في اليوم الثاني لشهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، استفاض الوزير السابق مروان حمادة في الحديث عن مخطط متكامل للنظام السوري ومن يمثله في لبنان لإطباق سيطرته السياسية والأمنية والاقتصادية عليه. وتوقف أمام عدد من المحطات التي يستدل منها على تصاعد موجة التوتر التي سادت علاقة هذا النظام بالرئيس الراحل، وأبرزها مرحلة تكليف الحريري في نيسان (أبريل) 2003 تشكيل الحكومة، فعندها أوكل إلى لجنة من الوزراء إعداد مشروع البيان الوزاري، وكان من بين أعضائها حمادة، الذي أدرج في مقدمته السياسية فقرة تتعلق باستكمال تطبيق اتفاق الطائف، لكن الحريري طلب منه حذف هذه الفقرة من المقدمة قائلاً له: «هل تريدنا أن نقتل أو أن نلغى؟». (للمزيد) وتطرق حمادة في شهادته الى سعي النظام السوري الى ضرب بعض الوسائل الإعلامية الحرة، الذي بدأ بإغلاق محطة «أم تي في» وامتد الى قصف تلفزيون «المستقبل» الذي يملكه الحريري، ومن ثم الطلب منه الانسحاب من مساهمته في جريدة «النهار» لدفعها الى الإفلاس بسبب معارضتها السياسة السورية في لبنان. ولفت حمادة إلى أن معارضة الحريري الوجود السوري كانت نصف صامتة، لأنه كان يعلم أن معظم اللبنانيين يرفضون الهيمنة السورية، وكشف عن «معلومة» تنشر للمرة الأولى وتتعلق باجتماع الحريري مع الرئيس بشار الأسد في حضور الضباط غازي كنعان، رستم غزالة ومحمد خلوف، وكيف خرج من هذا الاجتماع الذي عقد في كانون الأول (ديسمبر) 2003 منزعجاً وأصيب بنزيف في أنفه بعد أن صدم وجهه بزجاج سيارته. وتوقف حمادة أمام بداية الإعداد السوري للتمديد للرئيس إميل لحود، وقال إن غزالة حضّر تباعاً للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة آنذاك الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط في آب (أغسطس) 2004 ووجّه إليهم دعوة الى لقاء الأسد في اليوم التالي. وقال إن غزالة اشترط على جنبلاط الموافقة سلفاً على التمديد قبل أن يتوجه لمقابلة الأسد، وإلا فلا مبرر للزيارة. وأكد أن غزالة لم يوافق جنبلاط على قوله إنه سيبحث التمديد مع الرئيس السوري، وهذا ما دفع بالضابط السوري الى إلغاء الدعوة الذي تزامن مع إلغاء لحود في الليلة نفسها دعوة لجنبلاط وزوجته نورا لتناول العشاء الى مائدته. وأضاف حمادة أن غزالة وافق الحريري على عدم التزامه المسبق الموافقة على التمديد قبل لقاء الأسد، لكن غزالة أبلغه بأن عليه الانتظار صباحاً في منزله بدمشق دعوته لاحقاً للاجتماع. كما تحدث بالتفصيل عن موقفٍ للحريري من التمديد كان أعلنه خلال زيارة له إلى بلغاريا، وفيه أنه يقطع يده ولا يوقع على مرسوم التمديد للحود. وكشف حمادة أيضاً عن كيفية تخلص الحريري من الضابط علي الحاج بعدما أوقعه في كمين أثناء وجوده معه في السيارة، إذ تحدث معه في أمر خاص لم يكن صحيحاً، وتبين لاحقاً أنه نقل ما سمعه الى المخابرات السورية. وأكد وكيل المدعي العام في المحكمة القاضي غرايم كاميرون أنه يدرس دعوة جنبلاط للاستماع الى إفادته أمام المحكمة في لاهاي. على صعيد آخر، اختتم رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام زيارته الأولى لدولة الإمارات العربية المتحدة بلقاء رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومن قبله وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش. وعلمت «الحياة» من مصدر رفيع في الوفد اللبناني، أن بن راشد أبلغ سلام أن الإماراتالمتحدة ستعين قريباً سفيراً لها في لبنان لمتابعة البحث في كل المواضيع التي نوقشت في اجتماعه معه ومع الوزير قرقاش. واعتبرت هذه الخطوة بمثابة إشارة الى وجود رغبة مشتركة بتنقية العلاقات الثنائية من بعض ما شابها في الآونة الأخيرة، خصوصاً أثناء زيارة سلام قطر في الوقت الذي كانت علاقتها متوترة مع الإمارات. وأكد المصدر أن هذه الزيارة ساهمت في إزالة سوء التفاهم، ولفت الى أن مواقف البلدين موحدة في مواجهة الإرهاب، وهذا ما أكده قرقاش ل «الحياة» بقوله: «تشاركنا الرأي حول تعزيز خط الاعتدال والوسطية في مواجهة التحديات، وأبرزها التصدي للإرهاب». وكان سلام أعلن في مؤتمر صحافي عقده في القنصلية اللبنانية في دبي قبل توجهه الى بيروت، أن «هناك تحديات كبيرة علينا أن نعترف بها لننطلق جدياً في معالجتها والمساعدة على توطيد الاعتدال في ظل ما تشهده الساحة من أوضاع موجعة». وقال إن زيارته الإمارات هي «للتشاور مع إخواننا في القيادة الإماراتية لمزيد من توطيد العلاقة بين البلدين. الشيخ محمد بن راشد لم يقصر لحظة في مد يد الدعم والمساعدة». ورأى أن مشاركة الإمارات في معالجة الوضع الناتج من النزوح السوري في لبنان ليست بجديدة، وهي قائمة ومستمرة. ونوّه بالدعم الإماراتي للقوى الأمنية اللبنانية، وتطرق الى قضية العسكريين المخطوفين، وقال إن «هذا أمر دقيق وحساس ولا أعتقد أن الإمارات تقصّر في مساعدتنا».