حالة من الجدل والخلاف سببتها المسودة النهائية للتعديلات الدستورية التي قدمتها لجنة العشرة المعروفة إعلاميا ب «لجنة الخبراء» للرئاسة المصرية خاصة بعد أن تم إلغاء 22 مادة من مواد دستور 2012 المعطل بنسبة 14 % تقريباً وكذلك تعديل 154 مادة بنسبة 65 % تقريبا، ومن أبرز المواد التي تم إلغاؤها المتعلقة بإلغاء مجلس الشورى وتخصيص نسبة 50 % من مقاعد البرلمان للعمال والفلاحين والمادة 219 المفسرة لمصطلح الشريعة الوارد في المادة الثانية.. وقررت اللجنة ترك القرار النهائي بالنسبة للمواد الملغاة للجنة الخمسين المرتقب الإعلان عن تشكيلها وكذلك النص على أن تكون الانتخابات بالنظام الفردي وهو ما لقي رفضاً من قوى سياسية عديدة. وقالت مصادر رئاسية أمس إن الإعلان عن لجنة الخمسين التي ستضع الدستور الجديد سيتم خلال ساعات وسط جدل كبير حول بعض المواد والتعديلات الدستورية التي رفعها لجنة الخبراء (10 أعضاء) خاصة ما يتعلق بإلغاء مجلس الشورى، نسبة العمال والفلاحين، وإلغاء المادة 219 المفسرة للمادة الثانية الخاصة بتفسير كلمة الشريعية، لكن هناك ترحيبا بوضع نص يسمح بسحب الثقة من رئيس الجمهورية إذا خالف الدستور والقانون، بالإضافة إلى تقنين وضع الحركات السياسية. في البداية قال المتحدث الرسمي باسم حزب النور نادر بكار إنه لا يقبل المساس بالمادة الثانية من الدستور، والمادة 219 لأن نص المادة 219 متفق عليها مع وكل القوى السياسية أثناء وضع الدستور الماضي الذي تم الاستفتاء عليه في 15 ديسمبر 2012، مؤكدا أنه ما زال يدرس باقي المقترحات التي تتعلق بإلغاء 50 % عمال وفلاحين، وإلغاء مجلس الشورى التي جاءت في تعديلات لجنة الخبراء، وقال الحزب إنه سيشارك في لجنة الخمسين ممثلا في الدكتور بسام الزرقا نائب رئيس الحزب، والدكتور محمد إبراهيم منصور عضو المجلس الرئاسي للحزب، والدكتور محمد سعد الأزهرى. ورغم ذلك أكد رئيس حزب النور يونس مخيون في مؤتمر صحفي عقده أمس عقب اجتماعه مع احمد المسلماني المستشار الاعلامي للرئيس المصري عزم الحزب على المشاركة في اللجنة المكلفة باعداد الدستور الجديد للبلاد. وقال «مشاركتنا في لجنة الخمسين شعور منا بالمسؤولية والمشاركة مع باقي القوى الوطنية لحماية مكتسبات الثورة للدفاع عن الهوية ولاخراج دستور نتمنى أن يكون توافقيا حتى يحظى بأكبر عدد من التأييد الشعبي وننتقل من هذه المرحلة الانتقالية سريعا وتستقر الامور ويكون هناك هيئات منتخبة». وحذر مخيون من ان هناك مؤامرات تحاك لاسقاط الدولة المصرية، قائلا لا بد ان ننتبه جميعا ونخطو خطى سريعة لعودة الاستقرار وعودة اللحمة الوطنية حتى نقطع الطريق على كل متآمر يريد اسقاط هذه الدولة. وأضاف ان الجيش المصري خط احمر مشيرا الى مؤامرات لهدمه. وتابع نقول لمن يراهن على ذلك هذه خيانة. الجيش المصري جيش وطني لا بد لكل مصري مخلص ان يحرص على تماسك وقوة هذا الجيش. وفي تطور لافت قال رئيس الوزراء حازم الببلاوي انه ليس من الضروري أن تحظر مصر جماعة الاخوان المسلمين او تقصيها عن العملية السياسية، مشيرا في مقابلة مع وسائل اعلام مصرية الى أن حكومته ستراقب جماعة الاخوان وجناحها السياسي «حزب الحرية العدالة» وان تصرفات أعضائها هي التي ستحدد مصيرها. ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية عن الببلاوي قوله «ان حل الحزب أو الجماعة ليس هو الحل.. من الخطأ اتخاذ قرارات في ظروف مضطربة. ومن الافضل أن نراقب الاحزاب والجماعات في اطار العمل السياسي دون حلها وعملها في الخفاء». وأضاف ان مدى التزام حزب الحرية والعدالة أو جماعة الاخوان وشبابها وأعضائها سيكون هو المفصل في الاستمرار من عدمه. بدوره قال الدكتور محمود العلايلي القيادي بحزب المصريين الأحرار، القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، إن أغلب التعديلات الدستورية التي أدخلت على دستور 2012 المُعطل، مهمة جداً، وجعلت الدستور مصرياً يلائم البلاد لعقود قادمة، وأكد أن الدستور يجب أن يُعبر عن مدنية الدولة، لأن مصر لا تنفصل عن العالم ودستورها يجب أن يكون مدنيا حديثاً، وعن رأيه في النظام الانتخابي أوضح أنهم يدرسون النظام الانتخابي