أجمعت مؤسسات مالية وخبراء ألمان أخيراً على أن ألمانيا ستشهد عامي 2014 و2015 نمواً اقتصادياً جيداً، وأعلن مسؤولو المصرف المركزي الألماني ومعهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية في ميونيخ، ومركز الدراسات الاقتصادية الأوروبية «زد أي في» في مانهايم، أن اقتصاد البلد يسير بوضوح في اتجاه تحقيق نمو اقتصادي ملموس. وأفاد تقرير صادر عن المصرف المركزي الألماني مطلع هذا الشهر بأن الخبراء ينتظرون انتعاش اقتصاد البلد في العامين المقبلين رافعاً تقديره لمعدل النمو المنتظر عام 2014 من 1.5 إلى 1.7 في المئة، وعام 2015 إلى اثنين في المئة في حين أن النمو هذا العام لن يتجاوز ال 0.5 في المئة. ولفت «المركزي» في تقريره الشامل إلى أن معدل النمو، وحجم العمالة والأجور في البلد، «ستسجل ارتفاعاً، وستحقق موازنة الدولة توازناً، وربما فائضاً للمرة الأولى منذ سنوات». ونقلت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية عن رئيس المصرف المركزي ينس فايدمان تأكيده أخيراً «أن الاقتصاد الألماني في وضع جيد، ومعدل البطالة منخفض، وفرص العمل فيه تتزايد باستمرار، وزيادة الأجور تسير طبيعياً»، مضيفاً أن هذه العوامل «تدعم الاستهلاك الخاص في البلد وتحفّز أعمال البناء». ولفت تقرير «المركزي» إلى أن خبراءه يرون أن التضخم المالي سيبقى العام المقبل في حدود 1.3 في المئة في المتوسط، و1.5 في المئة عام 2015، أي أقل بأكثر من نصف نقطة من الخط الأحمر المسموح به عند 2 في المئة، قبل أن يتدخل المصرف المركزي الأوروبي لكبح التضخم. وتوقع التقرير أن تشهد الأسواق الدولية وسوق منطقة اليورو تحسناً، ما سينعكس إيجاباً على الصادرات الألمانية التي عانت بعض الضعف في الفترة الماضية. ولحظ كذلك أن الشركات الألمانية المصدِّرة تأمل من التحسن المنتظر زيادة معدل الصادرات بنسبة أربعة في المئة العام المقبل، وخمسة في المئة عام 2015. ووفق التقرير فإن التحسن «سيشجع الشركات الألمانية على الاستثمار لشراء آلات وأجهزة وتجهيزات إنتاجية جديدة، إضافة إلى الاستثمارات التي ستخصصها الدولة لتحسين البنى التحتية والتعليم والبحوث، التي لحظها برنامج الحكومة الألمانية الجديدة. لذا ينتظر المصرف المركزي الألماني أن ترتفع الاستثمارات 4.25 في المئة عام 2014، وخمسة في المئة في 2015، وأن تحقق الموازنة العامة للدولة في نهاية 2014 توازناً في المداخيل والنفقات من دون تسجيل دَين، ومن دون أن يخفي هذا الأمر حقيقة أن معدل الدِين العام يبقى عالياً جداً. انعكاسات سلبية وتوقع التقرير أن يرتفع عدد العاملين في البلاد هذه السنة والسنة المقبلة، وأن يبقى عدد العاطلين من العمل أقل من ثلاثة ملايين. ومع ذلك حذّر فايدمان «من الانعكاسات السلبية لبعض الوعود التي تضمنها برنامج الحكومة الألمانية الجديدة الذي سيثقل كاهل الموازنة» مثل اعتماد حدّ أدنى للأجور. ولفت إلى استمرار الأخطار المالية الناجمة عن عدم حل أزمة الدول المتعثرة في منطقة اليورو وتزايد ديونها، ما سيبقى لفترة غير قصيرة عبئاً ثقيلاً على دول منطقة اليورو. إلى ذلك، فاجأ خبراء معهد «إيفو» الألماني الجميع في دراسة نشروها منتصف الشهر، إذ أشاروا إلى أن اقتصاد البلد سيحقق العام المقبل 1.9 في المئة نمواً، أي أعلى مما يُعتقد حتى الآن. وأضاف المعهد «الاستهلاك الداخلي هو المدماك الأساس لهذا الانتعاش المنتظر، وكذلك قطاع البناء المزدهر، ما سيؤمن مزيداً من فرص العمل، ويرفع الطلب على اليد العاملة المؤهلة». وأظهر الاستطلاع الذي يجريه مركز البحوث الأوروبية «زد أي في» شهرياً مع خبراء المال والاقتصاد الألمان، ازدياد التفاؤل بمستقبل اقتصاد ألمانيا. وارتفع مؤشر المعهد الخاص بأجواء النمو من 55 إلى 62.6 نقطة دفعة واحدة، وهو الارتفاع الأكبر منذ نيسان (أبريل) 2006 قبل بدء الأزمتين الدولية والأوروبية بشهور قليلة. وتوقع المعهد أن ينعكس التحسن المنتظر على ألمانيا ومنطقة اليورو ككل.