رغم قرب انتهاء المهلة الدستورية للجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري، إلا أن الخلافات داخل اللجنة في شأن مواد جوهرية مازالت مستمرة. وأمهل إعلان دستوري اللجنة 60 يوماً للانتهاء من صياغة مسودة وردت إليها من لجنة خبراء تضم 10 قضاة وقانونيين. وكان يفترض أن تنتهي من عملها في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لكن أعضاءها فسروا المهلة على أنها 60 يوم عمل، ما مدد عملها حتى 3 كانون الثاني (ديسمبر) المقبل، لكن رغم ذلك ما زالت خلافات أساسية تراوح مكانها. وقال مقرر لجنة نظام الحكم المنبثقة عن لجنة الخمسين عمرو الشوبكي ل «الحياة» إن الخلافات تتركز بالأساس حول المادة المتعلقة بالقوات المسلحة وباب السلطة القضائية والهوية، لافتاً إلى أن «ما دون ذلك تم إنجاز توافق حوله بنسبة كبيرة». وأشار إلى أن هناك توافقاً على حذف المادة 219 التي تتبنى تفسيراً مثيراً للجدل لمبادئ الشريعة الإسلامية مع النص على تفسير المحكمة الدستورية العليا لهذه المبادئ على أنها الأحكام قطعية الثبوت، وهو تفسير يرفضه تيار الإسلام السياسي في ديباجة الدستور وليس مواده. لكن الشوبكي أوضح أن هذا الحل لم يتم التوافق حوله، إذ لايزال السلفيون يرفضونه. أما بخصوص مواد الجيش، فأشار الشوبكي إلى أنه بخصوص تعيين وزير الدفاع، فاللجنة توافقت بالفعل على ضرورة موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على اسمه، لكن مع منح الرئيس حق إعفائه من منصبه، وفي هذه الحالة يلتزم المجلس الأعلى باختيار وزير جديد. وأوضح الشوبكي أن هذه الآلية ستكون موقتة، والنقاش الآن يدور في شأن مدتها، وإذا ما كانت ستستمر لفترة رئاسية واحدة (5 سنوات) أم فترتين، لكن الرأي الغالب أن تستمر فترتين (10 سنوات). ولفت الشوبكي إلى أن الخلاف الأبرز في ما يخص الجيش يتعلق أساساً بالمحاكمات العسكرية للمدنيين، إذ إن هناك ثلاثة آراء في هذا الصدد، الأول يعترض من الأساس على تضمين الجرائم التي تستهدف القوات المسلحة في نص دستوري، ويرفض المحاكمات العسكرية من حيث المبدأ، واتجاه آخر يجيز إخضاع المدنيين لمحاكمات عسكرية كاستثناء في حال «الاعتداء المباشر» على آليات أو أفراد أو وحدات القوات المسلحة، ولكن هذه الموافقة تصطدم بالرأي الثالث ويمثله اقتراح الجيش والذي يتوسع في إخضاع المدنيين لمحاكمات عسكرية ويربط الأمر ب «الجرائم المضرة بالقوات المسلحة». أما في ما يخص السلطة القضائية، فيتمحور الخلاف الأساسي حول صلاحيات واختصاصات القضاء التأديبي وهيئة قضايا الدولة. وعبر الشوبكي عن أمله في الوصول إلى توافقات في شأن تلك الخلافات خلال الأسبوع الجاري، معوّلاً على «وعي أعضاء اللجنة بطبيعة المرحلة». وقال: «لابد من إنجاز الدستور عبر عملية توافقية أساساً، لأن الوثيقة لن تُرضي أحداً بنسبة مئة في المئة». وعن تقويض سلطة البرلمان في سحب الثقة من الحكومة بعد تعديل النسبة المطلوبة لإقالة الحكومة من 50 في المائة وعضو واحد في البرلمان إلى ثلثي البرلمان، أوضح الشوبكي أن هناك تحولاً في الدستور الجديد إلى «النظام شبه الرئاسي»، ومن ثم ستكون هناك آليتان لإقالة الحكومة، إما عبر موافقة ثلثي البرلمان على إقالتها أو بقرار من الرئيس يستلزم موافقة ثلث أعضاء البرلمان فقط عليه، لافتاً إلى أنه لن يحق للرئيس إقالة الحكومة بقرار منفرد. وستُشكل الحكومة من الحزب أو الائتلاف الفائز بغالبية مقاعد البرلمان.