أعلنت دمشق رسمياً مشاركتها في مؤتمر «جنيف - 2» المقرر عقده في 22 كانون الثاني (يناير) المقبل، مؤكدة أن وفد الحكومة السورية لن يذهب إلى العاصمة السويسرية من أجل تسليم السلطة، الأمر الذي اعتبره «الائتلاف الوطني السوري» المعارض دليلاً على عدم جدية النظام، مجدداً رفضه «أي دور» للرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية في بيان: «ترحب الجمهورية العربية السورية بقيام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتحديد يوم 22 كانون الثاني المقبل موعداً لعقد مؤتمر جنيف». وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «تؤكد سورية مجدداً مشاركتها بوفد رسمي يمثل الدولة السورية مزوداً بتوجيهات الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية ومحملاً بمطالب الشعب السوري وفي مقدمها القضاء على الإرهاب». وأردف البيان: «أن الوفد السوري ذاهب إلى جنيف ليس من أجل تسليم السلطة لأحد بل لمشاركة أولئك الحريصين على مصلحة الشعب السوري المريدين الحل السياسي». وتعليقاً على «ما أدلى به وزريرا خارجية فرنسا (لوران فابيوس) وبريطانيا (وليم هيغ) وغيرهما وأدواتهما من العرب المستعربة من أنه لا مكان للرئيس الأسد في المرحلة الانتقالية»، نقل البيان عن وزارة الخارجية أنها «تذكر هؤلاء جميعاً بأن عهود الاستعمار (...) قد ولت إلى غير رجعة وعليه ما لهم إلا أن يستفيقوا من أحلامهم»، وتابع البيان: «إذا أصر هؤلاء على هذه الأوهام، فلا لزوم لحضورهم إلى مؤتمر «جنيف - 2» أصلاً، لأن شعبنا لن يسمح لأحد كائناً من كان، أن يسرق حقه الحصري في تقرير مستقبله وقيادته». وكان فابيوس اعتبر أول من أمس أن هدف المؤتمر الدولي «عدم إجراء محادثات عابرة حول سورية، وإنما موافقة متبادلة بين ممثلي النظام (...) والمعارضة المعتدلة للوصول إلى تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات». وزاد: «إنه أمر صعب جداً، لكنه الحل الوحيد الذي يؤدي إلى استبعاد بشار الأسد والإرهابيين»، في إشارة إلى التنظيمات الإسلامية المتطرفة والجهادية التي تقلق الغرب الداعم للمعارضة السورية إجمالاً. وفي 22 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أعلنت 11 دولة غربية وعربية من ضمن «مجموعة أصدقاء سورية» في لندن أن الأسد لن يؤدي «أي دور» في الحكومة السورية المقبلة. وكان «الائتلاف الوطني السوري» المعارضة وافق على المشاركة في مؤتمر جنيف على أن يؤدي إلى عملية انتقالية لا يكون للأسد أو لأركان نظامه دور فيها. ويرى محللون أنه سيكون من الصعب الالتزام بموعد المحدد ل «جنيف - 2»، ويستبعدون وقفاً سريعاً للنزاع المستمر منذ حوالى 32 شهراً وقد أوقع أكثر من 120 ألف قتيل. ورداً على بيان الخارجية السورية، أصدر مكتب رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا بياناً اعتبر فيه أن ما صدر عن النظام «يكشف نواياه الحقيقية وهي استخدام تعاون مزعوم مع المجتمع الدولي من أجل التغطية على المضي في حربه ضد الشعب السوري». وقال: «إن النظام يدعي أن طلب إنهاء النظام السوري هو سياسة غربية استعمارية، بينما الحقيقة أنه مطلب الشعب السوري الذي يريد إزاحته». وأشار إلى أن مؤتمر جنيف يتناول العملية الانتقالية، و «هدفنا من خلال المشاركة فيه ينسجم تماماً مع تطلعات الشعب السوري لإنهاء التسلط، ومع قرار مجلس الأمن، وبيان لندن الصادر في 22 تشرين الأول» الماضي. وأشار إلى القرار الدولي 2118 الذي نص على تفكيك الترسانة الكيماوية السورية وتبنى بيان «جنيف - 1». ونص البيان الذي صدر عن اجتماع ضم الدول الخمس الكبرى وألمانيا والجامعة العربية وتناول الوضع السوري، على بدء عملية انتقالية في سورية وتشكيل حكومة تضم ممثلين عن النظام والمعارضة و «صلاحيات كاملة»، من دون التطرق إلى مصير الأسد. ورأى «الائتلاف» أن «أهداف النظام تتناقض في شكل كامل مع بيانات المجتمع الدولي»، مجدداً موقف الائتلاف لجهة المشاركة في مؤتمر «جنيف - 2» مع رفض أي دور للأسد في المرحلة الانتقالية ومع المطالبة بوصول الإغاثة إلى المناطق المحاصرة وإطلاق المعتقلين، لا سيما النساء والأطفال. ورأى «الائتلاف» أن الأسد «هو من جلب الإرهاب إلى بلادنا وأنه أكبر إرهابي»، مذكراً بأن «الثورة بدأت سلمية وهو من أعلن الحرب على شعبنا». إلى ذلك، نقلت «سانا» عن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد خلال لقاء سياسي في جامعة دمشق، أن الحكومة السورية «تمارس اتصالاتها وعلاقاتها الديبلوماسية مع الدول حيث يوجد 43 بعثة ديبلوماسية في سورية وليست معزولة كما يصف البعض». وأشار المقداد إلى وجود «اتصالات لفتح سفارات لدينا»، لافتاً إلى أن «معظم سفاراتنا في الخارج مفتوحة سوى التي لا ترغب سورية بفتحها». وكانت دول عدة منها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي أعلنت عن قطع أو تجميد العلاقات الديبلوماسية مع دمشق احتجاجاً على قمع النظام الحركة الاحتجاجية التي اندلعت منتصف آذار (مارس) 2011 قبل أن تتحول إلى نزاع مسلح أودى بحياة 120 ألف شخص على الأقل، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وفي موسكو، نقل موقع «روسيا اليوم» الإلكتروني عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تأكيده ضرورة عقد مؤتمر «جنيف - 2» من دون شروط مسبقة، قائلاً: «لن تكون هناك ظروف مثالية لعقد المؤتمر». وقال لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو أمس: «إن الجهات التي تحاول طرح شروط لعقد «جنيف - 2»، تسعى أساساً إلى تأجيله أو حتى إجهاضه»، لافتاً إلى أن بلاده كانت ترغب في عقد «جنيف - 2» في وقت سابق، وستحاول الآن استخدام الفترة قبل انعقاد المؤتمر في الموعد المحدّد في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل للتشاور مع الأطراف السورية كافة. وقال لافروف: «إن موسكو تناقش مع مختلف القوى المعارضة الآن مسألة استضافة اجتماع بين قوى المعارضة»، مشيراً إلى أن الجماعات المعارضة التي اتصلت بها روسيا أبدت اهتمامها بالمشاركة في مثل هذا الاجتماع. وأضاف: «أن الجميع يفضلون أن تكون المعارضة السورية ممثلة في «جنيف - 2» بوفد موحد، إلا أن ذلك يتوقف قبل كل شيء على قدرة القوى المعارضة الرئيسة على التوصل إلى اتفاق في ما بينها على أساس بيان جنيف».