بعد مستهل الألفية الثالثة، ظهر «إيبو» Aibo. وحينها، رفض صُنّاعه تسمية ذلك الكائن الحديد الذي يدبّ على أربع قوائم، بأنه كلب إلكتروني. وأصرّوا على أن هذا المُركّب من كومبيوترات متكاملة، هو جهاز راقٍ يستطيع أن ينوب عن صاحبه في تشغيل الكومبيوتر والاتصال بالانترنت، واستعراض البريد الالكتروني وتشغيل المكالمات عبر ال «ويب»، والتقاط رسائل الخليوي بأنواعها، إضافة الى تشغيل التلفزيون والطبق اللاقط والغسّالة الأوتوماتكية وجهاز ال «هاي فاي» وغيرها. بالاختصار، عرّفوا «إيبو» على أنه «رفيق»، وهي معنى اسمه باليابانية، للفرد في الزمن الرقمي. بعدها، توالت الروبوتات المخصّصة للأفراد، خصوصاً مع تطوّر الروبوت من نوع «كيريو» الذي وُصِف بأنه روبوت اجتماعي، لأنه صنع ليؤدي وظائف تتصل بالتواصل مع صاحبه من جهة، ومع شبكة علاقته إجتماعياً من الجهة الأخرى. وتبلور خط في صناعة الروبوت، يميل لصنع أنواعٍ تؤدي عملاً مُحدّداً، بدل الروبوت الشامل الذي يمكن أن يكون شبيهاً بالإنسان أو ربما بديلاً منه. في سياق صنع روبوتات متخصّصة، ظهرت الأنواع التي تتولى رعاية المُسنين أو تنظيف المنزل أو توزيع الأدوية في المستشفيات وغيرها. في هذا الإطار، ظهر روبوت مهمّته أن ينجز المهمات التي يتولاها مُنسّقو الموسيقى المعاصرون الذين يعرفون باسم «دي جي» DJ، ومن المستطاع ترجمة هذا اللقب ب«جوكي الموسيقى». في وقت سابق من هذه السنة، استحدث مؤسّسو «مركز تكنولوجيا الموسيقى» Music Technology Centre التابع ل «معهد جورجيا للتكنولوجيا»، «رفيقاً» موسيقيّاً تفاعليّاً يُذكّر ب «إيبو» (حتى في شكله الخارجي، ولو أنه أصغر منه)، سمّوه «شيمي» Shimi. لا يزيد الأخير عن كونه أداة لها قاعدة تركيب بطول يقارب ثلاثين سنتيمتراً. ويتمتّع بذكاء كافٍ كي يعطي الموسيقى معنى جديداً، بل يرتقي بتجربة استماع البشر إليها واستمتاعهم بها، إلى مستوى متقدّم نوعيّاً. استطراداً، يؤدّي «شيمي» دورَ الرفيق المثاليّ للتطبيقات المعتمدة على نظام «أندرويد» Android التي باتت شائعة في الخليويات وأجهزة اللوح الذكيّة. وبمجرّد وصل «شيمي» مع هاتف ذكيّ، تنقلب الأدوار، ليتحوّل «شيمي» إلى ممثّل لصاحبه، بمعنى أنه يتولى عنه التعامل مع هذه التطبيقات ومعطياتها، خصوصاً التفاعل مع التطبيقات المتّصل بالموسيقى والأغاني. ويتمتّع هذا الروبوت الموسيقيّ ب «أذنين» حادّتين كاللتين يمتاز بهما الكلب. وبدل الجري خلف صاحبه، يشحذ الروبوت أذنيه ليستعملهما في تعقّب صوت صاحبه بدقّة. ثم ينسق ما يسمعه مع ما «يراه» عبر كاميرا الهاتف، بفضل برنامج يربط بين الصوت والوجه. وبذا، لا يتخلى «شيمي» عن صاحبه أبداً! الطريف أن «شيمي» يستطيع حرفيّاً ان يحرّك «أذنيه» أيضاً، كي تنهضا بدور ملتقط للصوت، فتتجهان صوب مكان تواجد الشخص في وقت معيّن. وبعدها، ينهض «شيمي» بدوره الموسيقي، مُسلّطاً الضوء على أداء صاحبه صوتياً، بمعنى أنه يلعب أيضاً دور مُكبرٍ للصوت. واللافت أنّه مع إصدار المستمع لحناً عبر التصفيق بيديه، يرصد «شيمي» اللحن. ويستعمل تطبيقات ال«أندرويد» مثل «يو هم إت» You Hum It و«ساوند هوند» Sound Hond و«سونغفي» Songfy، كي يحاول البحث عن الأغنية الأقرب الى ما يصدر عن صاحبه. ثم يشرع في تحريك قدميه بالتماشي مع الإيقاع. وإذا ما هزّ صاحب «شيمي» رأسه بحركة توحي بأنه يقول «لا»، أو إذا لوّح بيده بحركة مماثلة، يفهم «شيمي» أنّها إشارة تُعلِمَهُ أن يتوقّف وينتقل إلى أغنية تالية. في هذا الصدد، لاحظ جيل واينبرغ، وهو مبتكر الروبوت «شيمي» ومدير «مركز تكنولوجيا الموسيقى» التابع لمعهد جورجيا للتكنولوجيا، أن «شيمي» صُمّم لتغيير طريقة استمتاع الناس بالموسيقى وتفكيرهم بها». ولا يتردّد واينبرغ في القول إن المشاركة بين الفرد و«روبوت» مُصمّم كي يصادقه، يحدث تغييراً في تجربة تفاعل البشر مع الموسيقى، على المدى الطويل، خصوصاً أن المستقبل يسير صوب وجود متوسّع للروبوت في الحياة اليومية للناس. هل تصدق هذه التوقّعات؟