الأنسب للمرحلة المقبلة ولم يستقروا على نظام معين حتى الآن. من جانبه طالب حزب المصريين الأحرار بنظام القائمة في الانتخابات البرلمانية القادمة، وذلك عقب الاجتماع الموسع الذي عُقد بحضور أعضاء المكتب السياسي وقيادات الحزب وأكد شهاب وجيه المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار أن الحزب يفضل نظام القائمة الموحدة في الانتخابات القادمة وليس الفردى. من جانبه قال الدكتور وحيد عبد المجيد، الأمين العام المساعد لجبهة الإنقاذ الوطني، إنه ليس كل عمل سياسي بالضرورة أن يكون عملاً حزبيا، مؤكدا أنه لا يحبذ أن يتم وضع نص في الدستور يحظر وجود مجموعات سياسية خارج الأحزاب وأشار عبد المجيد إلى أن قانون العقوبات هو الحل الوحيد الذي يجابه أي مجموعة لا تتبع القانون دون أن يتم اللجوء لاختراعات أخرى قد تمثل تقييداً للحريات ولا يمكن القبول بها، مشيراً إلى أن حملة تمرد على سبيل المثال هي حملة شعبية قوية ولكنها لا تعمل في إطار حزبي. وقال عبد الله المغازي، عضو مجلس الشعب السابق والمستقيل من حزب الوفد الذي قال: إنه يؤيد فكرة وضع نص في الدستور المعدل يحظر وجود مجموعات سياسية خارج الأحزاب، لافتا إلى أن العمل في إطار القانون. وقال أحمد دراج وكيل مؤسسي حزب الدستور، والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، إن الخبراء بلجنة العشرة التي أدخلت التعديلات على الدستور المُعطل، وضعوا قواعد عبارة عن مجموعة من الصياغات القانونية، ومنها إلغاء مجلس الشورى ورجحوا النظام الفردي في الانتخابات، ولكنهم يجب أن يأخذوا بالعزل السياسي بشكل عام ويطبق على نظام مبارك ونظام الإخوان المسلمين، لكى لا يختص طبقة معينة، لأن إلغاءه ليس في صالح مصر على الأقل لفترة زمنية محددة، وأضاف دراج أن الانتخاب بالنظام الفردي هو الأنسب مع أن له بعض العيوب. من جانبه رحب المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، بممارسة ضباط الشرطة والقوات المسلحة حقوقهم السياسية، مشيرا إلى أن تصويت الجيش والشرطة في مصر أقر في عام 1956 بنص قانوني وأضاف الجمل أن دستور 2012 وضع خصيصا لولاية الفقيه والدولة الدينية، لافتا إلى أن لجنة المستشار طارق البشري وضعتنا في الطريق الخطأ والدستور خرج إخوانيا وأبدى الجمل بعض الملاحظات على عمل لجنتي العشرة والخمسين المكلفتين بإعادة صياغة بعض مواد الدستور، موضحا أنه كان من المفترض أن يكون عمل لجنة الخمسين قبل عمل لجنة العشرة. وفي ذات السياق قررت لجنة الانتخابات بجبهة الإنقاذ الوطني، تشكيل لجنة داخلية لمخاطبة أعضاء لجنة الخمسين لوضع الدستور وعرض وجهة نظر الجبهة في اعتماد نظام القوائم في الانتخابات البرلمانية القادمة وعرض مميزات هذا النظام من وجهة نظرها وأكد عمرو على أمين سر لجنة الانتخابات بجبهة الإنقاذ، أن اللجنة بدأت في إجراء اتصالات لتكوين أعضائها وتحديد استراتيجية التحرك لعرض وجهة نظر الجبهة حول قيام انتخابات مجلس الشعب القادمة بنظام القائمة، وقال إن أحزاب الإنقاذ اتفقت على أن النظام الفردى يعتبر قتلا للأحزاب والنظام الديمقراطي الذي يقوم على بناء نظام حزبي قوي، لافتا إلى أن النظام الفردي يساعد على عودة تأثير المال في العملية الانتخابية. بدوره رحب طارق الخولي عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية بورود أنباء عن دراسة الحكومة لإدراج نص في الدستور لتقنين الجماعات والحركات، لافتا إلى أنه ممن نادوا مرارا وتكرار بتقنين وضع جماعة الإخوان المسلمين حتى لا يفتح الباب على مصراعيه للتدخل الأجنبي. كما طالب حزب الدستور الحكومة الانتقالية بعقد حوار موسع مع القوى السياسية والمتخصصين لبحث أنسب نظام انتخابي لمصر وأوصى حزب الدستور في بيان له بناء على دراسة مبدئية، باعتماد نظام القائمة النسبية مع تصغير مساحة الدوائر لتحسين قدرة البرلمان القادم على التعبير عن مختلف توجهات الشعب المصري، وتجنب إهدار أصوات الناخبين الذي يعاني منه النظام الفردي، وكذلك بناء عملية ديمقراطية حقيقية تقوم على أحزاب قوية، تتنافس في برامجها وحلولها لتحقيق التقدم والتنمية العادلة، بعيدا عن الفساد وتحكم رأس المال والعصبيات،.