هدد رئيس ائتلاف «متحدون»، الذي يضم قوى سنية، باتخاذ موقف حاسم من العملية السياسية على خلفية الأحداث التي أشعلها اعتقال النائب عن الائتلاف أحمد العلواني، فيما ترددت أنباء بأن وزير الدفاع العراقي وكالة سعدون الدليمي تعهد بإطلاق سراح العلواني إذا وافقت عشائر الأنبار على فض ساحة الاعتصام في الرمادي. وقال الوزير في دار الضيافة التابع لمجلس محافظة الأنبار قبل انضمامه إلى اجتماع للحكومة المحلية، إنه في حال وافقت العشائر على رفع خيام ساحة الاعتصام من مكانها الحالي قرب الطريق الدولي إلى مكان آخر والتعهد بمنع العناصر المشبوهة من دخول ساحة الاعتصام، فإنه يتعهد بإخلاء سبيل النائب أحمد العلواني وانسحاب الجيش من المدن. ومن جهة أخرى، دعا رجل الدين السني البارز عبد الملك السعدي إلى الدفاع عن مدينتهم في حال تعرضوا لاعتداء. وأضاف السعدي في بيان أمس: «ندين الاعتداء على منزل العلواني واعتقاله وقتل شقيقه، وندعو الجميع إلى التوحد والاستعداد للدفاع عن المحافظة، كما ندعو علماء الدين وشيوخ العشائر والوجهاء إلى عقد اجتماع عاجل للنظر في هذه التحديات التي تواجه المحافظة والاستهوان بها». وكان علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، نفى أمس وجود مفاوضات لإطلاق سراح العلواني، مؤكداً أن الأخير أصبح «بيد القضاء» الذي سيقول كلمته، فيما قال رئيس كتلة «متحدون» في البرلمان، سلمان الجميلي في تصريح ل «الحياة»، إن «هناك اتصالات مع أطراف سياسية كثيرة مقربة من الحكومة تحاول إيجاد مخرج سلمي للأزمة الراهنة، ونأمل أن تتمكن من ذلك قبل فوات الأوان». وكشف الجميلي عن اجتماعات تجري بين قادة ائتلاف «متحدون» الذي يتزعمه رئيس البرلمان أسامة النجيفي، و»المجمع الفقهي» وقادة الاعتصام في الأنبار «لاتخاذ موقف نهائي وحاسم من العملية السياسية إذا لم تنجح تلك الوساطات. وأضاف أن «المفاوضات تتركز بشكل أساسي على إطلاق سراح النائب أحمد العلواني، أما بخصوص فض ساحة الاعتصام، فإن مجلس الأنبار وقادة الاعتصام هم من يقوم حالياً بمفاوضات اللحظات الأخيرة»، مشيراً إلى وجود تطمينات لإطلاق العلواني قريباً. وعلمت «الحياة» من مصدر مطلع في الأنبار، أن «العشرات من قادة الاعتصام غادروا الأنبار بالفعل بعد أن ضربت القوات الأمنية طوقاً بعيد نسبياً من ساحة الاعتصام التي يتوقع أن يتم اقتحامها خلال ساعات إذا ما أخفقت الوساطات السياسية في حل الأزمة». ورجح المصدر أن تتم عملية إخلاء الساحة قبل وصول القوات العراقية إليها في حال قرر رئيس الحكومة نوري المالكي فض الاعتصام بالقوة». وكشف أن «زعيم صحوة العراق الشيخ أحمد أبو ريشة المتواجد في العاصمة منذ يومين يواصل اجتماعاته مع قادة الائتلاف الوطني لبحث ملفات المتهمين بالإرهاب من قادة الاعتصام وبينهم ابن شقيقه محمد خميس أبو ريشة والنائب أحمد العلواني، إضافة إلى الشيخ علي حاتم سليمان». وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي في اتصال هاتفي مع «الحياة» إن «حشوداً عسكرية تتوافد على محافظة الأنبار على خلفية اتخاذ الحكومة المركزية قراراً بفض الاعتصامات بالقوة»، مبيناً أن «اجتماعاً عقد بعد منتصف ليلة أمس بين محافظ الأنبار ورئيس مجلسها مع وزير الدفاع سعدون الدليمي تم الاتفاق خلاله على منح فرصة أخيرة للتوصل إلى حل سلمي