«الصحة الفلسطينية»: ارتفاع ضحايا حرب غزة إلى 160.068 قتيلاً وجريحاً    «وزارة الثقافة» تنظم فعاليات ثقافية تاريخية احتفاءً بيوم التأسيس    جوارديولا يعترف: علينا تقبل حقيقة ريال مدريد!    بلدية الشماسية تستعد للاحتفال بيوم التأسيس    «التجارة العالمية»: محادثات بشأن التوترات التجارية.. والصين تندد برسوم الجمارك    4 آلاف مبادرة ل«كفاءة الإنفاق».. انخفاض تعثر المشاريع لأقل من 1%    فندق موڤنبيك الخبر يُرسّخ مكانته كوجهة مثالية للعمل والترفيه في قلب المدينة    دوران يتصدر قائمة النصر للقاء القادسية    تشكيل لجنة كويتية أمريكية للتحقيق في مقتل جنديين أثناء التدريب    «حرس الحدود» بمنطقة جازان يحبط تهريب 197 كيلوجراماً من نبات القات المخدر    تعزيزًا لهوية المملكة المالية والاقتصادية.. خادم الحرمين الشريفين يعتمد رمز عملة الريال السعودي    الفيروس التنفسي المخلوي وتأثير العدوى على فئة كبار السن من هم فوق 60 عاما    هل جاملت لجنة الانضباط جيسوس والهلال ؟    "تعليم الطائف" تعلن مواعيد بدء اليوم الدراسي خلال شهر رمضان المبارك    د. سليمان الحبيب: الكلية مجهزة لإعداد كوادر تمريضية على قدرٍ عالٍ من الكفاءة والتميز وستعزز جوانب الصحة المجتمعية    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجاً أكاديمياً    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويدشن موسم العسل بوادي الفرع    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    نائب أمير الرياض يرعى الحفل السنوي لجمعية كيان للأيتام    مندش: نعمل من أجل تحقيق اللقب الآسيوي    1:42 أفضل وقت لنوم القيلولة    الاستحمام بالماء البارد يعزز النوم والراحة    رمضان اقترب.. جهّز جسمك للصوم    خلال مشاركته في المنتدى السعودي للإعلام.. وزير الطاقة: ولي العهد صانع التأثير والتغيير    أمير منطقة المدينة المنورة يزور محافظة وادي الفرع    مقتل طفلة ضرباً لسرقتها شوكولاتة    تشييع قطان في المدينة    رحيل الأديب الحارثي    بحضور الأمير سعود بن جلوي.. قنصلية دولة الكويت تحتفل باليوم الوطني ال64    "المستحيل الذي تحقق".. الناصر: 100 مليار دولار استثمارات غاز "الجافورة"    قلم أخضر    «الشؤون الإسلامية»: البرنامج يستهدف 61 دولة    "حافلات المدينة" تطلق خدمات النقل الترددي بداية شهر رمضان    إرهابيون من 50 دولة على حدوده.. والملف مسؤولية دولية.. العراق يطالب دول العالم بسحب رعاياها من «الهول»    بتوجيه من خادم الحرمين وولي العهد.. عبدالعزيز بن سعود يستعرض مع ملك الأردن ووزير الداخلية التعاون الأمني    شاهد| التعاون يعبر الوكرة ويتأهل إلى ربع نهائي" أبطال آسيا 2″    سوريا.. الحوار الوطني يتواصل.. وروسيا تخطط ل «اتصالات رفيعة»    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    هجوم استيطاني غير مسبوق على أغوار فلسطين    «بوريس جونسون»: محمد بن سلمان قائد شجاع    الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز..