خفّف «تقرير الربيع» الصادر أخيراً عن أهم معاهد البحوث الاقتصادية في ألمانيا، من القلق والغموض اللذين سيطرا على أجواء الأعمال والاستثمار في البلاد خلال الفترة الماضية. وشهدت أجواء الاقتصاديين والخبراء تلبداً واضحاً بعد سقوط قبرص في عجز مالي، ومسارعة الاتحاد الأوروبي إلى وضع خطة لإنقاذها، كما حدث مع اليونان وارلندا والبرتغال وإسبانيا، ما أكده المؤشران الشهريان لمعهدي «إيفو» و «زد إي في» الصادرين لاحقاً، إضافة إلى أنباء من الولاياتالمتحدة والصين عن تراجع النمو وفرص العمل فيهما. وانعكس القلق والغموض على بورصة فرانكفورت الشهر الماضي، إذ شهد مؤشر «داكس» خسارة أسهمه مئات النقاط، بينها 200 نقطة تقريباً في يوم واحد، بعد إشاعة عن أن وكالة تصنيف سويسرية قررت خفض علامة ألمانيا الممتازة بسبب الأداء السيئ المنتظر لاقتصادها. لكن معاهد البحوث أكدت في تقريرها أن نمو الاقتصاد الألماني، الذي استقر في الربع الأول من السنة بسبب الشتاء القارس الذي امتد إلى منتصف نيسان (أبريل) الماضي وكلّف الاقتصاد بليوني يورو، سيشهد انطلاقة ملموسة مع بداية النصف الثاني من السنة وسينمو 0.8 في المئة مع نهايتها. ولاحظ التقرير أن هذا المعدل أقل من نسبة 1 في المئة كانت المعاهد توقعتها في «تقرير الخريف» الماضي، ولكن ضعف ما توقعه كثيرون ومنهم الحكومة، أي 0.4 في المئة، في حين توقع خبراء شاركوا في إعداد التقرير أن يبلغ النمو 1 في المئة هذه السنة. وفي ما خص العام المقبل، أشار التقرير إلى أن النمو سيبلغ 1.9 في المئة، فيما حددت الحكومة معدلا أقل بلغ 1.6 في المئة. وعلى رغم ضعف النمو المنتظر في الربع الأول، أكدت معاهد البحوث أن آثاره على السنة كاملة «ستكون شبه معدومة»، مشيرة إلى أن اليد العاملة ستتكثف وسيتراجع عدد العاطلين من العمل إلى 2.9 مليون في المتوسط، إضافة إلى أن دخل العاملين سيبقى مستقراً، ما سيدعم عملية الاستهلاك الداخلي ويبقي التضخم عند نحو 1.7 في المئة. ولفت التقرير إلى أن عدد العاطلين من العمل سيتراجع عام 2014 إلى 2.7 مليون وسينخفض معدل البطالة إلى 6.4 في المئة. وبعدما حذر من سنّ قانون لوضع حد أدنى للأجور يحدد أجرة ساعة العمل ب8.5 يورو، لفت إلى انعكاسات السلبية على فرص العمل، مبيناً أن دخل العمال سيرتفع 3.3 في المئة هذه السنة، نتيجة خفض اشتراكاتهم في الصناديق الاجتماعية وزيادة مبلغ حسم ضريبة الدخل، و3.2 في المئة عام 2014. وتوقع أن تحقق موازنة الدولة فائضاً مالياً نهاية العام المقبل يصل إلى 0.5 في المئة، أي 14 بليون يورو، على أن يرتفع معدل التضخم إلى اثنين في المئة، وهو الحد الأعلى المسموح به قبل أن يتدخل البنك المركزي الأوروبي لخفضه. وانتقد التقرير السياسة المالية المتبعة من وزير المال فولفغانغ شويبله، معتبراً أن «الحكومة تشير الى النجاحات لخفض نفقات الدولة، إلا أن نظرة دقيقة تُظهر نتائج معاكسة». وأضاف: «العملية الحكومية لكبح الدين تستند إلى عوامل موقتة وغير مستدامة مثل الفائدة المنخفضة جداً حالياً على القروض التي تحصل عليها من القطاع الخاص». وحذر الحكومة من أخطار تغيّر الهرم السكاني والارتفاع المستمر في أعمار المواطنين، وأثرهما السلبي على مالية الدولة، إضافة إلى التبعات المالية لأزمة اليورو المستمرة. ونصح التقرير البنك المركزي الأوروبي بعدم اللجوء إلى خفض جديد لمعدل الفائدة على اليورو البالغ 0.75 في المئة، لافتاً إلى أن سلبيات الخطوة أكثر من ايجابياتها في تفعيل النمو في منطقة اليورو. وأوضح أن خفض فائدة اليورو ستفيد المصارف في الدرجة الأولى والتي تقوم أصلاً على المساعدة المالية المقدمة من البنك المركزي الأوروبي.