أسفرت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد اسطنبول ومحادثاته مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس عن اتفاق على خطوتين تمثلتا بتأسيس «مجلس تعاون استراتيجي عالي المستوى» لتعزيز العلاقات في جميع المجالات، وإلغاء تأشيرات الدخول لمواطني البلدين. وأكد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إن «علاقاتنا مع سورية باتت مثالاً يحتذى به في المنطقة والعالم»، فيما اعتبر نظيره السوري وليد المعلم تأسيس المجلس الاستراتيجي وإلغاء التأشيرات «مؤشرين على ثقة وتضامن كاملين» بين قيادتي البلدين، وان الأسد وأردوغان «أرادا تقديم هدية إلى الشعبين التركي والسوري» بإلغاء تأشيرات الدخول. وكان الأسد عقد مع أردوغان في مقر رئاسة الحكومة في اسطنبول جلستي محادثات إحداهما ثنائية والأخرى موسعة حضرها نائب الرئيس فاروق الشرع ومعاونه العماد حسن توركماني والوزير المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، قبل أن يوقع داود أوغلو والمعلم الإعلان السياسي لتأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي أمام ممثلي وسائل الإعلام. وقال داود أوغلو في المؤتمر الصحافي إن المجلس يتضمن عقد اجتماع سنوي برئاسة رئيسي الوزراء وبمشاركة عدد من الوزراء لتعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية بحيث تصل العلاقات إلى «مثال يحتذى به على المستوى المرموق للعلاقات بين الجوار». وزاد: «نسعى إلى تركز التعاون في شكل راسخ في المنطقة ونخطط لذلك. نحن في تركيا نسعى إلى تطوير العلاقات بين سورية والعراق وسنواصل جهودنا في هذا الخصوص»، لافتاً إلى أن بلاده أسست تعاوناً مماثلاً مع العراق. وسألت «الحياة» وزير الخارجية التركي عن دور إيران في هذا التعاون، فأجاب: «مستعدون في تركيا لتأسيس آليات تعاون مع إيران. هناك شعار أطلقناه وما زلنا نلتزم به، وهو إنهاء القضايا الخلافية مع الجيران وتعزيز العلاقات معهم». وقال المعلم رداً على سؤال ل «الحياة» يتعلق بمستقبل الاتفاق الموقع مع العراق في دمشق قبل نحو شهر، إن «سورية تلتزم بما تتفق عليه. نحن ملتزمون بالاتفاق. سمعت أصواتاً في العراق تقول إن سبب اتهام سورية (بتفجيرات الشهر الماضي) جاء ممن لا يرغب بتفعيل هذا التعاون. آمل أن لا يكون هذا صحيحاً لأن هذا التعاون الاستراتيجي فيه مصلحة الشعبين الشقيقين». واعتبر المعلم أن محادثات الأسد مع رئيس الوزراء التركي كانت «بناءة للغاية»، وتناولت تعزيز العلاقات الثنائية والأوضاع الاقليمية، و «عبر الرئيس عن امتنانه للجهود التي تبذلها تركيا لتجاوز الأزمة القائمة والمفتعلة مع العراق، كما بحث في موضوع عملية السلام. وكانت وجهات النظر متطابقة حول خطورة الاستيطان الإسرائيلي واستمرار الحصار على غزة، كون ذلك يشكل خرقاً للقانون الدولي وعقبة حقيقية أمام السلام». وأوضح أن الأسد «عبّر عن تمسك سورية بالدور التركي لاستئناف المفاوضات غير المباشرة على المسار السوري - الإسرائيلي، وإن كنا مقتنعين بعدم وجود شريك إسرائيلي لصنع السلام». من جهته، قال داود أوغلو رداً على سؤال إن في الجولات الأخيرة من المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل «أبرز الجانبان إرادة كاملة للاستمرار في المفاوضات. وتم قطع شوط كبير لولا الاعتداءات الإسرائيلية على غزة التي سقط فيها ضحايا أبرياء. توصلنا إلى نتيجة، ونتقدم من سورية بجزيل الشكر على مساهماتها... لكن بعد فترة، تغيرت الإرادة في إسرائيل، علماً أن سورية أكدت أكثر من مرة استعدادها للمشاركة في مفاوضات غير مباشرة. ونحن مستعدون لتقديم مساهماتنا إذا ظهرت تلك الإرادة (في إسرائيل) كي يكون الهدف حقيقياً وفعالاً».