لا تسعى هذه الإطلالة البانوراميّة على الإنجازات التقنيّة والعلميّة في 2013، إلا لإعطاء فكرة عن تلك الإنجازات التي تتهاطل سيولها يوميّاً في عصر أصبح كل ما فيه يموج بفورة التقدّم العلمي. عودة المشلول إلى المشي. تصف تلك العبارة الجهاز الروبوتي «ري ووك» ReWalk. ويعمل ببطارية تُشغّله يوماً كاملاً. وطوّره عالم كومبيوتر أُصيب بشلل في أطرافه الأربعة عقب حادث سيّارة. ويحتوي مجسّات تتأقلم مع وزن الجسم وإيقاع خطواته، ما يمكّن المُقعَد من الوقوف والمشي. وهو دخل إلى أوروبا ويخضع لتدقيق من قبل «مكتب الغذاء والدواء» الأميركي تمهيداً لإجازة استخدامه في أميركا. أنجز الأسطول الأميركي طائرة «يوكلاس»: أول قاذفة- مقاتلة يقودها الروبوت كليّاً، وتستطيع ملاحقة أكثر من هدف، بل الاشتباك أيضاً مع طائرات يقودها بشر. وتعتبر قفزة نوعيّة في تاريخ الطيران الحربي ل «مركبات الجو من دون طيّار»، اختصاراً «يو أي في» UAV، لأنها تتجاوز ما حقّقته طائرات «درون» Drone المحدودة الإمكانات، التي تندرج ضمن «يو أي في». وبيّن الأسطول أن التحليق التجريبي لن يتضمن حمل قنابل، لكن «يوكلاس» (اسمها الكامل بالإنكليزية Unmanned Carrier Launched Airborne Surveillance & Strike System) تستطيع حمل قرابة طنين من المتفجرات. وبفضل كومبيوتر متقدّم ومجسّات استشعار إلكترونية دقيقة، يشمل عملها المراقبة وتحديد الأهداف والقصف. وصرّح الجنرال جايمي كروغروف، وهو ناطق بلسان الأسطول، أن «يوكلاس» تدخل الخدمة بداية من عام 2018. مدفع الليزر «أفنجر» Avenger المخصّص لإسقاط الطائرات، خصوصاً تلك التي تنتمي إلى نوع «درون». وتمكّنت شركة «بوينغ» الأميركية، وهي من كبريات صناعة مركبات الهواء عالمياً، من إسقاط طائرة من دون طيّار بواسطة جهاز ليزر مثبّت على متن سيارة رباعية الدفع من نوع «هامر». الروبوت- الجندي «أطلس» Atlas Robot. يستطيع المشي والزحف على أرضيّة واستعمال الأدوات المختلفة. وموّلَته «وكالة البحوث الدفاعيّة المتقدّمة» («داربا» DARPA) وهو يعتمد على أشعة الليزر لتقدير المسافات التي يتعامل معها، إضافة إلى كاميرا لتمييز الأشياء. ويُدرّبه صُنّاعه على أعمال الإنقاذ أيضاً. استطاعت الشركة الألمانيّة «رتينا إمبلانت» retina-implant.de المُتَخصّصة في العمل على البدائل الإلكترونيّة لشَبكيّة العَين، تطوير رقاقة متقدّمة تزرع في العين، قريباً من شبكيتها، عندما تتواهن قدرة الإبصار إلى حدّ يلامس العمى. وتستطيع هذه الرقاقة التقاط الضَوء عند دخوله إلى العَين المُصابَة، ثم تبثّ المَلامح العامة للصور التي يحملها الضوء، إلى عَصَب البَصر. وإذ ينقل العَصَب الصور إلى الدِماغ، فيتعرّف من كان شِبه أعمى على مَلامح الأشخاص والأشياء. وفي السياق عينه، صنعت شركة أميركية نظارة مزوّدة بكاميرا رقميّة، تلتقط الصور وتبثها إلى رقاقة إلكترونيّة تزرع قرب الشبكيّة، عند تواهنها إلى حدّ قريب من العمى، وتنقل إليها الصور الآتيّة من الكاميرا. مع وجود أعداد مليونيّة من مُصابي السُكري، من المستطاع اعتبار البنكرياس الاصطناعي من أبرز مُنجَزات الطِب هذه السنة. صُمّم هذا «البنكرياس» ليخدم مرضى النوع الأول من مرض السُكّري الذي يتميّز بتواهن عمل غُدّة البنكرياس في إفراز هرمون ال «إنسولين» Insulin لضبط مستوى السكر في الجسم. وتنهض آلة البنكرياس الاصطناعي بهذه المهمة، إذ تزرع على الجلد، وتعمل مَجَسّاتها على قياس مستوى السكر وتغيّراته، وتفرز كميّات من الإنسولين تتناسب مع تلك التغيّرات. أُجيزَت هذه الآلة من قِبَل «مَكتَب الغذاء والدواء» الأميركي. ويُنتَظَر أن تلاقي رواجاً هائلاً في الأسواق. ومع وجود أعداد كبيرة من المُصابين بالسكري من النوع الأول في الشرق الأوسط، من المُحتَمَل أن تدخل هذه الآلة ضِمن النقاش عن حُقوق مريض السكري في دُوَل هذه المنطقة. لحم الهمبرغر الاصطناعي. حين وُضِع قيد التجربة الفعلي، غطّت مجموعة من أقنية التلفزة