك فترجمة هذا الفهم لا تبدو لنا – غالباً – قادرة على تحقيق النجاح والوصول بالمشاهد إلى النتائج المبتغاة من متابعة فقرات برنامج في ساعات يومنا الأولى. تقوم هذه البرامج على فقرات تتناول كل منها موضوعاً أو ظاهرة اجتماعية وفنية، وذلك جيد بالتأكيد، لكن الملاحظ أنها في الغالب تأتي وليدة الإعداد السريع الذي يفتقد الجدية وحتى المعلومات الدقيقة، فتقع في مفارقات وأخطاء فادحة نعتقد أنها تربك المشاهد إذ تنقل له معلومات يعتقد أنها دقيقة خصوصاً أن الناس عادة يصدقون التلفزيون ويثقون في ما يقوله لهم. هي سطوة الإعلام نعم، لكنها في حالة المرئي المسموع تصبح سطوة شبه مطلقة أي أنها تصبح أشد خطورة وتتحول الأخطاء فيها إلى مشاكل حقيقية يصعب تصحيحها والتخلص منها بعد ذلك. برامج الصباح الخفيفة لا يجوز أن تعني خفتها أنها برامج بسيطة، سهلة وذات مضامين في متناول الجميع بل هي على العكس من ذلك تماماً، إذ تحتاج لاهتمام أكبر باعتبارها تحتوي عناوين وموضوعات متباعدة تفترض تنسيقاً عالياً بين الفقرات، وتفترض قبل ذلك عدَة علمية سواء في مجال المعلومات المطلوبة أو حتى أساليب الإعداد والتقديم التي لا تنفصل عن تلك المضامين، بل أكثر من ذلك، يتوجب أن تزود المشاهد بأبرز ما يحتاجه قبل أن يغادر بيته إلى عمله كل صباح. نتحدث هنا عن معلومات ليست للتسلية أو الترفيه وإن بدت كذلك، ولكنها تصبح «حقائق» يستند إليها المشاهد وقد يحاجج بها باعتبارها «ثوابت» علمية بثها التلفزيون ولا يجوز الخروج عليها أو التشكيك فيها. معادلة النجاح في هذه الحالة تقع في تحقيق التوازن العلمي والفني بين المعلومات والحقائق من جهة، وبين أساليب وطرائق العرض والتقديم من جهة أخرى، ومن دون ذلك لن تكون تلك البرامج قادرة على أن تكون ذات قيمة ينتفع بها المشاهد... ما يعني عزوفه عن مشاهدتها.