لرفع الاعتصامات في الأنبار أو نقلها إلى مكان آخر لحفظ دماء الطرفين». وأضاف أن «الحشود العسكرية المحيطة بالفلوجة والرمادي التي استقدمت من خارج المحافظة، ستنسحب في حال التوصل إلى اتفاق سلمي». ورفض متظاهرو محافظة الأنبار التفاوض مع الحكومة تحت ضغط السلاح وانتشار القوات الأمنية قرب ساحات الاعتصام. وقال العيساوي إن «الاجتماع شدد على ضرورة التهدئة بين قوات الجيش والمعتصمين»، مضيفاً أن «تفاهمات أولية قضت بانسحاب قوات الجيش من مراكز المدن في الرمادي والفلوجة». واشار إلى أن «التفاهمات تضمنت رفع خيم المعتصمين بعد انسحاب القوات الأمنية وإطلاق سراح النائب العلواني»، وأكد أن «على قوات الجيش الالتزام بالانسحاب من مراكز المدن خلال ثلاثة أيام». وقال عضو اللجنة التنسيقية لتظاهرات الفلوجة الشيخ محمد البجاري ل «الحياة»، إنه «لا ممثل شرعياً عن متظاهري الفلوجة حضر اجتماع اليوم (أمس)»، ووصف شيوخ العشائر الحاضرين بأنهم شيوخ لا علاقة لهم بالتظاهرات». وأضاف البجاري أن «قوات أمنية مدرعة تنتشر في الفلوجة بينها دبابات واقفة على الطريق الرابط بين الرمادي والفلوجة»، وأشار إلى أن «عشائر البوعلوان التي ينتمي إليها النائب العلواني قطعوا مسافة عشرة كيلومترات للوصول إلى ساحة اعتصام الفلوجة وهم في حالة غاضب». وكشف عن اجتماع عقد في الفلوجة ظهر أمس مع أعضاء في المجمع الفقهي العراقي الداعم للتظاهرات، جرى خلاله التأكيد على رفض التفاوض مع الحكومة في ظل وجود قوات الأمن قرب ساحات الاعتصام. وفي الرمادي قال عضو اللجنة التنسيقية للتظاهرات في المحافظة عبد الحميد العاني ل «الحياة»، إن عدداً من ابناء العشائر في المحافظة هددت برفع السلاح في حال عدم إطلاق سراح النائب العلواني. وقال العاني إن «ساحات الاعتصام شهدت تواجد الآلاف من أهالي المحافظة، خصوصاً من أبناء العشائر مطالبين بإطلاق سراح العلواني وإبعاد الجيش عن المدينة». وقال عبد الملك السعدي إن «الحكومة لا تستسيغ المطالبة بالحقوق، لتبقى متمادية في إجراءاتها التعسفية والتهميشية مع هذا المكوّن من العراقيين، وإن من يطالب بحقه أو حق المظلومين مصيره الموت على أيد ميليشيات الحكومة التي تقوم بالإرهاب». وأضاف «أتوجه إلى أسر الشهداء جميعاً وإلى قبائلهم وأهل الأنبار والسنة جميعاً بأحر التعازي، وأن يعجل في الثأر لهم ممن قام باغتيالهم ومهاجمتهم على أساس طائفي مقيت ومفرق». إلى ذلك تضاربت الأنباء في شأن الإفراج عن النائب العلواني، فيما نشرت وزارة الدفاع بياناً عن تفاصيل اعتقاله جاء فيه أنه «ضمن خطة إعادة الأمن والاستقرار ومتابعة تنظيمات القاعدة والمطلوبين قضائياً في الأنبار، قامت قوة أمنية فجر السبت بتنفيذ الأمر القضائي الصادر بحق المتهم المطلوب بقضايا وجرائم إرهابية المدعو علي العلواني شقيق النائب العلواني». وأضاف: «عند وصول القوة إلى دار المدعو فوجئت بفتح نيران كثيفة من مختلف الأسلحة من قبل أحمد العلواني وشقيقه المتهم المطلوب قضائياً وحماياتهم الشخصية ما أدى إلى استشهاد أحد أفراد القوة المكلفة بالواجب وجرح خمسة آخرين، ووفقاً لقواعد الاشتباك القريب، فردت القوة بالمثل وتمت إصابة المتهم المطلوب قضائياً علي العلواني واثنين من حمايتهم، وتم نقلهم إلى المستشفى والقي القبض على النائب أحمد العلواني بالجرم المشهود».