أثار قرار مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي الأميركي) إبقاء أسعار الفائدة من دون تغيير (قريباً من الصفر)، مخاوف من ان يترافق الانتعاش الاقتصادي مع تضخم. وكان المجلس أعلن قراره ليل أول من أمس، وأشار في الوقت ذاته إلى ان الاقتصاد الأميركي يتحسن، وإن كان حذّر من تأثير سلبي لزيادة البطالة في الانتعاش. ولفت إلى ان خطط الإنعاش التي أقرتها الحكومة الأميركية حققت ثباتاً في أسواق المال، ما قد ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي الحقيقي في المستقبل القريب. وكان هذا الموقف أول تصريح إيجابي إلى هذه الدرجة من المجلس منذ آب (أغسطس) 2008. ودفع الإعلان أسواق المال الأميركية صعوداً، فسجلت الأسهم بعض المكاسب، بينما تباينت نتائج السندات المالية، في حين صعد الدولار محسناً مواقعه أمام العملات الأجنبية، بعد ان تراجع الى أدنى مستوى في سنة. وكانت أسواق المال الأميركية والعالمية تنتظر قرار المجلس حيال أسعار الفائدة، نظراً الى انه يأتي في مرحلة حساسة، بدأ فيها الاقتصاد العالمي يعاود الانتعاش، ما قد يرتب خطر ظهور موجة من التضخم، ان استمرت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية. ونقل الموقع الإلكتروني لشبكة التلفزيون الإخبارية الأميركية «سي إن إن»، عن مدير «مركز الأبحاث الاقتصادية والتنمية» في «جامعة شمال تكساس» تيري كلوور، ان «كل من يتحدث في الأسواق اليوم عن التضخم هو ببساطة يبحث عن أي ذريعة للشعور بالخوف. فقبل فترة بسيطة كان الجميع يخشون ان نصل إلى مرحلة تتراجع فيها أسعار المواد بشدة بفعل الركود». لكن آخرين أشاروا إلى ان ما تشهده قطاعات معينة، خصوصاً السلع، من ارتفاع كبير في الأسعار، يمثل ظاهرة مقلقة، إذ تجاوز سعر أونصة الذهب حاجز ألف دولار، في وقت يشعر بعضهم بأن الدولار مقبل على مرحلة ضعف بسبب تزايد كمياته في الأسواق، مع طرح مبالغ طائلة في خطط الدعم الاقتصادية التي أقرتها واشنطن. وتزامن ذلك مع ارتفاع في أسعار برميل النفط إلى مستوى 71 دولاراً، وهي ظاهرة تترافق عادة مع تراجع الدولار. وأيد المدير التنفيذي ل «صندوق إدارة الثروات» في مصرف الاستثمار «أوكورث»، جون نوريس، ما ذهبت إليه هذه التحليلات بالقول: «عندما نطبع نقوداً كثيرة، يصبح التضخم مشكلة فعلية». غير انه قال ان استمرار النمو الاقتصادي أكثر أهمية حالياً من مكافحة التضخم الذي ما تزال مستوياته متدنية جداً، داعياً إلى تأجيل التفكير في رفع الفوائد حتى النصف الثاني من العام المقبل. أما المحلل الاقتصادي لدى مؤسسة «نامورا» للأوراق المالية في نيويورك، زاك باندل، فتوقع ألا يرفع مجلس الاحتياط أسعار الفوائد قبل الربع الأول من عام 2011، باعتبار ان الاقتصاد لا يزال مهتزاً. ويذكر ان المجلس خفض عام 2008 أسعار الفائدة في شكل متسارع حتى وصلت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى ما بين صفر و0.25 في المئة، للمرة الأولى في تاريخ الولاياتالمتحدة التي لم يسبق ان تراجعت أسعار الفائدة فيها عن واحد في المئة.