يعلن قادة الأحزاب الإسلامية في الجزائر في اجتماعاتهم المغلقة في الأشهر الأخيرة، أنهم لن يسمحوا للسلطة بأن تجعل منهم مجرد «أدوات زينة» في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في سباق يبدو محسوماً سلفاً لصالح مرشح السلطة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة. لكن الخلافات التقليدية التي تفرق قادة التيار الإسلامي الجزائري تجعل التكهن بتجاوز سقطاتهم المعتادة، أمراً غير مؤكد. وكان زعيم حركة مجتمع السلم (الإخوان المسلمين) عبد الرزاق مقري أطلق مبادرة للبحث عن توافق إسلامي وطني، سرعان ما اصطدمت بصعوبات بالغة في فتح الحوارات مع مختلف قيادات التيار الإسلامي. وأسرّ مقري لمقرَّبيه بأنه لم يكن يتوقع أبداً كل «هذه العقد» وسط التيار الإسلامي الذي خاض تجربة عنف مريرة في الجزائر. في المقابل،، يقول الأمين العام لحركة النهضة ذات الخلفية الإسلامية، فاتح ربيعي، في حديثه عن الانتخابات الرئاسية المقبلة: «إننا نرفض الأرنبة والثعلبة و الذأبنة» وهو تقسيم اعتادت الصحافة الجزائرية إطلاقه على المرشحين وفق حظوظهم في الانتخابات. و»الأرانب» هم مَن تعطي مشاركتهم في الانتخابات انطباعاً خاطئاً بأنها تشهد تنافساً كبيراً. وقال أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي الجزائري بوحنية قوي ل «الحياة» إن «كل المؤشرات تؤكد استحالة توافق المعارضة على مرشح توافقي لمواجهة مرشح السلطة، وذلك لاعتبارات كثيرة «، وأضاف أن «المعارضة الجزائرية بمختلف أطيافها السياسية تعاني انقسامات عميقة وحتى الأحزاب التي كانت تتميز تاريخياً بمعارضتها الراديكالية للنظام لوحظ أخيراً تقارب في وجهات النظر بينها وبين السلطة. الأمر الذي يُعتبر بمثابة ترويض سياسي للخصوم». وأشار المحلل الجزائري إلى فشل كل مبادرات الإسلاميين للتوافق على مرشح واحد لمواجهة النظام بسبب «الصراع على الزعامة في ما بينهم»، علماً أن الاتفاق المحتمل على مرشح إسلامي معارض لمواجهة بوتفليقة من شأنه أن يفيد السلطة عبر إضفاء شرعية المشاركة لمختلف شرائح المجتمع في الانتخابات المتوقعة في نيسان (أبريل) المقبل. وسجل الحراك السياسي المعارض في الجزائر اندفاعاً من جانب التيار الإسلامي في اتجاه البحث عن تقاطعات مع القوى الوطنية، ووجود رغبة كبيرة في إقامة تحالف مشترك خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن الأمر لم يتعد حدود «الغزل السياسي» مع أحزاب مثل «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» العلماني.