استؤنف النشاط قليلاً أمس في بانغي، عاصمة جمهورية افريقيا الوسطى، حيث يسعى الجيش الفرنسي ووحدة المساعدة الأفريقية (ميسكا) الى تفادي تصعيد جديد، غداة أعمال عنف طائفية حصدت 30 قتيلاً بينهم ضابط تشادي في قوة «ميسكا». واستؤنفت حركة السير تدريجاً على المحاور الكبرى وسط العاصمة، وفتحت متاجر ابوابها، وعمّ النشاط في الشوارع باستثناء الاحياء التي شهدت آخر المواجهات قرب المطار، حيث سيّر الجيش الفرنسي والقوات الأفريقية دوريات. وأكد مصدر عسكري فرنسي انحسار التوتر في بانغي بعد يومين مضطربين، لكن الأحقاد لم تهدأ بدليل العثور على ثلاث جثث ممددة على طريق في شارع الاستقلال المؤدي الى شمال بانغي، زعم سكان انها لمسلمين قتلوا ليلاً. وفي حي بوي راب الذي يعتبر من معاقل ميليشيات الدفاع الذاتي المسيحية «مناهضي بالاكا»، سرت شائعات عن هجوم وشيك لمقاتلي سيليكا المسلمين، ما دفع بمئات السكان الى الفرار ليلاً نحو كنيسة سان برنار. لكن الهجوم لم يحصل، وعاد السكان تدريجاً الى منازلهم في الصباح. ومنذ الخامس من الشهر الجاري، خلّفت مجازر بين مسيحيين ومسلمين حوالى ألف قتيل، وفق منظمة العفو الدولية بينهم 583 في بانغي. وسقط معظم القتلى في عمليات انتقام نفذتها «سيليكا» وفظاعات ارتكبتها ميليشيا الدفاع الذاتي المسيحية. وحتم العنف تسريع التدخل العسكري الفرنسي الذي يحاول نزع اسلحة المتناحرين، ويتحرك بالتنسيق مع قوات «ميسكا» التي تعد 3700 عسكري. وسيطر الجيش الفرنسي الذي نشر 1600 جندي اولاً على مقاتلي «سيليكا» الذين نزع اسلحتهم واحتجزهم في ثكنات، بعدما بثوا الرعب في بانغي، وارتكبوا تجاوزات كثيرة في حق المسحيين. ويعكف العسكريون الفرنسيون الآن على نزع اسلحة المليشيات المسيحية، واحتواء رغبة انتقام السكان من عناصر «سيليكا» والمدنيين المسلمين. وأبدى توماس كوربيون، المسؤول في منظمة «اطباء بلا حدود» قلقه من «الوضع المتقلب جداً الذي يضطرنا الى العمل بحسب الظروف ومن دون تخطيط». وروى عامل آخر في المجال الانساني انه لم يستطع بلوغ حي للمسلمين بسبب تصاعد الغضب فيه، فيما صرح مراقب بأن «المسلمين في حال غليان، ويقولون انهم عرضة لانتقام الميليشيات المسيحية آ بلا حماية سيليكا التي منعها الجيش الفرنسي من الدفاع عنهم». ويكتظ المطار بالراغبين في الرحيل، وبينهم مئات من المواطنين التشاديين، وقال رجل: «يقتلوننا لأننا مسلمون وتشاديون، ويتهموننا بأننا حملنا سيليكا الى الحكم، لذا نحن راحلون». الى ذلك، اعلن الناطق باسم حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية لامبير مندي ان بلاده سترسل كتيبة من 850 رجلاً الى افريقيا الوسطى للعمل في اطار بعثة «ميسكا». وقال: «سيذهب هؤلاء العناصر للدفاع عنا، لأن الأمر يتعلق باستقرار 1577 كيلومتراً من الحدود المشتركة».