«SOS» في حاجة إلى عشرين ليتراً من الدَم من فئة «أو سالب» O-. تأجّلت الجراحة العاجلة بسبب نقص المتَبَرّعين بالدَم. الطفلة بين الحياة والموت. المريض تلقى الصفائح والبلازما المطلوبة ويشكر المتَبَرّعين». تمتلئ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بنداءات واستغاثات للتَبَرّع بالدَم. وهناك شباب مصري يعطي من وقته ساعات عدّة يومياً لنشر هذه النداءات وتنقيحها وتحديثها، والعمل على الوصل بين المتَبَرّعين والحالات الحرجة المحتاجة لهم. الحاجة تخترع «فصيلتي» التقت «الحياة» ثلاثة متطوعيّن يشرفون على مواقع وحملات ومجموعات على «فايسبوك» و «تويتر». وأوضحت المهندسة سمر علي أنّها عملت مع صديقتها رشا أشرف في العام 2011، على تطوير تطبيق رقمي يوضع على الهواتف النقّالة ويتخصّص بمسألة التَبَرّع بالدَم. وسمّت التطبيق «فصيلتي» Faselty. ويهتمّ التطبيق بمعلومات تتعلّق بمكان وجود المتَبَرّع والمستشفى وبنك الدَم وفصيلتي دم المُتَبَرّع والمريض. وأضافت: «دخلنا في عملية عصف ذهني لكتابة تفاصيل التطبيق. وحينها، كانت هناك مسابقة لتطوير شكل مبدئي للتطبيق، وفازت فكرتنا بالجائزة». في منتصف 2012 عَمِلَت المُهندِسَة علي بنصيحة أحد الناشطين في مجال العمل الخيري في الجامعة الأميركية في القاهرة. وذَهَبَت إلى مستشفيات عدة، خصوصاً تلك التابعة لجامعة المنصورة. «كانت الطامّة الكُبرى أن نظام تسجيل أسْماء المُتَبَرّعين يجري ورقيّاً. لذا، تغيّرَتْ فِكْرَة تطبيق «فصيلتي» لتتمحوّر حول نظام إلكتروني لبنوك الدَم، يكون متّصِلاً بقاعدة بيانات المُتَبَرّعين الذين يجري التواصل معهم في حال نقص فصيلة معينة، باستخدام الخليوي عبر التطبيق المذكور أو بواسطة الرسائل النصيّة القصيرة». وحاضراً، تعمل علي وصديقتها على نسج شراكة مع إحد المستشفيات الحكوميّة الكبيرة في القاهرة. «عند ورود استغاثة على الانترنت أو عبر الهاتف، يعاد نشرها على «تويتر» عبر خدمة «ريتويت» أو باستخدام ميّزة المشاركة «شير»، مع التشديد على وضوح اسم المُرسِل. ثم ينشر النداء نفسه على الحسابات الخاصة بكل مجموعة عمل، مع تنقيحه ليصبح أكثر بساطة ووضوحاً» بحسب كلمات المُهندِسَة علي. ولاحَظَت هذه الشابّة تجاوباً أكثر على «تويتر» بالمقارنة مع «فايسبوك» في إعادة نشر النداءات، لكن هذا لا يعني بالضرورة العثور دوماً على مُتبَرّع بالدم. ويعتبر الزحام في القاهرة وبعض المحافظات المصرية الأخرى، من أهم المشاكل التي تعرقل وصول المتَبَرّع إلى المريض، إضافة إلى مخاوف المتَبَرّعين المحتملين من احتمال بيع حصيلة التَبَرّع. وأشارَت علي إلى أن أفضل وقت لنداءات التَبَرّع يكون في قرابة الساعة السادسة أو السابعة مساءً في مصر بالنسبة إلى «فايسبوك»، أما بالنسبة إلى «تويتر، فهو الثانية ظهراً! الإناث «يغرّدن» أكثر عند ورود استغاثة، يعمل تطبيق «فصيلتي» على صوغها باللغة العربية الفصحى مع إضافة وسم EgyBlood# ، كما تستخدم الصور أحياناً في نداءات الاستِغاثة، نظراً الى قدرتها على تجميع تفاصيل كثيرة في مساحة واحدة. ويستطيع تطبيق «فصيلتي» إجراء تحديث دوري تلقائيّاً وعمل إحصاءات عن نسب فصائل الدَم في كل منطقة. وثمة من يهتم ببث رسائل عن فوائد التَبَرّع بالدَم، مع نصائح عن المآكل التي تساعد على الحفاظ على نسبة الحديد مرتفِعَة في الدَم. واكتشفت علي أن النساء أكثر تجاوباً في النشر وإعادة التغريد لنداءات التَبَرّع، خصوصاً إذا تعلّق الأمر بحال حرجة أو الحاجة إلى فصيلة دم نادِرَة. في السياق عينه، أوضح أحمد زغلول، القائم على مجموعة متخصّصة في نداءات التَبَرّع بالدَم، أن الفكرة بدأت في العام 2008. «حينها، طلب أحد اصدقائي مساعدته في ايجاد مُتَبَرّعين من فصيلة نادرة، ولاحظت أن الراغبين في ايجاد متَبَرّع يبحثون عن «بنك الدَم المصري» الذي لم يصنع له موقعاً على الإنترنت! قرّرت إنشاء صفحة إلكترونيّة تحمل هذا الإسم، ومجموعة مماثلة على «فايسبوك». وكرّرت الأمر نفسه على «تويتر» في مطلع 2011». ولنشر الاستغاثات، يستخدم المشرفون على مجموعات «فايسبوك» المُكرّسة للتَبَرّع بالدّم القائمون على مجموعات التَبَرّع بالدَم تطبيق «دلِفَر. إت» dlvr.it ما يضمن أن يراها افتراضيّاً نحو 200 ألف مستخدم على «فايسبوك»، و12 ألفاً على «تويتر». وأوضح زغلول أن «فايسبوك» يكون في أعلى حالات نشاطه قرابة الساعة ال9 مساءً، أما «تويتر» فينشط في أوقات غير متوقّعة، كوقت الذهاب إلى العمل والعودة منه، ثم بداية من التاسعة مساء وحتى الثانية والنصف صباحاً، ثم يعود لينشط وقت صلاة الفجر وحتى السابعة صباحاً. وأشار زغلول إلى استخدامه في فترة الصباح، وسم «بيقولّك» الذي يتتبعه المستخدمون لمعرفة حركة المرور، فيما يستعمَل وسم «مصر» بالعربية والانكليزيّة، في بقيّة اليوم. وأضاف زغلول أن هناك فصائل نادرة بطبيعتها، وفي أوقات الأزمات يطول العجز الفصائل كافة، خصوصاً إذا صودف وقوع حوادث واشتباكات كبيرة في مناطق متقاربة جغرافيّاً. وأشار إلى أنه يتأكد بنفسه من أن الدَم المطلوب لا يستخدم لأغراض تجارية، مشيراً إلى أن لديه قائمة سوداء لمستشفيات تعمل بالاتجار في الدَم. وبحكم الخبرة، استنتج زغلول أن الاستجابة على «فايسبوك» تكون متساوية بين الجنسين تقريباً للفئة العمريّة ما فوق 25 عاماً، وللرجال أكثر في الفئة تحت ال 25 عاماً، أما على «تويتر» فإن استجابة النساء تقارب 60 في المئة تقريباً و40 في المئة للرجال. محمود عبدالعزيز، هو مصري مغترب، لكن هذا لم يمنعه من إنشاء حساب للتَبَرّع بالدَم، وهو ينشط في مجموعات عدة على «فايسبوك»، بل يشارك في إدارة بعضها. وأوضح عبدالعزيز انه بدأ نشاطه بالتزامن مع بقيّة أفراد المجموعة. وعملوا على شرح الفكرة للمستخدمين، خصوصاً على «تويتر» وصفحات المشاهير مِمَن لديهم متابعون كُثُر. ويحاول مع مجموعته جعل التَبَرّع بالدَم ثقافةً وليس سلوكاً عابِراً. ويعتبر عبدالعزيز أن هذه الجهود صارت منتظمَة وملحوظة أيضاً، بل تستقطب مزيداً من المهتمين. وأورد أن كثيراً من الناس يُقبِلون فعليّاً على التَبَرّع كل 3 أو 4 شهور، وبعضهم يفضل توجيه التَبَرّع إلى مرضى «أنيميا البحر المتوسط» أو المُصابين بسرطان الدم «لوكيميا».