أطلق وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي أمس أقوى إشارة إلى استعداده للترشح للرئاسة نزولاً عند مطالبات بخوضه الانتخابات المقبلة المتوقع إجراؤها بعد إقرار وثيقة الدستور التي سيُستفتى عليها المصريون الثلثاء والأربعاء المقبلين. وشدد السيسي خلال حضوره ندوة نظمتها إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة رداً على مطالب الحضور بإعلانه خوض الانتخابات، على أن «ما يريده الله سيكون» وقال: «المصريون لما يقولوا حاجة سننفذها وأنا لا أعطي ظهري لمصر أبداً». وضجت قاعة مسرح الجلاء الذي استضاف اللقاء بالتصفيق ووقف الحضور من العسكريين والمدنيين حين قال الضباط المسؤول عن إدارة الندوة: «الجيش لا يبخل بقائده العام على الشعب ومصر رغم تمسكهم به قائداً لهم»، مطالباً السيسي بالترشح للرئاسة، وتعالت الصيحات التي تحض وزير الدفاع على النزول عند إرادة الشعب، ووقف فنانون ومثقفون يطالبونه بالترشح، فرد السيسي: «لا يمكن أحداً أن يتكلم باسم الشعب... المصريون عندما أرادوا التغيير نزلوا إلى الشوارع والميادين (لكن) هذه ليست دعوة لنزول المصريين، ولكن دعوة إلى ضرورة ألا يتحدث أحد باسم المصريين». وحين ألح الحضور على وزير الدفاع لإعلان ترشحه، قال: «ما يريده الله سيكون... الحكم عقد بين الحاكم والمحكومين. أنا بين رجالي في القوات المسلحة نعمل منذ الساعة الخامسة صباحاً... المصري الموجود في المستشفى والمصنع سيعمل من الخامسة صباحاً؟. مصر تحتاج إلى العمل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية». ودعا السيسي المصريين إلى «المشاركة بقوة» في الاستفتاء على تعديل الدستور. وقال: «أوجه حديثي لأمي وأختي وابنتي، وأقول لهن عندما طلبت تفويضاً لمواجهة العنف والإرهاب المحتمل، نزل المصريون وأبهروا العالم، وأنا اليوم أدعوهم إلى تكرار التجربة والسعي إلى التصويت على الدستور الجديد والتوجه إلى لجان الاقتراع لرسم مستقبل مصر، حتى يعلم العالم قدر بلدنا ومكانتها بين الأمم»، مضيفاً: «أرجوكم لا تحرجوا الجيش ولا تحرجوني أمام العالم... نريد أن نرى مصر وأهلها في عملية الاستفتاء على الدستور». وأظهرت دعوة السيسي أن الحكم الموقت يراهن على نسبة اقتراع عالية في معركته ضد «الإخوان» وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، إذ إن تصريح السيسي هو الأول الذي يحض فيه على المشاركة، غير أنه حرص على عدم توجيه المواطنين بالتصويت بنعم أو لا، ما يشير إلى أن الحكم يرغب في نسبة مشاركة عالية لكشف ضعف تأثير «الإخوان» ودعواتهم لمقاطعة الاقتراع. وفي ما بدا أنه محاولة لطمأنة المواطنين، شدد السيسي على أن الجيش سيؤمن عملية الاقتراع، وأن أحداً لن يتمكن من إيذاء الناخبين، مؤكداً أنه «سيتم اتخاذ أعلى درجات الشدة والحزم، لأننا نؤمّن أهلنا». وانتقد السيسي جماعة «الإخوان المسلمين» من دون تسميتها وقال: «الناس عندما تتصور أنهم حراس على الدين والعقيدة فهذا أكبر خطر... ما يوجه للدين في الوقت الراهن من إساءة أمر غير مقبول على الإطلاق وتجب مواجهته وتصحيح الصورة بشكل عام عن الإسلام في الداخل والخارج»، مضيفاً: «التيار الذي كان يحكم الدولة لم يكن أبداً يعرف معنى التنظير لإسلام الدولة ومدى التطور الإنساني... الإشكالية لدى هؤلاء أنهم لا يعرفون أن إسلام الجماعة لا يستطيع أن ينجح في إدارة دولة». وفند الأزهر أمس مآخذ «الإخوان» على الدستور ومزاعم مخالفته الشريعة الإسلامية. وقالت هيئة كبار العلماء في بيان، إن «الأزهر شارك في لجنة إعداد مشروع الدستور بفريق من علمائه، واطمأن إلى أنه ليس فيه ما يخالف دين الله تعالى أو أحكام الشريعة الإسلامية، وما كان لعلماء الأزهر أن يقروا شيئاً يخالف دين الله». وأهاب الأزهر بالشعب ألا يلتفت إلى الفتاوى التي تحرم الخروج للاستفتاء أو تبيح الدماء، لأنها فتاوى «باطلة شرعاً وعقلاً».