سيرة عطرة ومسيرة ملهمة    فيصل بن نواف يتسلم تقرير أحوال الجوف    مستقبل السعودية.. جذور متأصلة ورؤية متمكنة    وزير الخارجية يصل جوهانسبرغ للمشاركة في اجتماعات G20    المملكة تبحث سبل دعم العمل الإنساني في طاجيكستان    تنفيذ "برنامج خادم الحرمين لتفطير الصائمين" في 61 دولة    د. عادل عزّت يشكر المعزّين في وفاة والده    "الداخلية" تنظم ندوة يوم التأسيس    قاعة تركي السديري: إرث إعلامي يحتضن المستقبل في المنتدى السعودي للإعلام    توظيف التقنية للحفاظ على الحرف التراثية    علاقة الحلم بالاستدعاء الذهني    الهيئة العالمية للتبادل المعرفي تكرم رواد التربية والتعليم    الجمعية التعاونية متعددة الأغراض بجازان تستضيف فريق صياغة الإستراتيجية بالجامعة لمناقشة أوجه التعاون المشترك    جمعية«اتزان» تعقد اجتماعاً تحضيرياً لفعاليات يوم التأسيس بجازان    على نفقة الملك.. تفطير أكثر من مليون صائم في 61 دولة    مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في مكة المكرمة    بتوجيه من سمو ولي العهد.. استضافة محادثات بين روسيا وأمريكا.. مملكة الأمن والسلام العالمي    محافظ محايل يتفقد مشروع مستشفى الحياة الوطني بالمحافظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استعادة عبد الناصر وعلاقته بالمثقفين
نشر في الحياة يوم 23 - 12 - 2013

عندما كان نائباً لرئيس الوزراء، وقف جمال عبد الناصر ضدّ رغبة وزير المعارف العمومية في إحالة توفيق الحكيم على التقاعد من منصب مدير دار الكتب بحجة أنه «لا يعمل». وقبل استقالة الوزير الذي كان يصر على موقفه، منح صاحب «عودة الروح» وشاح النيل الذي كان لا يُمنح إلا لرؤساء الدول. لكنّ الحكيم في كتابه «عودة الوعي» كان أول من هاجم عبد الناصر بعد رحيله. هذا مثل عن علاقة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بالثقافة والمثقفين، يورده الروائي والصحافي المصري يوسف القعيد على لسان الصحافي «الأبرز» محمد حسنين هيكل (1923)، ضمن كتابه «محمد حسنين هيكل يتذكر... عبد الناصر والمثقفون والثقافة» (الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة).
يرى هيكل، وهو يسرد تلك الواقعة التي جرت في سياق «حملة تطهير» استهدفت المحسوبين على النظام الذي أطاحته ثورة 1952، أن عبد الناصر «كان ينطلق من فهم عميق لطبيعة دور الثقافة والمثقفين»، ويرى هيكل أيضاً أن المثقف «شخصية هشة جداً. إنه لا يستطيع حتى أن يحمي نفسه. المثقف دائماً في حاجة إلى رعاية يكفلها حاكم»، لكنه استثنى طه حسين باعتباره «نموذجاً للمثقف المقاتل»، قبل أن يعود ليصمه بأنه كان ينافق الملك فاروق ( ص 322). ولكن هل كان بمقدور توفيق الحكيم أو غيره أن ينتقد جمال عبد الناصر في حياته من دون أن يترتب على ذلك التنكيل به؟ إحسان عبد القدوس مثلاً، تعرض للسجن ثلاثة أشهر بعدما كتب مقالاً عقب استيلاء «الضباط الأحرار» على الحكم، عنوانه «الجمعية السرية التي تحكم مصر».
يستهل القعيد كتابه (431 صفحة) بكلمة قالها عبد الناصر لهيكل يوماً ما: «سوف تكتب أنت وحدك قصتنا، فما أظن أن العمر سيصل بي إلى مرحلة الشيخوخة». يضم الكتاب «حواراً» طويلاً أجراه القعيد مع هيكل، ومكوناته الحدث، ثورة 1952، وبطل الواقع، جمال عبد الناصر (مفجر الثورة وقائدها)، وبطل الكتاب، محمد حسنين هيكل، وجماعات المثقفين المصريين، وفق ما ورد في المقدمة.
ويوضح القعيد أن علاقة هيكل بعبد الناصر «تجعله الوحيد القادر على تقديم شهادة حقيقية حول موقف الزعيم المصري الراحل من الثقافة وموقف المثقفين منه».
