لم يعد خافياً أن عبدالرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» (حمس) ذات المرجعية الإسلامية وممثل «الإخوان» في الجزائر، سيكون أحد أبرز المرشحين المحتملين لتمثيل الإسلاميين في أي إنتخابات رئاسية مقبلة يتردد أن البلاد قد تنظمها في حال لم يتمكن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من إكمال ولايته الثالثة التي تنتهي في ربيع العام المقبل. وتقول مصادر إسلامية إن مقري يتجه لأن يكون «المرشح الأوفر حظاً» لتمثيل التيار الإسلامي المشتت في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، لافتة إلى أن رئيس حركة «النهضة» الإسلامية التونسية راشد الغنوشي أطلق تصريحات في الجزائر فُهم منها أنه يساند مقري ضد منافسيه المحتملين على منصب الرئاسة. ودفع هذا التفسير لتصريحات الغنوشي أحد مسؤولي وزارة الخارجية الجزائرية إلى أن يقول إن الجزائر لا تعتقد أن رئيس «النهضة» التونسية قد يقع في «مثل هذا الخطأ وهو السياسي المتمرس». وقد شرح راشد الغنوشي كلامه أمس في مطار العاصمة عندما قال: «أنا لا أعلم بأي وجه أن الجزائر تبحث عن رئيس لها اليوم لأن لها رئيسها وهو في مكانه الملائم والطبيعي وليس هناك أصلاً ترشيحات لهذا الموقع لأنه مشغول من قبل من هو أهل له. إنه الرئيس، الأخ والصديق عبدالعزيز بوتفليقة وأرجو الله أن يعجّل بعودته مظفراً سالماً ليواصل مهماته». ويُعالج بوتفليقة في فرنسا منذ أكثر من شهر ونصف بعد إصابته بجلطة دماغية. وأضاف الغنوشي إن ما نُسب إليه بخصوص ترشيحه بعض الوجوه السياسية لمنصب رئيس الجمهورية هو «محض اختلاق ... حتى وإن كان هذا الموضوع مطروحاً فهذا ليس من شأني أن أرشّح زيداً أو عمراً». وتقول مراجع حزبية موثوق بها داخل «التكتل الأخضر» الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية هي: «حركة مجتمع السلم» و «حركة النهضة» و «حركة الإصلاح الوطني»، إن قادتها توصلوا إلى اتفاق ينص على دخول الرئاسيات المقبلة بمرشح يمثّل هذا التيار ويكون نتاج خيار محلي تزكّيه مجالس الشورى (للأحزاب الثلاثة)، وفي درجة ثانية يحتمل هذا التكتل تزكية شخصية وطنية «جامعة» وقعت بشأنها مشاورات غير معلنة مع أحزاب أخرى في المعارضة. وقد اقترب عبدالرزاق مقري في سياق المشاورات السياسية حول الرئاسيات من كافة «فصائل» الأحزاب الإسلامية النشطة في الجزائر، في مبادرة غير مسبوقة في تاريخ هذا التيار الذي يعاني شتاتاً بسبب «خلافات المشيخة» (أي من يكون «شيخ» التيار الإسلامي). ونقل قياديون عن المعارض الإسلامي عبدالله جاب الله الذي التقاه مقري لشأن يتعلق بالإنتخابات الرئاسية إنه قال: «أقف إلى جانبك في نية توحيد التيار الإسلامي لكنني واثق من فشل المساعي». وتفيد مؤشرات عدة إلى أن الإسلاميين يتحضرون فعلاً للتقدم بمرشحهم في الإنتخابات الرئاسية، وإن حدث ذلك فسيكون الأمر بمثابة قطيعة مع سياسات استغرقت أكثر من عقد من الزمن وقف فيها الحزب الأكبر «حركة مجتمع السلم» خلف مرشح الإجماع عبدالعزيز بوتفليقة، بغض النظر عن ترشح عبدالله جاب الله في 2004 وهو الموعد الانتخابي الذي بدا محسوماً لمصلحة بوتفليقة في صراعه يومها ضد منافسه علي بن فليس. وقدّمت مجلة فرنسية الأسبوع الماضي ما اعتبرته استعداداً من الإسلاميين لاكتساح الإنتخابات. وكتبت «جون أفريك» في تعليق على نتائج سبر آراء إلكتروني على موقعها، أن 37 في المئة من المصوّتين أجابوا بأنهم يفضلون علي بن فليس خليفة لبوتفليقة الذي تنتهي عهدته في 2014، متبوعاً برئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري الذي حقق 35 في المئة من الأصوات. لكن «جون أفريك» كشفت أن جهات في أميركا برمجت أربعة أنظمة للتصويت الآلي لمقري ما اعتُبر «تزويراً» إذ كشفت أن كل برنامج من هذه الأنظمة (كاليفورنيا وفلوريدا وميتشيغين وهيوستن) منح لهذا المرشح ما بين 30 ألف صوت و60 ألف صوت أي حوالي 190 ألف صوت. إلا أن استعدادات الإسلاميين لا تبدو غائبة عن فريق الوطنيين و هم «عصبة» سياسية تؤمن أن الإنتخابات الرئاسية في الجزائر شأن خاص بها (جميع رؤساء الجزائر منذ الاستقلال ينتمون إلى التيار الوطني). ويقول مراقبون إن الصورة المضعضعة التي يظهر عليها حزبا السلطة - جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي - لا يجب أن تخفي حقيقة أنهما سيكونان على أهبة الإستعداد لو طلب منهما تأدية دور ما خلف مرشح تختاره دائرة النفوذ في الدولة.