باتت عملية صياغة تعديلات على الدستور الذي كان عطله الجيش عقب قرار عزل الرئيس السابق محمد مرسي «في طورها النهائي»، مع قرب انتهاء المهلة الزمنية المحددة للجنة المقرر لها مطلع الشهر المقبل، فيما سيكون الأسبوع الجاري حاسماً في طريق البحث عن صياغات توافقية للمواد المثيرة للجدل، تمهيداً لصدور مسودة أولية للدستور قبل بداية عطلة عيد الأضحى الأسبوع المقبل. وبدا واضحاً أن بعض هذه الصياغات التوافقية مدفوع بالحاجة إلى استمرار حزب «النور» السلفي داخل المعادلة السياسية، كي لا ينضم إلى معسكر جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها الذين بدأوا بالفعل حشد أنصارهم للتصويت برفض التعديلات الدستورية. وأكد رئيس لجنة تعديل الدستور عمرو موسى الانتهاء من مسودة مقترحة لمشروع الدستور قبل عطلة عيد الأضحى. لكنه أوضح ل «الحياة» أن تلك المسودة «داخلية ولن يعلن عنها لأنها لن تتضمن صياغات نهائية للمواد، وستكون هناك صياغتان لبعض المواد وعبارات ما بين الأقواس على أن يتم طرح تلك المسودة للنقاش بعد العيد». وكشف أن بعض المواد الخلافية «توصلنا إلى توافقات في شأنها»، من دون أن يفصح عن تلك المواد، «والبعض الآخر سيجري نقاشاً في شأنه الأسبوع الجاري». وقال: «نكثف تحركنا نحو التوصل إلى صياغات توافقية للدستور». وسألته «الحياة» عن المادة المتعلقة بتفسير مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التي يتمسك بها حزب «النور»، فأجاب أن «تقدماً جرى نحو التوصل إلى صياغات توافقية». وأشار إلى اجتماع سيحصل خلال الأسبوع الجاري هو الثاني من نوعه سيضم ممثلين عن حزب «النور» وأعضاء في اللجنة. أما المواد المتعلقة بوضع الجيش، فقال: «لا نستطيع القول إن تلك المواد عليها خلاف. هناك نقاش يجري في الأروقة، وستحصل اجتماعات جديدة بين أعضاء لجنة الدستور وممثلي الجيش في اللجنة». ولفت إلى «استمرار الخلاف في شأن النظام الانتخابي الأمثل للبرلمان»، فيما «قاربنا على الانتهاء من المواد المتعلقة بصلاحيات الرئيس، وهناك اقتراح راجح بتشكيل غرفة ثانية للبرلمان». وأوضح أن «هناك اتفاقاً على إنهاء وجود مجلس الشورى... لكن في ظل حاجة البلد وعملية التشريع ومرجعيته إلى غرفة ثانية تبرز الحاجة إلى تشكيل غرفة ثانية للبرلمان سيعول عليها لدرس التشريعيات، لكن ستسمى مجلس الشيوخ». واتفق الممثل الاحتياطي لحزب «النور» في اللجنة صلاح عبدالمعبود مع حديث موسى عن تعديلات توافقية، قائلاً إن «هذا الأسبوع سيجري خلاله حسم الخلافات في شأن مواد الدستور». وأوضح ل «الحياة» أن «نقاشات لا تزال تجري في شأن مواد الشريعة الإسلامية ما بين حذف كلمة مبادئ أو وضح تفسير لها»، لافتاً إلى أن «الاتجاه الأرجح هو وضع تفسير لهذة الكلمة». ولفت إلى أن «هناك خلافاً حول المادة المتعلقة بحظر إنشاء أحزاب على أساس ديني التي نرفضها ومعنا أحزاب أخرى لكونها مادة غامضة ومطاطة ويمكن للسلطة استخدامها بحسب أهوائها». وقال: «هناك جلسات تجري على هامش أعمال تعديل الدستور، والجميع مدرك الحاجة إلى التوافق وتقريب وجهات النظر». أما مقرر لجنة نظام الحكم عمرو الشوبكي فأكد ل «الحياة» أن «أكثر من ثلثي مواد الدستور تم التوافق في شأنها داخل اللجان النوعية»، مشيراً إلى أن الأسبوع الجاري «سيكون حاسماً في التوافق على المواد الخلافية تمهيداً لصدور مسودة أولى للدستور». وأوضح أن «النقاش يدور الآن في شأن مواد استمرار الشورى والمتعلقة بالجيش وتخصيص حصة في المجالس النيابية للعمال والفلاحين وأخرى للنساء»، لافتاً إلى أن «الاتجاه الأرجح هو اعتماد النظام الانتخابي المختلط بين الفردي والقائمة، لكن تدور النقاشات حول نسب القائمة، إذ ستكون المنافسة الغالبة في التشريعيات بنظام الفردي في دوائر صغيرة، وسيسمح بالمنافسة بنظام القوائم على مستوى المحافظات». وفي ما يخص المواد المرتبطة بالشريعة الإسلامية، أكد أنه «تم الاتفاق على الإبقاء على المادة الثانية في الدستور (التي تنص على أن مبادئ الشريعة هي المرجع الرئيس للتشريع) كما هي، لكن يدور نقاش في شأن المادة المفسرة لمبادئ الشريعة، سواء بإلغائها أو تقليصها عما كان موجوداً في الدستور المعطل». وشدد الشوبكي على «الحاجة إلى استمرار وجود حزب النور داخل اللجنة، لكن بما لا يخل بالمبادئ الأساسية للدستور»، منبهاً إلى أن «الثمن السياسي لانسحابه سيكون صعباً». وقال: «نسعى إلى أن ندفع بالنور للاستمرار في العملية السياسية. الجميع متمسك بوجوده وبأن يكون طرفاً أصيلاً في خريطة الطريق».