لا تقتصر الخلافات بين وفدي الحكومة السورية و «الائتلاف الوطني السوري» المعارض وحلفاء الطرفين الدوليين والإقليميين، على أمور جوهرية تتعلق بأولويات المفاوضات المباشرة، بل تتناول أيضاً تفاصيل أمور بروتوكولية وصور المؤتمر خلال جلسة افتتاحه في مونترو يوم الاربعاء المقبل والمفاوضات المباشرة بين الطرفين السوريين في جنيف يوم الجمعة المقبل، حتى قبل التأكد تماماً من انعقاده في موعده ومشاركة المعارضة فيه. وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعث برسالة خطية إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تضمنت الموافقة على حضور المؤتمر مع «التحفظ» عن مناقشة تشكيل «هيئة حكم انتقالي» واقتراح «حكومة وحدة وطنية»، وإعطاء الأولوية ل «مكافحة الارهاب»، الأمر الذي رفضه بان و«مجموعة أصدقاء سورية» استناداً إلى أن رسالة الدعوة إلى المؤتمر صيغت بتفاهم أميركي - روسي مع المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي بعد مفاوضات شاقة حول كل كلمة وعبارة وتسلسل الفقرات. وبحسب المعلومات المتوافرة ل «الحياة»، تناولت المفاوضات بين الأطراف المعنية ب «جنيف2» أموراً أخرى، إذ أن وفد الحكومة السورية يريد أن يكون «الممثل» ل «الجمهورية العربية السورية» في جلسة افتتاح المؤتمر المخصصة لكلمات رؤوساء الوفود، على أساس أن المؤتمر يُعقد تحت رعاية الأممالمتحدة التي لم تسحب شرعية الحكومة السورية، كما حصل في الجامعة العربية عندما جمّدت عضوية الحكومة وشغل «الائتلاف» مقعد سورية في القمة العربية الأخيرة في الدوحة في آذار (مارس) الماضي. كما تتناول الاتصالات الديبلوماسية ترتيب إلقاء الوفود الخطابات ومدة كل خطاب يوم الاربعاء المقبل الذي سيبث على الهواء، ذلك أن المتفق عليه إلى الآن أن تكون مدة كل خطاب ست دقائق، بحيث يتحدث بان أولاً ثم وزيرا خارجية أميركا جون كيري وروسيا سيرغي لافروف. لكن الخلافات لا تزال قائمة حول ما إذا كانت مسؤولة الشؤون الخارجية الأوروبية كاثرين اشتون ستتحدث قبل وزراء خارجية الدول الثلاث المتبقية (بريطانيا، فرنسا، الصين) في مجلس الامن الدولي أم لا، وما اذا كان الترتيب سيكون بحسب الأحرف الهجائية أم القوة السياسية. ولم يتفق بعد حول ما إذا كان المعلّم أم رئيس وفد المعارضة، سيتحدث أولاً في افتتاح المؤتمر. وقال مسؤول غربي ل «الحياة» إن الدول الداعمة ل «الائتلاف» تتمسك بحصول المعارضة على «شرعية كاملة بكل الأمور الرمزية خلال جلسة الافتتاح». وظهر اقتراح لم يلق رواجاً باحتمال عدم القاء كل من الجانبين السوريين خطابه في الافتتاح. لكن المعضلة الأكبر تتعلق الآن بموضوع العلم، إذ أبلغ وفد الحكومة محاوريه بأنه لن يقبل أن يجلس تحت أو قرب «علم الاستقلال» الذي اتخذه «الائتلاف» رمزاً له، متمسكاً بالعلم الرسمي لسورية. وقالت مصادر إن المعارضة تتمسك بوجود «علم الاستقلال» خلال جلسات المفاوضات المباشرة مع وفد الحكومة يوم الجمعة. وأشارت مصادر أخرى إلى احتمال أن يكون الحل الوسط بعدم وجود أي من العلمين في غرفة التفاوض وراء الابواب المغلقة. وتأكد أن وفدي الحكومة والمعارضة سيجلسان في غرفة واحدة، بحيث يتحدثان إلى بعضهما البعض عبر الإبراهيمي وليس في شكل مباشر، على أن يقوم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان بكتابة محاضر المفاوضات. ويتوقع أن يكون الوفدان الأميركي والروسي في ممرات قاعة التفاوض كي يمارس كل طرف ضغطاً على حليفه السوري. وكان الاقتراح السابق تضمن أن تجري المفاوضات السورية - السورية في غرفتين منفصلتين. كما أن المفاوضات تتناول أموراً مثل ما اذا كان رئيسا وفدي الحكومة والمعارضة سيصافحان بعضهما البعض وما إذا كانت طاولة المفاوضات مستديرة أم مستطيلة. وبدا واضحاً حرص وفدي الحكومة والمعارضة على السيطرة على الخطاب الإعلامي سواء بالتصريحات أم بالصور التي ستبث إلى الخارج، باعتبار أن جمهور كل طرف سيتابع أدق التفاصيل من ممثله في جنيف. ويرافق 36 اعلامياً من القطاعين العام والخاص وفد الحكومة. وكان بان حضّ الطرفين في رسالة الدعوة على عدم التحدث إلى الإعلام، وحصر إلقاء البيانات بالأممالمتحدة مع اعتبار وثائق المفاوضات سرية. وقالت المصادر إن الإبراهيمي ينوي حض الطرفين على الاتفاق على جدول أعمال المفاوضات وانه في حال جرى الاتفاق على ذلك، يعمل على جمع الطرفين برعاية روسية - أميركية أمام عدسات المصورين يوم السبت المقبل، قبل تجميد المفاوضات للعودة إلى جنيف في بداية شباط (فبراير) المقبل لتقويم التقدم المنجز في «اجراءات بناء الثقة» المتعلقة بإطلاق السجناء ووقف القصف ورفع الحصار واتفاقات محلية لوقف اطلاق النار في مناطق مختلفة من البلاد.