يستحوذ المعمار الشعبي وجماليات الزخارف الشعبية على نصيب كبير من اهتمامات الفنان التشكيلي فهد خليف، وتطلعاته. تأثر في نمط المعمار الطاغي على منطقته الباحة، التي يعتبرها «تحفة فنية لم تعد موجودة». عاش طفولته «ببساطة» في قرية المكارمة (محافظة بلجرشي)، التي ولد فيها العام 1975. وتربى فهد في بيت جده، قبل أن ينتقل وعائلته إلى مسكن خاص. أتمت والدته تعليمها في «محو الأمية». فيما لم يكمل والده تعليمه، لانخراطه في العمل في سن مبكرة. وتأثر فهد، وهو الابن الأوسط بشقيقه الأكبر الذي يشغل منصب «كبير المهندسين» في الباحة. ولكنه شعر ب «الندم»؛ لعدم دخوله قسم الهندسة. إذ كان طالباً «شديد التفوق». لكن خليفاً، لم يجد «الدعم الكافي والتشجيع» من قبل أسرته. إذ وفر ألوانه وأدواته من مصروفه الشخصي، ومن معلمين وجدوا فيه «مشروع فنان صغير». ورسم «بالخفاء سراً». وكانت لوحته الأولى، وهو على مقاعد الدراسة، ومن جدة انطلقت روحه الفنية ليشرع في مركب الفن منذ 18 عاماً، بلا توقف نحو الفن «الرمزي التعبيري». وكان للبيئة الشعبية التي نشأ فيها خليف، تأثير واضح، في تعزيز مضامين إدراكه البصري، ما أدار نمط حياته، للاتجاه نحو الفن التشكيلي الذي انطلق من بوابة الكاريكاتير، في سن مبكرة. وقال فهد في حوار مع «الحياة»: «في مدينة الباحة، تمتع نظري بالحراك الفني الفطري الشعبي الاحترافي. وهناك الفن بالفطرة. وتميزت توجهاتي بالزخرفة على المكملات الخشبية في العمارة الشعبية». وانتقل فهد، إلى جدة «عروس البحر الأحمر». وكان الانطلاق نقطة التحول الأساسية في حياته كفنان تشكيلي يريد لفنه «فسحة من الحرية، ليس لها حدود». وذكر أنه «في العام 1416ه، عاصرت الفن التشكيلي في بيت الفنانين التشكيليين، وهم المجموعة التي يقف على سواعدها الفن التشكيلي في المملكة حاضراً، وفي ذلك الوقت لم أملك جل أدواتي الفنية التي اتسمت بالبساطة والالتزام في الرسم بالمدرسة الواقعية التي تصنع المهارة وتغيّب الإبداع لقلة الخبرة». الزخم التشكيلي في جدة والشرقية واعتبر خليف، جدة «الرقم الأول في صناعة الفن التشكيلي في السعودية، ونقطة تحول لأي فنان، لكونها تضم جنسيات مختلفة، وكان لنا نصيب من الدروس على يد أساتذة سودانيين وعراقيين. كان لهم الأثر الكبير في الفن التشكيلي في السعودية». ورتب هرم الفن التشكيلي في السعودية، بين جدة والشرقية من ناحية «الزخم»، تليهما الرياض، «والأخيرة حراكها التشكيلي أقل ما يتطلع له الفنانون، لكونها تعتمد على برامج وأنشطة من خلال وزارة الثقافة والإعلام. كما أن دور صالات العرض الخاصة محدود». ورأى خليف، الذي يجمع عدداً من المدارس في نهجه، في نفسه «مدرسة». وعلى رغم المحاولات لاستدراجه ووصف اعترافه ب «الغرور»، ألا أنه قال: «بتتبع الساحة التشكيلية؛ يظهر تأثيري، وانعكاس فني على الكثير من الفنانين، باعتراف آخرين. وهو ما يجعل إجابتي حول تخصص مدرستي ونوعها، صعباً جداً، لأنني كفنان مؤثر لا زلت أتأثر حتى بالجديد، وتخطى تأثر البعض بي إلى خارج السعودية، لأنني أعتمد اللون الأزرق بالتحديد، مستدركاً «أنا من مدرسة تعود إلى التعبيرية الرمزية، وتجمع التكعيبية، وخليطاً من مجموعة مدارس. وأصبح أسلوبي معروفاً ببصمتي حتى إن لم تتضمن لوحاتي توقيعاً». سقوط بغداد ووصف خليف، الفن ب«الإحساس»، مشيراً إلى أن ثلاثة معارض أقامها كانت بهذا الاسم، موضحاً أنه شعر أن «الفارق بين بداياتي وما انتهيت إليه، يتعلق بارتقاء حسي اللوني، والكوني، والأداء. ومعارضي خليط من أشياء داخلية، تفجرت لكثرة عناصرها، ولكوني من النوع الذي يبحث عن الإنسان بشكلٍ عام، وليس عن قضية بحد ذاتها». وذكر أنه «في ندوةٍ ما، تزامنت مع سقوط بغداد، كاد يغمى علي من هول الخبر. وحينها قررت حذف كل قنوات التلفاز، لأن بعض الأخبار تشعرني بالانزعاج، يُضاف إلى ذلك؛ أننا كمجتمع سعودي، نمتاز بالعاطفة. وأرى أن العمل الفني يجب أن يرتبط بالجمال، بدليل أن الإعلام يوجّه إلى الفنان سؤالاً محدداً، يتعلق بمفهوم اللوحة التي رسمها، ما يعني أن الإنسان لا يتذوق اللوحة، كما كان يقصدها الفنان، ولا أعتقد أن للظروف النفسية أثراً على إنتاج الفنان، بقدر تأثير الإجهاد، وعدم وجود مساحة وقتية لممارسة الفنان عطاءه، وهما أكبر قاتل للفنان « . وحول رأيه بما تقدمه وزارة الثقافة والإعلام، قال: «الوزارة لها دور كبير في مساندتي شخصياً، عبر طباعة الكتاب، والمشاركات الدولية». أما جمعية الثقافة والفنون؛ فرأى أنها «غير قادرة على طباعة بروشور لفنان. فيما الوزارة تقوم بجهد جبار لخدمة الفنانين من خلال المسابقات السنوية، وربما انتقدها في لجان التحكيم. إذ يجب أن يغيروا للتنويع. وينبغي اختيار ممارسين للفن، وليس مجرد أكاديميين هم سبب عدم تطور الفن التشكيلي».