تعتزم السعودية والكويتوالبحرين بدء تطبيق برنامج لتبادل المعلومات الائتمانية، على أن تلتحق بقية الدول الخليجية بهذا النظام خلال السنوات القليلة المقبلة. أذكر أننا دعونا قبل أربع سنوات لتأسيس مثل هذا البرنامج، بخاصة بعد بدء الأزمة العالمية عام 2008، وبعد أن تبيّن أن زبائن خليجيين كثر هم أيضاً زبائن لمصارف في أكثر من دولة خليجية، كما تسببت تلك الأزمة في إحداث الكثير من التداعيات على عمل المصارف والمؤسسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد ألحقت الأزمة التي تعرض لها بعض المؤسسات المالية الخليجية، مشاكل عدة للمصارف الخليجية الأخرى، بخاصة أن بعض هذه المصارف قدم تسهيلات مالية كبيرة لهذه المؤسسات. وكانت المصارف تعتمد أساساً في تقديم هذه التسهيلات، على الحسابات المالية التي تقدمها تلك المؤسسات للمصارف، للحكم على جدارتها الائتمانية، حيث اتضح لاحقاً أن هذه الحسابات على رغم ما يظهر فيها من مؤشرات إيجابية، ليس كافية بحد ذاتها. لذلك، اقترحنا آنذاك أن تقوم المصارف الخليجية بتأسيس جهاز خاص غرضه تكوين قاعدة بيانات موحدة وشاملة ومباشرة (on line) لتجميع الأخطار الائتمانية للمقترضين الخليجيين والتسهيلات الحاصلين عليها من المصارف المحلية والخارجية كافة، سواء المباشرة أو غير المباشرة، خصوصاً أن الكثير من المقترضين في الخليج يقومون بالاقتراض أحياناً باسمهم الشخصي وأحياناً أخرى باسم مؤسساتهم، ولا يتم تجميع كل هذه البيانات لدى الجهة المقرضة. وبإمكان المصارف الخليجية المشتركة في النظام أن تساهم في توفير الموازنة اللازمة لتأسيسه وتشغيله وفقاً للآليات المتفق عليها من قبلها. واليوم إذ يتم الإعلان عن إطلاق هذا المشروع، فإنها خطوة مرحب بها من قبل كل المصارف الخليجية من دون شك، حيث أن تطبيق برنامج تبادل المعلومات الائتمانية بين دول الخليج، سيقلص حجم الأخطار التي تتعرض لها المصارف التجارية نتيجة لتعاملها المشترك مع الكثير من المؤسسات المالية والشركات في دول المنطقة. كما يساهم تطبيق برنامج تبادل المعلومات الائتمانية بين دول الخليج في تقليص حجم الأخطار التي قد تتعرض لها الأنظمة المالية الخليجية جراء عدم وجود أي تعاون بين دول المجلس في ما يخص المعلومات الائتمانية. أن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة فعلية لمزيد من التنسيق في المجالات المالية والمصرفية، ومن ضمنها معرفة مشاريع المؤسسات الخليجية التي لها تواجد في أكثر من بلد خليجي، وحجم الديون وموازنات المصارف وبيانات عن الزبائن، والتي تستلزم إنشاء قاعدة بيانات موحدة على نطاق المصارف الخليجية. كما يفترض أن الشبكة ستوفر المعلومات سرياً وبضوابط، بحيث لا يتم تداولها إلا من قبل المصارف والمصارف المركزية لصالح المؤسسات المالية من أجل وضع ضوابط حمائية مع الدائنين والمصارف وضوابط تنظيمية لعملية الإقراض. ووفقاً لعدد من المؤشرات، فإن استمرار تحسين نسب الديون المتعثرة وجودة الأصول، يبقى أحد التحديات الرئيسية أمام المصارف الخليجية هذه السنة. فوفقاً لتقرير لوكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، تبلغ نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض في دولة الإمارات العربية المتحدة 10.2 في المئة وهو ما يعتبر الأعلى خليجياً، تليها البحرين بنسبة 7 في المئة، فالكويت بنحو 5.2 في المئة، ثم المصارف العُمانية 2.8 في المئة والسعودية 2.3 في المئة، فيما تبلغ في قطر نحو 1 في المئة فقط. وتبلغ نسبة التغطية في الكويت 92 في المئة كما في نهاية عام 2012، مقارنة ب118 في المئة في السعودية و117 في المئة في قطر و100 في المئة في عُمان. أما نسبة تغطية خسائر القروض في الإمارات فهي الأدنى خليجياً، حيث بلغت 49 في المئة، تليها البحرين بنسبة 78 في المئة، علماً أن متوسط نسبة التغطية في القطاع المصرفي الخليجي تبلغ 73 في المئة، فيما يبلغ المتوسط العالمي 95 في المئة، ما يؤكد كما قلنا أهمية العمل على تحسين نسب الديون المتعثرة لدى المصارف الخليجية والتي نعتقد أن مشروع الشبكة الموحدة للمعلومات الائتمانية في إمكانه أن يساهم، كما ذكرنا، في تحقيقه. * الرئيس التنفيذي ل «مجموعة البركة المصرفية»