دعا وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي المصريين إلى «المشاركة بقوة» في الاستفتاء على تعديل الدستور المقرر يومي الثلثاء والأربعاء المقبلين، فيما كثفت جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها من الحملات لحض الشعب على مقاطعة الاقتراع. وأظهرت دعوة السيسي أن الحكم الموقت يراهن فعلاً على نسبة اقتراع عالية في معركته ضد «الإخوان» وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، إذ إن تصريح السيسي هو الأول الذي يحض فيه على المشاركة، غير أنه حرص على عدم توجيه المواطنين بالتصويت بنعم أو لا، ما يشير إلى أن الحكم يرغب في نسبة مشاركة عالية لكشف ضعف تأثير «الإخوان» ودعواتهم إلى مقاطعة الاقتراع. وقال السيسي، خلال ندوة نظمتها إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة حضرها رئيس «لجنة الخمسين» لإعداد الدستور عمرو موسى، إن «مصر على أعتاب مرحلة فارقة من تاريخها ينتظر نتائجها العالم لتنفيذ أولى خطوات خريطة المستقبل بعد ثورتين فريدتين أبهرتا العالم بسلميتهما وطموحهما وبالعلاقة الوثيقة بين الشعب المصري وجيشه الوطني القوي الذى تحمّل أمانة الوطن طوال مراحل التاريخ». ودعا الشعب المصري إلى «تحمل المسؤولية الوطنية والنزول والمشاركة بقوة في الاستفتاء على مشروع الدستور لتصحيح المسار الديموقراطي وبناء دولة ديموقراطية حديثة ترضي جميع المصريين». وفيما بدا أنه محاولة لطمأنة المواطنين، طالب السيسي قوات الجيش باليقظة الكاملة واتخاذ كل التدابير والإجراءات اللازمة لحماية المواطنين وتهيئة المناخ الآمن لهم للتعبير عن آرائهم بحرية كاملة خلال عملية الاستفتاء، مؤكداً أن حماية الدولة ستبقى أمانة في أعناق القوات المسلحة التي لن تتهاون والشرطة في حماية المواطنين «والتصدي بكل قوة وحسم ضد من تسوّل له نفسه العبث بمقدرات مصر ومستقبل شعبها». وتحدث خلال الندوة عمرو موسى، مؤكداً أن الدستور الجديد «يحمي إرادة الوطن، ويصون الحريات، ويضع الأساس لبناء دولة حديثة تحقق المساواة بين الجميع من دون أي تمييز، ويغلق الباب أمام أي استبداد أو فساد، ويفتح أمامنا طريق المستقبل لنكتب تاريخاً جديداً للإنسانية». وخاطب السيسي قائلاً: «نشعر بالتقدير للدور الذي قامت به القوات المسلحة، حيث منعت حرباً أهلية كانت حتمية، بانحياز الجيش إلى مطالب الشعب وهو ما دعا بعض المواطنين إلى توجيه الثقة لشخصك. يعبر المصريون عن هذا بأساليب كثيرة... هذه مسؤولية تقع عليكم وتضعكم أمام اتخاذ قرار خطير الكل ينتظره (في إشارة إلى قرار خوضه انتخابات الرئاسة) وعلى أساسه ستترتب مسؤوليات وأوضاع كثيرة تصب في مستقبل مصر». وأعلنت القوات المسلحة اتخاذها الاستعدادات كافة لتأمين الاستفتاء والتصدي للتهديدات والمواقف الطارئة التي يمكن مجابهتها خلال الاقتراع. وأكدت وزارة الدفاع، في بيان، «اتخاذها كل الإجراءات التي من شأنها توفير المناخ الآمن لإجراء الاقتراع». ويحق ل 52 مليوناً و742 ألفاً و139 مواطناً التصويت في استفتاء الدستور من خلال 30317 لجنة عامة وفرعية ومقراً انتخابياًَ سيشارك في تأمينها أكثر من 160 ألف ضابط ومجند في الجيش، إضافة إلى أكثر من 100 ألف ضابط وجندي في الشرطة. وأوضحت وزارة الدفاع أن عناصر مشتركة من الجيش