في خطوة نحو المضي قدماً في خريطة الطريق التي وضعها الجيش المصري بعد تظاهرات «ثورة 30 يونيو» وعُزل بمقتضاها الرئيس السابق محمد مرسي، بدأت لجنة «الخمسين» المكلفة تعديل الدستور التصويت على مواد مسودته النهائية تمهيداً لرفعها إلى رئيس الجمهورية الموقت عدلي منصور لطرحها على استفتاء عام. وتكون اللجنة قد تجاوزت بذلك مسألة الخلافات بين أعضائها والقوى السياسية والمجتمعية والتي دارت خصوصاً حول مواد «الهوية» ودور الجيش وإلغاء مجلس الشورى ونسبة الخمسين في المئة للعمال والفلاحين في مجلس النواب. ورأس رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى أولى جلسات التصويت - الإلكتروني - على مشروع الدستور الجديد، والتي غاب عنها ممثلا العمال والفلاحين احتجاجاً على إلغاء نسبة الفئتين في البرلمان. وحسمت اللجنة أمرها حول المواد الخلافية. فبخصوص مواد «الهوية»، نصّت ديباجة الدستور على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وأن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في ذلك الشأن. ونصّت المادة الثانية على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. ونالت تلك المادة موافقة 45 عضواً واعتراض عضوين. ونصّت المادة الثالثة على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية، ونالت موافقة 42 عضواً واعتراض 4 أعضاء. وكان ممثل حزب النور «السلفي» الدكتور محمد إبراهيم منصور انسحب من الجلسة حتى تم الانتهاء من التصويت على ديباجة الدستور والمواد الثلاث الأولى فيه، ثم عاد لاحقاً إلى الجلسة، مع العلم أن السلفيين يرفضون إحالة تفسير مبادئ الشريعة إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا. وتجنّبت المسودة الإشارة إلى «مدنية الدولة» وعرّفتها بأنها «دولة ديموقراطية حديثة حكومتها مدنية». وسعت مسودة الدستور إلى إرضاء العمال والفلاحين بأن نصت الأحكام الانتقالية فيه على أن تعمل الدولة على تمثيلهم تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور، على النحو الذي يحدده القانون. وقال موسى إن الدستور يحقق مصالح العمال والفلاحين بعيداً عن «أوهام لا تحقق مصالحهم»، في إشارة إلى تخصيص نسبة الخمسين في المئة من مقاعد البرلمان لهم. وأبقت اللجنة في الأحكام الانتقالية على اقتراح تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لدورتين رئاسيتين كاملتين. كما أبقت على نص المحاكمات العسكرية للمدنيين في حالات «الجرائم التي تمثّل اعتداء مباشراً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثّل اعتداء مباشراً على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم»، على رغم أن قوى ثورية عدة عارضت ذلك النص. وأقرت الأحكام الانتقالية إجراء الانتخابات المقبلة لمجلس النواب وفقاً للنظام المختلط بنسبة الثلثين بالنظام الفردي والثلث بالقوائم. وتضمنت وثيقة الدستور 247 مادة منها 42 مادة مستحدثة. ومن المقرر أن تواصل اللجنة اليوم الأحد جلسات التصويت «الإلكتروني» على مواد الدستور التي تُذاع على الهواء مباشرة.