«فلاح مستعار أتدبر أمر حديقتي بالكتابة، ولادتي كانت بحركة فنية مدهشة استمرت معي من عام 1985 إلى اللحظة التي عجنت فيها أكثر بالشارع والقلق، لست حزيناً كما أبدو في الصور، ولا سعيداً كما تتوقعني الفتاة النحيلة دائماً». كانت تلك المقدمة التعريفية لسيرة الشاعر عبدالله العثمان الذي شارك والشاعرين محمد خضر وطلال الطويرقي في أمسية شعرية تخللها توقيع مجموعاتهم الشعرية الصادرة عن «أدبي الشرقية». الأمسية التي أقامها النادي مساء الأربعاء الماضي قدم لها الشاعر عماد العمران، وبدأها العثمان بإلقاء قصائد: «سأقفز من علبة بيبسي» و«الهرب بنصف خوذة» و«أكثر من السعادة» و«حلم ضال» و«عطسة تبدد غبار الرأس». وجاءت قصائد المجموعة نثريه تحتفي بتفاصيل من الحياة اليومية وتقف عند لحظات بعينها لتصيغها برؤية مغايره للواقع. يقول العثمان في نصّ «سأقفز من علبة بيبسي»: «سأقفز من علبة بيبسي، ربما أسميها محاولة، لرصد المسافة وسيرتي الذاتية، والرغبة التي لم تتجاوز مشاهدة فيلم قصير صامت، سأقفز من علبة بيبسي، وهذه مسافة شاهقة لشخص مثلي مريض بالبطء والتذكر ليس في المسألة مزحة لكي تلقي بهذه البساطة لست شاعرا ولست بنتا وحيدة تجيد أمر فسحتها..». وفي نص «كالأسنان» يقول العثمان: «النية ليست طين كالأسنان أو العين أو الكأس أو الشجرة أو التوقف أو لامبالاة أو اللعنة التي تلقيها أمك وأنت تمر بجانبها دون تحية». أما الشاعر محمد خضر فعرّف به العمران بأنه شاعر وكاتب ولد في مدينة أبها جنوب المملكة، ويعمل في المنطقة الشرقية، له من الإصدارات: «مؤقتا تحت غيمة» و«صندوق أقل من الضياع» و«المشي بنصف سعادة» و«تماماً كما كنت أظن». كما صدرت له رواية بعنوان: «السماء ليست في كل مكان». وقرأ خضر من ديوانه الجديد «منذ أول تفاحة» نصوص: «كأننا لم نكبر يوماً» و«لدي مشكلة» و«بطولة» و«الوراثة» الذي جاء فيه: «قال الجدّ حكمته للابن الأكبر/ الابن نقلها إلى الأولاد والفتيات على حدّ سواء/ الحكمة التي ترفرف الآن عاليا.../ الأطفال الذين علقوا صور والدهم /خلف مكاتبهم الرحبة، وفي مدخل الصالون وراحوا ينقلون الحكمة جاهزة/ إلى أطفالهم وأحفادهم. والفتياتُ اللواتي كنّ يرددن الحكمة ويضعن لها لحنا جميلاً/ يغنيها وهنّ يحكن خيوطاً من الصوف الحكمة التي التصقت بجدران البيت، ونطقتها الدمى واعشوشب بها فناء الدار الحكمة الواقفة الآن، مثل صنم ضخم، على بوابة الحياة». أما الشاعر طلال الطويرقي فقد قال العمران معرفاً به بأنه مواليد مكةالمكرمة، وتخرج في جامعة أم القرى بمكةالمكرمة، ومثل المملكة في مهرجانات عربية عدة، وأحيا أمسيات شعرية داخل المملكة وخارجها. ويأتي ديوان الطويرقي الأخير كنصّ واحد طويل يغلب عليه التفعيلة، ويتضمن بعض المقاطع العمودية، وقد قرأ الطويرقي مقاطع من النصّ، منها: «الظل يربكنا وتهصرنا يد/ ويظل يهطل من أمانيها الغد طفلين كنا في تلفتنا ولم/ ننسَ هوانا شاسعاً يتمدد ظلت مباهجنا و لن نأبه بها/ تنمو وحطّ على الصباح الموعد». ومقطع آخر: «كان يجرجني المكان بحزنه/ لا بهجة زفّت/ ولا حلم يعلق فوق غيبتك الغيوم لأصدقاء تنبهوا/ لم أكترث بضجيجهم يعلو وما قايضت صورتك الوحيدة/ حين تبرق دون قصد». واختتمت الأمسية بتسليم رئيس النادي خليل الفزيع الدروع للشعراء، والتقاط الصور التذكارية، وتوقيع الشعراء إهداءاتهم للحضور.