توقع رئيس الحكومة المصرية الدكتور حازم الببلاوي إجراء الاستفتاء على الدستور في النصف الثاني من كانون الثاني (يناير) المقبل، فيما أرجأ استمرار الخلافات في شأن عدد من المواد الاقتراع على مسودة الدستور داخل لجنة الخمسين المخوّلة تعديله إلى السبت المقبل. ودعا الببلاوي المصريين إلى المشاركة في الاقتراع على الدستور، معتبراً أن «التخلي عن ذلك الحق خطأ جسيم، لاسيما في اللحظة الحاسمة التي ستحدد مستقبل مصر خلال الفترة المقبلة، ومن دون المشاركة لن تقام في مصر دولة متقدمة ديموقراطية تحترم حقوق الإنسان». ودافع عن حكومته، نافياً نية إجراء تعديلات وزارية. وحمل مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي مسؤولية «حدوث مناوشات وقلاقل من أجل عمليات إرباك، الهدف منها إحداث عدم ثقة بين الأفراد والسلطة، وإضعاف الثقة بين الحكومة والمواطنين»، معرباً عن أسفه من أن «بعضهم وقع ضحية لهذه المخططات التي يريد مروجوها إفساد الجو العام». لكنه رفض حملات شعبية تطالب بتصنيف جماعة «الإخوان» باعتبارها «إرهابية». وقال: «لا أفهم دلالة وصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها جماعة إرهابية، وليس منطقياً أن يتم وضع أي شخص كان ينتمي إلى تلك الجماعة في السجن. مفهوم جماعة إرهابية لا وجود له في القانون، والتشريعات المصرية كافية للتعامل مع أي فصيل متطرف». وأشار إلى أن «الدولة لا بد من أن تكون لديها رؤية سليمة وتقدر حجم المشاكل الأمنية التي تواجهها»، لافتاً إلى أن «مصر حققت خطوات مهمة في الملف الأمني بفضل مجهودات الجيش والشرطة خلال الفترة الماضية، وحققت الدولة نصراً حقيقياً في المواجهة المباشرة مع العناصر التي تحاول العبث بمستقبل الوطن وتتبنى العنف وتحاول إرباك حسابات الدولة بين الحين والآخر». وأوضح أن «مصر لا تعيش على الهدايا أو العطايا من الدول، كما يروج بعضهم، لكن الدول العربية وقفت إلى جوار مصر في شكل مشرف، خصوصاً الإمارات والسعودية والكويت». وأشار إلى أن «نصف الموازنة العامة للدولة يذهب إلى الدعم، وهذا ما يجعل مصر أمام معضلة خطيرة تتمثل في عجز الموازنة والبطالة، ما يجعلنا في حاجة شديدة إلى الاستثمار والانفتاح على مختلف دول العالم». يأتي ذلك في وقت استكملت لجنة الخمسين لتعديل الدستور في جلستها أمس، القراءة الثانية لمواد الدستور، إذ انتهت من مراجعة بابي الحقوق والحريات والمقومات الأساسية للدولة باستثناء أربع مواد بينها مادة الضرائب وحق ممارسة الشعائر الدينية. وقال عضو اللجنة محمد أبو الغار إن «اللجنة ستناقش المواد الخلافية التي لم يحدث عليها توافق من قبل الأعضاء ومنها نسبة العمال والفلاحين على أن يبدأ التصويت النهائي على المواد السبت المقبل». وكانت اللجنة أعلنت عبر موقعها الرسمي بدء الاقتراع على مواد مسودة الدستور السبت الماضي، ثم أرجأته إلى اليوم لكنه أرجئ مرة ثالثة إلى السبت المقبل. وأفيد بأن عدداً من الأعضاء الاحتياطيين في اللجنة قدموا 60 تعديلاً على مسودة الدستور تتعلق بالحقوق والحريات والديباجة ورفض المحاصصة النيابية. وجدد ممثلو العمال والفلاحين رفضهم إلغاء حصتهم في البرلمان، وطالبوا بطرحها مادة مستقلة للاستفتاء عليها قبل إلغائها نهائياً من الدستور. وقال رئيس حزب «الوفد» عضو اللجنة السيد البدوي إن اللجنة ستراجع مواد باب نظام الحكم للانتهاء من مراجعة جميع الأبواب قبل التصويت النهائي الذي تعطل بسبب الجدل الدائر في شأن الديباجة. وأكد رئيس اللجنة عمرو موسى أمس أن «اللجنة ستنتهي من وضع مشروع الدستور قبل نهاية الأسبوع الجاري، وسيكون جاهزاً للتصويت عليه علناً داخل اللجنة الأسبوع المقبل». وأضاف أن «اللجنة قامت بعمل يفخر به أعضاؤها وستقدم للشعب دستوراً يليق بمصر ومكانتها وهويتها ودورها الإقليمي والدولي». ورأى أن «اللجنة أفرطت في صياغة المواد الخاصة بالحريات والحقوق وسعت إلى الحفاظ على مبدأ المواطنة والمساواة بين جميع المصريين ومنع التمييز وتأكيد حقوق المرأة في العمل وتولي المناصب القيادية». وأضاف أن «الدستور الجديد سيمنح حقوقاً حقيقية للعمال والفلاحين وحقهم في السيطرة الفعلية على التجمعات التي يمثلونها ومنها تمثيل العمال بنسبة 50 في المئة في إدارة شركات ومصانع القطاع العام وأن يمثل الفلاحين 80 في المئة من الجمعيات الزراعية للدفاع عن الفلاح الضعيف». وكان ممثل الجيش في لجنة الخمسين اللواء مجد الدين بركات سحب اقتراحاً تقدم به إلى اللجنة لمعاقبة من يسرب أخباراً عسكرية بالسجن بعد اعتراض كبير من جانب نقيب الصحافيين عضو اللجنة ضياء رشوان الذي هدد بتجميد عضويته في حال الموافقة عليه. إلى ذلك، رهن مؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي ترشحه للرئاسة في الانتخابات المتوقعة الصيف المقبل بحدوث «توافق بين القوى السياسية على مرشح رئاسي يعبر عن خط الثورة ووضع برنامج تخوض به قوى الثورة الانتخابات المقبلة». وقال خلال كلمة ألقيت نيابة عنه في مؤتمر «حملة مرشح الثورة» ان «على القوى السياسية والثورية الدخول في حوار سياسي وتشكيل تحالف انتخابي كبير يُعبر عن قوى الثورة حتى تتمكن من حصد تمثيل مُشرف في البرلمان المقبل يؤهلها لمراقبة أداء الحكومة والرئيس القادمين، وإلزامهما بمشروع وطني يضمن تحقيق أهداف الثورة، وعدم الانحراف عن مسارها». وقال: «سيشرفني إذا تم الاستقرار على اسمي أن نخوض هذه المعركة معا معتمدين على الله والشعب، وسيشرفني بنفس القدر وأكثر أن أقف وراء أي اسم يتم التوافق عليه». وأضاف أن «وحدة قوى الثورة هي الضمانة الأكيدة لتحقيق أهدافها، واجتياز المرحلة الانتقالية بنجاح من دون تأجيل أو تأخير... والمساهمة في إنهاء حال الاستقطاب الحادة التي تشهدها مصر». وتابع: «إننا ومعنا كل المنتمين إلى خط الثورة الطامحين في أن تصل الثورة إلى السلطة لتحقق أهدافها، نُدرك أن الطريق إلى دولة مدنية حديثة يبدأ بدستور ديموقراطي عصري يليق بالثورة وموجاتها المتعاقبة».