والشرطة نفذت بيانات عملية وأنشطة تدريبية لأنسب أسلوب لتأمين لجان ومقار الاستفتاء، بمشاركة القوات الجوية وقوات خاصة من الصاعقة والمظلات والشرطة العسكرية. وتضمنت التدريبات كيفية التصدي لأعمال فض الشغب والتعامل مع التظاهرات ومحاولات تعطيل الاستفتاء، وفقاً لأساليب قانونية تبدأ بإطلاق التحذيرات وتتدرج من استخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع إلى استدعاء الاحتياطات القريبة في حالة تطور الموقف للقبض على مثيري الشغب مع الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس. كما تضمن التدريب «كيفية مجابهة التهديدات الإرهابية المحتملة» وأعمال الإسعاف والإخلاء الطبي للحالات الحرجة باستخدام الإسعاف الطائر. في غضون ذلك، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الانتهاء من ترتيبات الاقتراع بتوزيع 13 ألفاً و867 قاضياً للإشراف على كل اللجان. وقال عضو الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات المستشار مدحت إدريس إن عملية الاستفتاء ستجرى من خلال 352 لجنة انتخابية عامة على مستوى الجمهورية، تتولى الإشراف على اللجان الفرعية، بحيث يتولى رئاسة كل لجنة عامة قاض بدرجة رئيس بمحكمة الاستئناف، يعاونه عدد من أعضاء الهيئات القضائية المختلفة. وأوضح أن رؤساء اللجان الفرعية سيتسلمون اليوم وغداً من المحاكم الابتدائية التابعة لها لجانهم، كل الأوراق والاستمارات والأحبار الفوسفورية وسائر مستلزمات عملية الاقتراع، لافتاً إلى أن الحد الأقصى لأعداد الناخبين في كل لجنة سيكون 2000 ناخب، تيسيراً على المواطنين. في المقابل، كثفت جماعة «الإخوان» وحلفاؤها في «تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي من حملة مقاطعة الاقتراع. وقال التحالف في بيان: «أيها المترددون في وقت الحسم: «لا» باتت تساوي «نعم»، وإرهاب الانقلاب لم يعد يفرّق بين مقاطع ورافض، فساووا الصف ووحدوا كلمتكم وقاطعوا». كما نشر التحالف والجماعة بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي كلمات لأهالي قتلى من أنصار مرسي في مواجهات مع الشرطة تدعو إلى مقاطعة الاستفتاء على «دستور الدم»، بحسب ما سموه. ونفى حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان» ما تردد عن تقديم التحالف «مبادرة للصلح». ونقل عن قيادي فيه القول إن «الثورة لم تفوض أحداً للتفاوض باسمها، ولا مكان لأحد أياً كان بين التحالف، إذا ما ذهب للتفاوض مع القتلة المجرمين». وأعلن الحزب «المصري الديموقراطي الاجتماعي» اعتزامه خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة في تحالف إما مع حزب «الوفد» أو «المصريين الأحرار» أو كليهما. وقال الحزب في بيان إن الهيئة العليا للحزب وافقت على القرار بنسبة تربو على 82 في المئة. من جهة أخرى، استمعت محكمة جنايات القاهرة أمس إلى شهادة اللواء محمد فريد التهامي رئيس الاستخبارات العامة في قضية اتهام الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم بقتل المتظاهرين وفساد مالي. وشغل التهامي منصب رئيس هيئة الرقابة الإدارية إبان اندلاع «ثورة يناير» 2011. وتأخر مبارك عن جلسة محاكمته أمس لساعات «لسوء الأحوال الجوية»، على ما أعلنت السلطات، قبل أن يلحق بها لسماع جزء من شهادة التهامي.