أظهرت النقاشات داخل لجنة الخمسين لتعديل الدستور الذي عطله الجيش عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي وجود خلافات «عميقة» تتعدى حتى الاستقطابات بين القوى السياسية المتناحرة، ما يهدد بتأخر الدستور المعدل عن الموعد الذي حدده الإعلان الدستوري في منتصف الشهر المقبل. واستدعت تلك الخلافات تدخلاً من الرئيس الموقت عدلي منصور الذي اجتمع أمس مع مسؤولي اللجنة، في مسعى منه لرأب الصدع. وتواجه عملية تمرير التعديلات الدستورية إشكاليات عدة، فإضافة إلى المادة المتعلقة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية التي يتمسك بها حزب «النور» السلفي في مواجهة معظم أعضاء اللجنة الذين يرون الاكتفاء بالمادة الثانية التي تشير إلى أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المرجع الرئيسي للتشريع»، هناك المواد المتعلقة بوضع المؤسسة العسكرية وانقسامات بين الهيئات القضائية في شأن صلاحيات كل منها في الدستور وصلاحيات السلطة القضائية بصفة عامة، إضافة إلى النظام الانتخابي الذي سيعتمده الاستحقاق التشريعي المقبل، وتخصيص حصة نيابية للعمال والفلاحين وأخرى للنساء. ولم تحسم هذه القضايا في مسودة أولية بدأ إخضاعها للنقاش أول من أمس. وأقر مقرر لجنة نظام الحكم عمرو الشوبكي بوجود «خلافات عميقة في شأن مواد الدستور تعدت الخلافات بين القوى السياسية». وقال ل «الحياة»: «إجمالاً هناك شعور لدى الهيئات وسلطات الدولة بالخوف من السلطات المنتخبة (البرلمان والرئيس المقبلين)، إضافة إلى التوجس وعدم الثقة بين القوى الإسلامية والقوى العلمانية، وبالتالي كل طرف يسعى إلى حجز ضمانات تحصنه في الدستور... هناك 10 مواد لا تزال محل جدل». ورغم أن رئيس لجنة تعديل الدستور عمرو موسى نفى ممارسة أي جهة ضغوطاً على لجنته، إلا أنه أقر بعمق الخلافات. وأوضح أن جهات كثيرة تحاول إقناع اللجنة بمطالب معينة، ومنها على سبيل المثال هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية ومختلف الهيئات القضائية واتحادات المعوّقين، «نحن لا نسمي هذا ضغوطاً، لكن يوجد لوبي (محاولات إقناع) ونحن نتقبل هذا، ومن الضروري أن نتقبله، فأي هيئة بما فيها القوات المسلحة تحاول أن تدافع عن مصالح معينة، ولا أصف ذلك بأنه ضغوط». ونفى أن تكون القوات المسلحة طلبت تحصين وزير الدفاع شخصياً. وقال: «لا يوجد أبداً ما يسمى تحصين... لماذا دائماً يتم الحديث عن الضغوط من القوات المسلحة وليس من السلطة القضائية؟ فالجميع يقوم بعمل لوبي وهذه هي سمة العصر ولغته، ففي مصر من الضروري أن يكون هناك لوبي كي أفهم وجهات النظر، ولكن في النهاية القرار يعود فقط للجنة الخمسين، والتصويت تصويت لجنة الخمسين، فاستمعنا مثلاً إلى السلطة القضائية، وإنما النص لجنة الخمسين هي من ستقرره». ورغم إعلان الناطق باسم اللجنة محمد سلماوي الاستقرار على بقاء المادة الثانية من الدستور من دون تعديل وحذف المادة 219 المتعلقة بتفسير مبادئ الشريعة، إلا أن الأمين العام لحزب «النور» جلال مرة أكد ل «الحياة» أن المواد المتعلقة بالشريعة «لا تزال تخضع للنقاش ولم تحسم بعد»، وإن أبدى بعض المرونة، إذ أوضح ل «الحياة» أن حزبه «يبحث فقهياً في تفسير المحكمة الدستورية لمبادئ الشريعة الإسلامية والذي يحصرها في المبادئ قطعية الثبوت والدلالة، لنرى ما إن كان هذا التفسير كافياً أم يحتاج إلى إضافة». وتابع: «نريد التأكيد على تطبيق الشريعة ومازلنا نبحث في الأمر». لكنه أكد أن أعضاء اللجنة يبدون «تعاوناً نحو خروج دستور عليه اتفاق وأن نخرج بالبلاد من حال الاستقطاب والتناحر». وتوقع عضو اللجنة محمد غنيم أن تنتهي لجنة الصياغة من عملها منتصف الأسبوع المقبل «لتتم مناقشته في الجلسة العامة بنهاية الأسبوع»، مشيراً إلى أن «من المتفق عليه أن تنتهي اللجان النوعية من عملها ويعرض على لجنة الصياغة ثم يعرض بعد ذلك على أعضاء اللجان النوعية لمراجعته ومناقشة تعديلات الصياغة في حال وجودها ثم تجميع عمل اللجان في منتج شبه مكتمل يعرض على الأعضاء الخمسين ويناقش بعد ذلك في الجلسات العامة للتصويت عليه». وطالب بالالتزام بالخطة التي وضعت لتنظيم العمل داخل اللجنة «حتى تتمكن من إنجاز مهمتها في المدة الممنوحة لها وفقاً للإعلان الدستوري والقرار الجمهوري».