بدا غريباً جداً «سلوك» مقدم برنامج «الوسط الفني» على قناة «الفراعين» حين استضاف الراقصة الأرمنية الأصل صافيناز. فبعد مقدمة طويلة حول ضرورات الاسم الفني وتشابكاته «المعقدة» عما إذا كان هو صوفي نار أو غير ذلك أخذ هذا المذيع على عاتقه أن يذكّر المشاهدين كل دقيقة بمعرفته المسبقة بالراقصة التي تجيد من ست إلى سبع لغات. الغريب في الأمر أنه كان يصرّ على محاولات استنطاقها بخصوص برنامجه «وخطورته» على الوسط الفني، وقد بدا واضحاً أنه لا يتعدى البحث عن الفضائح الصغيرة التي تعجّ بها مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج كثيرة تعد بهذه الطريقة على محطات فضائية شبيهة ب «الفراعين»، وهي على سوية واحدة لأن هذه النوعية - من سوء حظ المذيع - تفرض هويتها على المتلقي وعلى الوسط الذي تدور فيه. قد تشكل الراقصة الأرمنية ظاهرة ما، كما تبين مواقع التواصل الاجتماعي شعبيتها الكاسحة التي أصبحت تهدد الراقصات المصريات، فيما بدا أن وسائل الإعلام لم تترك تفصيلاً صغيراً في حياتها إلا ونبشته، وقد قام معجبون بعمل «هاشتاغ» ساخر لها على «تويتر» من أجل تنظيم حملة انتخابها رئيسة لمصر. هنا لا يبدو أن المذيع وقف بعيداً من هذه الجائحة، بل أخذ يصرّ على أن يكون مكملاً لها، فاستضافته لصافيناز جاءت من باب التخلص من الشعور الكبير بالاختناق لدى قطاعات واسعة من الناس بعد الأحداث التي مرت بها مصر، ولهذا أراد أن يقدم لهم ما يخفف عليهم وطأة هذا الشعور الثقيل. التعليقات كثيرة حول اللقاء، فما بين غير مصدق أن صافيناز تجيد ست أو سبع لغات وحقيقة هويتها، هناك من يذهب بعيداً في الاستخفاف بالأحوال التي آلت إليها أم الدنيا بعد «ثورة 25 يناير». وإن كان ثمة من يتحمل مسؤولية فهو هذه النوعية من البرامج التي تبحث عن إثارة من أي نوع حتى لو كانت من باب السخرية المنظمة من الثقافة. والأكيد أن ظاهرة مثل صوفي نار وغيرها لا يمكن لها أن تمرّ من دون تنظيم مثل هذه الحفلات على الهواء مباشرة، وقد لا يكون ذنبها هي بالذات، فهي «راقصة» تبحث عن موطئ قدم لها في مكان يعجّ بكثيرات مثلها، وقد لا تكون مهتمة أساساً بالدعاية لنفسها بوصفها راقصة باليه مثقفة وتدرك ثقافة الجسد في فضاء معلوم وغير معلوم، لكنّ نوعية الإسفاف الذي يقدمه برنامج مثل «الوسط الفني» قد لا تترك لها فرصة أن تتخيل شيئاً مما كانت عليه من قبل، وقد تتواطأ من باب الشعور بالوهن الثقافي مع مذيع يريد أن يثبت لجمهور المحطات الفضائية أنه مواظب على السخرية من الثقافة التي تبدو ثقيلة وخانقة لمن يغوص فيها ويبحث عن جدوى إعادة تنظيمها في حياة الناس وعقولهم.