أثار اعتقال النائب عن القائمة العراقية أحمد العلواني، أحد أبرز السياسيين المؤيدين لاعتصام مدينة الرمادي في محافظة الأنبار ضد حكومة نوري المالكي، جدلاً بين البرلمانيين، وهاجم النواب السنّة العملية ووصفوها بغير المشروعة لكون النائب يتمتع بحصانة. وأعلنت قائمة «متحدون للإصلاح» التي يتزعمها رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، عن تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في عملية اعتقال النائب العلواني، بعد أن تأكد ما نشرته مواقع عراقية مؤيدة لرئيس الوزراء نوري المالكي، على موقع «فيسبوك» عن اعتقال قوة قادمة من بغداد فجر أمس النائب العلواني في منطقة الجزيرة قرب الرمادي. ونُشِرَت صورة النائب وهو يتلقى العلاج بعد إصابته بجروحٍ في بطنه، وأفيد بأن اشتباكاً وقع بين القوة وأفراد حماية العلواني وأقاربه، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص بينهم شقيقه وإصابة سبعة آخرين. وذكرت قناة العراقية شبه الرسمية أن النائب أحمد العلواني سلم نفسه بعد أن نفدت ذخيرته، نقلاً عن مصدر في جهاز مكافحة الإرهاب. وكانت وزارة الدفاع أوضحت في بيانٍ لها أمس أنه «عند وصول القوة الأمنية المكلفة باعتقال شقيق العلواني، المدعو (علي سليمان العلواني)، إلى دار المتهم فوجئت بفتح نيران كثيفة من مختلف الأسلحة من قِبَل النائب العلواني وشقيقه المطلوب قضائياً وحمايتها الشخصية، ما أدى إلى مقتل أحد أفراد القوة المكلفة بالواجب وإصابة خمسة منها». وتابع البيان أنه «وفقاً لقواعد الاشتباك القريب، ردت القوة بالمثل وأصيب المتهم المطلوب قضائياً (علي سليمان جميل مهنا العلواني)، واثنان من حمايته تم نقلهما إلى المستشفى وإلقاء القبض على أحمد العلواني بالجرم المشهود». في الوقت نفسه، كشفت مصادر برلمانية ل«الشرق» عن نقل النائب العلواني إلى المنطقة الخضراء واحتجازه في معسكر شرف التابع لوزارة الدفاع للتحقيق معه في ما نُسِبَ إليه من اعترافات عن تمويله نشاطات القاعدة وتسهيل نقل سيارات مفخخة من وإلى ساحات الاعتصام ضد نوري المالكي، في وقتٍ ما زالت ردود الأفعال البرلمانية تتصاعد ما بين التنديد بعملية الاعتقال من دون أمر قضائي، ما ينزع عن العلواني الحصانة البرلمانية، وتأييدٍ للعملية باعتبار أنها إلقاء قبض بالجرم المشهود. وأكد النائب عن ائتلاف دولة القانون إحسان العوادي، أن «النائب أحمد العلواني متهم بقضايا إرهابية». واعتبر أن الحصانة البرلمانية لا تسري عليه كونها تُمنَح للنائب الذي يمارس عمله النيابي، والعلواني منقطع عن البرلمان منذ أكثر من سنة وفي حكم المفصول عنه، مذكِّراً بأن «الحصانة البرلمانية تسري على الجنح فقط ولا تسري على الجناية فما فوق، والعلواني متهم بقضايا كثيرة منها التحريض على العنف الطائفي والارتباط بأجندات خارجية وبالمجاميع المسلحة الإرهابية، لذا فإن الحصانة لا تشمل النائب المتهم بهذه القضايا، بل تشمل من اتُّهِمَ بجنحة فقط». لكن زميل العوادي في التحالف الوطني، فرات الشرع، انتقد هذه العملية ووصفها بأنها «غير صحيحة تماماً»، منبهاً إلى أهمية أن «تعمل جميع مؤسسات الدولة في الإطار المرسوم لها بمهنية عالية، وأن لا تتجاوز حصص مؤسسات أخرى». واعتبر الشرع، وهو نائب برلماني عن المجلس الإسلامي الأعلى، أن «تدخل القوات العسكرية في مهام مدنية واعتقال النائب العلواني أمر غير صحيح». في الإطار نفسه، استنكر ائتلاف (متحدون) بزعامة رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، اعتقال أحمد العلواني، عاداً ذلك «تغليباً للعنف والتطرف»، وفيما حذر من الموجة «المتطرفة» المضادة للحوار، دعا إلى الإفراج فوراً عن العلواني وضبط النفس وفتح تحقيق مع الجهة التي «هاجمت» منزل النائب المقبوض عليه. ودانت القائمة العراقية اعتقال نائبها أحمد العلواني واغتيال شقيقه في محافظة الأنبار، وقال رئيس الكتلة النيابية ل»العراقية» سلمان الجميلي، إن عملية اعتقال العلواني واغتيال شقيقه قضية تندرج ضمن إطار العملية الانتخابية من خلال شحن الشارع طائفياً دون النظر إلى انعكاسات تلك الإجراءات على مستقبل البلاد. وطالب الجميلي، في بيانٍ له أمس، بإطلاق سراح النائب وتشكيل لجنة للتحقيق في اغتيال شقيقه، داعياً أهالي محافظة الأنبار إلى التعامل بحكمة وتفويت فرصة النيل منهم على من وصفهم بأعداء البلاد. ومن القائمة نفسها، عدّت النائبة لقاء وردي اعتقال زميلها العلواني، الذي يتمتع بحصانة برلمانية كاملة، مؤشراً خطيراً على أن جميع النواب مستهدفون، وهذا سيؤدي إلى أن يكون النواب مقيدي الكلمة والرأي. ورأت وردي أن «هذه الخطوة من قِبَل الحكومة تعطي دليلاً واضحاً على أنها لا تحترم أحداً ولا تحترم التعهدات إن كانت من السياسيين أو رؤساء العشائر»، مشددةً على أن عقد مؤتمر لحل الأزمة أفضل من المواجهة وسقوط ضحايا، خاصة أن المسألة ستأخذ طابعاً عشائرياً كون المجتمع الأنباري عشائرياً قبلياً. كردياً، عدّ النائب عن التحالف الكردستاني شريف سليمان، عملية اقتحام منزل العلواني واعتقاله ومقتل شقيقه «أمراً غير شرعي»، محذراً من أن «إقحام الجيش في الأمور السياسية فيه كثير من الحساسية، ونأمل إبعاد الجيش عنها، إذ إن الدستور يؤكد على عدم إقحام الجيش في الأمور السياسية». وفي الفلوجة، تظاهر العشرات من أهالي المدينة أمس للمطالبة بإنهاء حظر التجوال في محافظة الأنبار، وطالبوا بإيقاف كافة «الإجراءات التعسفية» التي يتعرض لها معتصمو الفلوجة والرمادي، في حين هددوا بتحويل تظاهراتهم إلى اعتصام مفتوح في حال عدم تنفيذ مطالبهم.