ويضيف: «لن أستطيع وصف الرعب الذي شعرت به وأنا أحاور أكبر محاور في عصرنا. يشعر الإنسان بالتضاؤل أمامه، بخاصة عندما يكون الحوار عن عبد الناصر وعصره وزمنه وإنجازه، وعبد الناصر الإنسان بفكره ورؤاه وعلاقته بمثقفي عصره». ولهذا يمكن اعتبار ما جاء في الكتاب «حديثاً حراً» يدلي به هيكل، أكثر منه حواراً. ففي حضرة «أستاذ، واحد، ووحيد»، بتعبير القعيد، يستحيل حضور الندية التي هي أساس أي حوار، بما في ذلك طبعاً الحوارات الصحافية أو هذا هو على الأقل ما يشي به الكتاب الذي هو لهيكل قبل أن يكون لصاحب روايتي «الحرب في برّ مصر»، و«يحدث في مصر الآن»، والذي قبل بذلك بمنتهى الأريحية. وما جاء في اختتام مقدمة الكتاب الذي استغرق إعداده أكثر من خمس سنوات يؤكد ذلك: «إن ما في هذا الكتاب هو كتابتي، ووحدي أبقى المسؤول عما جاء فيه، إن كانت في هذا الكتاب إضافات جوهرية لموضوعه، فإنها تعود إلى كلام الأستاذ، أما أوجه النقص والعيوب - إن وجدت - فتعود لكتابتي وحدها والمسؤول عنها هي محاولة اجتهادي المشروعة» (ص23).
وثائق الثورة
يشتمل الكتاب على مواضيع عدة موزعة على فصوله، منها «الانقلاب الذي تحول إلى ثورة»، و»عندما عرض عبد الناصر رئاسة مصر على لطفي السيد»، و«وثائق الثورة... كيف تمّت كتابتها؟»، و«الرئيس والأدباء»، و«عبد الناصر ونجيب محفوظ»، و«من نزار قباني إلى سامي الدروبي»، و«عبد الناصر وأدباء العالم»، و«تأميم أم تنظيم؟»، و« سجون ولكن».
يحوي الكتاب مساحات واسعة لذكريات هيكل عن علاقته بعبد الناصر وعن عبد الناصر نفسه وميوله الأدبية والمؤشرات الدالة إلى أنه «مثقف أو عنده الاستعداد لأن يكون مثقفاً»، ومنها مثلاً «قدرته الفريدة على الإنصات»، وذلك بالطبع قبل 1958، أي «قبل أن تكتمل أسطورته ويتكلم الجميع عن البريق الذي في عينيه وانعدام القدرة على الكلام بمجرد الجلوس معه» ( ص55) ومنهم الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور.
نعم، نشرت صحيفة «الأهرام»، وهي تحت رئاسة هيكل، سلسلة مقالات في نقد المشروع الثقافي لثورة «يوليو» للويس عوض، ولتوفيق الحكيم «السلطان الحائر» و«بنك القلق»، ولنجيب محفوظ «أولاد حارتنا»، و«ثرثرة فوق النيل»، و«اللص والكلاب»، و«السمان والخريف»، كما نشرت للحكيم - مقابل مكافأة استثنائية - مقالات عن علاقته بابنه إسماعيل الذي أسس فرقة موسيقية!
إذن يظل توفيق الحكيم أكثر من نال «اهتمام» عبد الناصر، «لأنه لم يكن قد انتمى سياسياً إلى أي اتجاه قبل الثورة، فيما كان الصراع بين القصر والأحزاب يدور حول العقاد وطه حسين» (ص63)، أي أن الأمر لم يتجاوز في حقيقته الرغبة في تدجين المثقفين، الذي ظل على ما يبدو سياسة ثابتة ومتنامية في عقيدة الحكومات المصرية المتعاقبة منذ إنهاء حكم أسرة محمد علي. وبالطبع فإنّ إحسان عبد القدوس لم يكن المثقف الوحيد الذي عوقب في عهد عبد الناصر لانتقاده سياسات الأخير، أو حتى لمجرد وجود تقارير أمنية تعتبره من أعداء النظام، أو مناوئيه، من يساريين وإسلاميين، وممن ليس لهم انتماء أيديولوجي فاقع، على حد سواء.
وهنا الرد جاهز، ومن منطق تبريري لا يتزحزح، بعد مرور عشرات السنين، وحتى في ظل ثورة جديدة تلتها أخرى وإطاحة رئيسين: «عندما توازن أخطاء تجربة في مثل حجم تجربة جمال عبد الناصر، فإن هذه التجربة لا يمكن أن تُقاس إلا بأهدافها هي، وظروفها هي، والتحديات التي واجهته ، والتحديات التي كانت مفتوحة أمامها، وإلا أصبح التقييم تعسفاً، وانحدر التاريخ إلى مستوى المؤامرة»! (ص393).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.