الحدث الذي تمثّل في تذوّق الهمبرغر الأول المصنوع من لحم ركّبه العلماء في أطباق المختبر. في عوالم الإلكترونيّات، اختارت مجلّة «تايم» الأميركية مجموعة صغيرة من الأدوات الإلكترونيّة والكهربائيّة، باعتبارها الأبرز لهذه السنة. شمل الاختيار عدسة قويّة متحرّكة تتصل لاسلكيّاً بالكاميرا الرقميّة للهاتف الذكي، فتنقل إليه ما يقع ضمن مداها. ويوجّه الهاتف العدسة المتميّزة بقوة تقريب ضوئي مرتفعة، كي تلتقط مشهداً ما، وبعدها تبثّ العدسة ما التقطته إلى الهاتف الذكي. اسم العدسة «دي أس سي- كيو إكس 100» DSC-QX 100، وهي من صُنع شركة «سوني». وصنعت شركة أميركيّة سيّارة تقودها الروبوت كليّاً، لكنها في حجم علبة. وجاءت بالترافق مع إقرار ولاية أميركية أول قانون لتنظيم سير المركبات الروبوتيّة المؤتمتة في الشوارع. وضمن السياق عينه، ستارة ضخمة «مُضمّخة» بأجهزة تحوّل ضوء الشمس إلى كهرباء تستطيع شحن سيّارة كهربائية. وكذلك صُنِعت دراجة «ناريّة» تسير بالكهرباء وتستطيع الوصول إلى سرعة 240 كيلومتراً في الساعة. وصنعت شركة أميركيّة نظارة للألعاب الإلكترونيّة تحوّلها إلى مشهديّات بأبعاد ثلاثيّة، ما يجعل اللاعب ينغمس تماماً في اللعبة، فكأنه يعايشها فعليّاً. «شيمي» Shimi. إنّه روبوت ينجز المهمات التي يتولاها مُنسّقو الموسيقى المعاصرون الذين يعرفون باسم «دي جي» DJ «جوكي الموسيقى». يؤدّي «شيمي» دورَ الرفيق المثاليّ للتطبيقات المعتمدة على نظام «أندرويد» التي باتت شائعة في الخليويات وأجهزة اللوح الذكيّة. وبمجرّد وصل «شيمي» مع هاتف ذكيّ، تنقلب الأدوار، ليتحوّل «شيمي» إلى ممثّل لصاحبه، بمعنى أنه يتولى عنه التعامل مع هذه التطبيقات ومعطياتها، خصوصاً التفاعل مع التطبيقات المتّصلة بالموسيقى والأغاني. بدأت بريطانيا في تشييد «المركز العالمي للأمن الإلكتروني وبناء القدرات» Global Center for Cyber Security Capacity Building في كلية «مارتن» في جامعة «أُكسفورد»، وهو أول في نوعه عالميّاً. التهبت المنافسة مجدداً بين بلدي «العم سام» و«العم ماو»، بعد أن نال الحاسوب الخارق («سوبر كومبيوتر») الصينيّ «تيانهي 2» Tianhe-2 لقب النظام الحاسوبي الخارق الأقوى عالمياً. وصنعته «الجامعة الوطنيّة للتكنولوجيا الدفاعيّة» National University of Defense Technology التي تديرها الحكومة الصّينية. وتصدّر «تيانهي 2» قائمة أسرع 500 حاسوب فائق، التي يُعدّها فريق من الباحثين الدوليين مرّتين سنوياً. وصف بعضهم هذا الإنجاز بأنه تحقيق لحلم كاتب الخيال العلمي إتش جي ويلز بمدفع «الشعاع الحارق»، في رواية «حرب العوالم». وبلغة أكثر واقعية، تحدثت مواقع شبكية مرتبطة بالجيش الأميركي عن إنجازه «مدفع برق الليزر». بكلمات أكثر علمية، إنه «قناة بلازما مستحثة بالليزر» Laser- Induced Plasma Channel، واختصاراً «لبيس» LIPC. في علوم الذرة، تطلق تسمية «بلازما» على المكونات التي تنجم عند انشطار نواة ذرة مشعة، سواء كان عبر تفجير قنبلة نووية أم في قلب مفاعل ذري سلمي. ويعمل هذا المدفع على إطلاق شحنة عالية الطاقة من الليزر، تقدر قوتها بخمسين بليون واط (للتذكير، لمبة الإضاءة العادية تتوهج بقوة 100 واط). وعندما تمر هذه الشحنة الضخمة في الهواء، فإنها تعمل على «تفكيك» بعض ذراته، بمعنى أنها تولد بلازما أثناء سيرها. وتصبح هذه البلازما الهوائية بمثابة عدسة أو مرآة مكثفة، تستعمل لتمر عبرها هذه الطاقة الهائلة، التي لا تدوم سوى كسرين من البليون من الثانية، وهي كافية لصعق ما تضربه بقوة خمسين بليون واط! أدخلت شركة «آي بي أم» الكومبيوتر في قفزة من الذكاء الاصطناعي، عندما تمكن الكومبيوتر «واطسن» من التفوق على منافسين بشر في مسابقة تعتمد على اللغة الحية. وفي تطور أكثر كثافة، أعلنت الشركة عن شروعها في صنع كومبيوتر يعمل بال «الدم» الإلكتروني، بمعنى أن الكهرباء تنقل إليه عبر سائل خاص، يعمل مصدراً للطاقة ويبرد الكومبيوتر أيضاً.