تسارع العد العكسي لانطلاق مؤتمر السلام السوري المعروف ب «جنيف 2» والمقرر أن يبدأ في مدينة مونترو السويسرية الأربعاء المقبل. وأكدت الحكومة السورية مشاركتها، لكنها أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن لها تحفظات عن بعض ما جاء في الدعوات التي وجّهها إلى المشاركين، فيما يعقد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض اجتماعاً مهماً اليوم في إسطنبول ليحسم فيه قرار المشاركة، في ظل دعوات من داخله إلى المقاطعة. واستضافت موسكو أمس اجتماعات ضمت وزيري خارجية سورية وليد المعلم الذي سيقود وفد بلاده إلى مونترو وإيران محمد جواد ظريف. وعلى رغم أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن بلاده «لا تخفي جدول أعمال سرياً» في محادثاتها مع طهران ودمشق، فقد كان لافتاً حديثه مجدداً عن أهمية مشاركة إيران في «جنيف 2»، إذ قال إن مجرد قبول طهران الدعوة إلى حضور المؤتمر سيعني قبولها بيان جنيف الأول (عام 2012). وليس واضحاً ما إذا كانت صيغة الحل التي يطرحها الروس حالياً يمكن أن تسمح بحضور إيران، علماً أن ظريف نفسه كان قد حذّر قبل أيام الأطراف التي تعمل على عدم إشراك بلاده في «جنيف 2» بأنها «ستندم». وفي نيويورك، أكدت الأمانة العامة للأمم المتحدة تمسكها بالأولويات والأهداف التي حددها الأمين العام بان كي مون ل «جنيف 2» في رد غير مباشر على التحفظات التي أبلغها المعلم لبان في رسالة رسمية عن موقف حكومته من المشاركة في المؤتمر. وأكد فرحان حق الناطق باسم الأمين العام أن بان تسلّم الرسالة السورية، موقعة باسم المعلم، مكرراً ما كان قاله بان رداً على سؤال ل «الحياة» بأن «هدف مؤتمر جنيف2 هو تطبيق بيان جنيف1 وتشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة بالاتفاق المتبادل»، وأنه «على رغم وجود تفسيرات مختلفة لكن هذا ما على الدول والأطراف أن تعمل عليه وهذه هي الأولوية في المؤتمر». وكان المعلم قال في رسالته إلى بان والتي أبلغه فيها عزم حكومته على المشاركة: «إننا لا نوافق على عدد من النقاط الواردة في الرسالة كونها لا تتوافق مع الموقف القانوني والسياسي للدولة السورية ولا تلبي المصالح العليا للشعب السوري». وأضاف: «تبقى الأولوية للشعب السوري مكافحة الإرهاب... وتجفيف مصادره ومطالبة الدول الداعمة له بوقف تمويل وتسليح وتدريب وإيواء هذه المجموعات الإرهابية». وقال ديبلوماسي رفيع في مجلس الأمن إن «جنيف2» سينطلق في موعده، لكن «القلق الفعلي هو من اليوم التالي». وأوضح في لقاء ضيق أن «الأنظار ستتركز على الصعوبات التي ستواجه عملية التفاوض بين وفدي الحكومة والمعارضة في سورية، أي في اليوم الذي يعقب الجلسة الموسعة الرفيعة المستوى في 22 كانون الثاني (يناير) وبعد مغادرة كبار الوفود والإعلام لجنيف». وقال إن الممثل الخاص إلى سورية الأخضر الإبراهيمي «ليس لديه تصور واضح عن الإطار الزمني الذي ستستغرقه المفاوضات، ولا عما إن كان سيحتاج إلى دعم من مجلس الأمن بعد انطلاق المؤتمر». وشدد على ضرورة أن «يبادر الإبراهيمي إلى وضع أجندة المفاوضات وجدولها والعناوين التي ستتضمنها وألا يترك المبادرة للطرفين السوريين وأن يحافظ على مستوى منخفض للتوقعات». وأكد فرحان حق أن الأممالمتحدة «واثقة بأن المعارضة السورية ستشكل وفداً إلى جنيف2» وأن الأمانة العامة للأمم المتحدة «تريد من الطرفين الحضور والمشاركة في المفاوضات بجدية بناء على أسس المؤتمر وهي تطبيق بيان جنيف1». ويحسم «الائتلاف» المعارض في الساعات المقبلة قراره في شأن المشاركة، إذ يعقد اجتماعات لقيادته في إسطنبول. وتُعقد هذه الاجتماعات بعدما تعزز موقف رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا الذي حصر به بان تشكيل وفد المعارضة، كما تعزز موقفه بنص الدعوة التي وجهتها الأممالمتحدة للمشاركين والتي تلتزم تطبيق بيان جنيف الأول الذي يلبي هدف المعارضة بقيام هيئة حكم انتقالية تتسلم صلاحيات تنفيذية، بما في ذلك عن الجيش والاستخبارات. لكن أطرافاً مهمة من مكونات «الائتلاف»، مثل المجلس الوطني، ما زالت ترفض الحضور وتهدد بالانسحاب منه إذا ما شارك في «جنيف2». وأكدت الولاياتالمتحدة أن سفيرها في سورية روبرت فورد موجود في إسطنبول لمتابعة اجتماع المعارضة وحضها على أخذ قرار بالمشاركة.