شرح جمال عبد الناصر لتشي جيفارا الفرق بين الثورة والعمل السياسي.. أو الثوري ورجل الدولة قائلا: إن الثورة جميلة مثل علاقة رجل وامرأة "التعارف في البداية. المغامرات ثم الخطوبة. كلها مراحل جميلة لا يوجد فيها مسؤوليات. نعيش هيام الحب. نحب الثورة. نحب التمرد إلى أن نصل إلى الزواج. الزواج مسؤولية وجد.. أنت تريد فقط من الثورة ما هو قبل الزواج" وتبادلا الضحكات إلا أن أيا منهما لم يقنع الآخر بوجهة نظره. هذا مايسجله كتاب توثيقي عن عبد الناصر منذ الطفولة حتى الوفاة، يصدر في القاهرة لمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لثورة 1952 التي قادها الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر وغيرت تاريخ مصر والمنطقة. ويحمل الكتاب عنوان (جمال عبد الناصر من القرية إلى الوطن العربي الكبير 1918-1970) وأصدرته الدار المصرية اللبنانية في ذكرى ثورة 23 يوليو1952 التي مكنت تنظيم (الضباط الأحرار) بقيادة عبد الناصر من إنهاء حكم فاروق الأول آخر ملوك مصر. وفي الكتاب صورتان تجمعان عبد الناصر وتشي جيفارا بالقاهرة يوم 29 يونيو 1959 حيث قال جيفارا الثائر الأرجنتيني إنه لا يرغب في العمل السياسي لأنه يحلم "بالثورة الكبرى... ثورتنا العالمية... في الثورة أجد نفسي" من الكونجو بأفريقيا إلى دول أميركا اللاتينية. وقضت ثورة 1952 على نظام أسرة محمد علي الحاكمة منذ عام 1805 وأصبحت مصر جمهورية بداية من عام 1953 وأعادت الثورة الحكم إلى المصريين بعد نحو 23 قرنا من الاحتلال الأجنبي المتصل، إذ يرى مؤرخون أن مصر تعرضت لأطول غزو متعاقب منذ غزاها الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد حتى خروج الاحتلال البريطاني عام 1956 تنفيذا لاتفاقية الجلاء التي وقعها عبد الناصر عام 1954. والكتاب الذي يقع في 556 صفحة كبيرة القطع من تأليف المصريين خالد عزب وصفاء خليفة ويعد وثيقة تاريخية عن حياة عبد الناصر منذ الطفولة مستعينا بصوره في الطفولة وفي المدرسة الابتدائية وفي الكلية الحربية وفي الخرطوم عام 1940 حيث "قاد في السودان فصيلا عسكريا" وفي حصار الفالوجا في نهاية عام 1948 خلال الحرب مع إسرائيل والتي عاد منها عبد الناصر ليشرع في تشكيل تنظيم الضباط الأحرار بعد أن قال "معركتنا في القاهرة" في إشارة إلى ضرورة تغيير نظام الحكم. ويلقي الكتاب أضواء على ثقافة عبد الناصر واهتمامه بقراءة الفلسفة وتاريخ الثورات وبخاصة الثورة الفرنسية، إذ ينشر صورة ضوئية لمقال نشره عام 1935 في مجلة (مدارس النهضة) بعنوان (فولتير رجل الحرية) ويسجل فيه أن فولتير وجان جاك روسو "حملا أقوى الأسلحة وأشدها فتكا وقد مهدا لمن أتى بعدهما للثورة الكبرى عام 1789". ويقول الكتاب إن عبد الناصر قرأ سير الشخصيات المؤثرة في التاريخ مثل نابليون بونابرت وعمر بن الخطاب وغاندي والإسكندر الأكبر ويوليوس قيصر وجاريبالدي وإنه كان معجبا بروايات كلاسيكية بعضها كتبه فيكتور هوجو، كما تأثر برواية (قصة مدينتين) لتشارلز ديكنز "وذكر عبد الناصر أنه تعلم من رواية ديكنز كيف يمكن أن تكون الثورة بيضاء" وكانت ثورة 1952 توصف بأنها ثورة بيضاء حيث لم تمس العائلة المالكة بسوء. ويسجل الكتاب بالصور أن عبد الناصر قام بدور قيصر في مسرحية (يوليوس قيصر) في "الحفلة التمثيلية السنوية التي أقامتها مدارس النهضة المصرية بتياترو برنتانيا يوم السبت 19 يناير سنة 1935 تحت رعاية أحمد نجيب الهلالي بك وزير المعارف العمومية".