دشّن أخيراً «ملتقى الثلثاء الثقافي» بالكويت موسمه ال18 بأمسية سعودية ثنائية شارك فيها الشاعران السعوديان محمد الحرز وعبدالوهاب العريض، حيث قدما تجربتهما الأخيرة في جمعية الخريجين بالعاصمة الكويت التي شهدت حضوراً نخبوياً من شعراء ومثقفين وإعلاميين كويتيين، وسعوديين وعرب. افتتح الأمسية الشاعر الكويتي دخيل الخليفة مقدماً لفعاليات الملتقى، التي قدمت من خلالها تجارب محلية وعربية مختلفة تمثل تجارب أجيال أدبية حملت على عاتقها همّ السؤال الثقافي الذي رسم المشهد العربي بشكل يليق بتجاربها. افتتح الأمسية الشاعر الحرز بقصائد من اشتغالاته الجديدة التي تأتي منذ أواخر التسعينات حتى 2014 التي توجها بإصدار مجموعة جديدة عن دار مسعى في البحرين، وعنونها «ولدت كخطأ طبي»، كما قرأ خلال الأمسية مجموعة نصوص إشكالية كان منها «سارق الثمار»، «شقيقاتي الثلاث»، «شبيهك يا أبي»، «الطائر». فيما قرأ العريض نصوصاً من مجموعته «محبرة تنتحب» التي صدرت عن دار فراديس 2011، وهي عبارة عن نصوص تشي بتجربته الأولى، كما قرأ مجموعة نصوص من مجموعته الشعرية الأخيرة «بأسنان صاغها الليل» الصادرة أيضاً عن دار مسعى، كان منها «غبار»، «سيدة الساحل»، «الليل نشوة هاربة» و«تغمض يديك على الطاولة». وربما من غير نية مسبقة اتفق الشاعران على تقديم نصوص لامست مساءلة الحياة، واستشراف الإنسان بشكله المثالي بعيداً عن الغربة التي يشعرها الفرد في ضجة الحياة وثقلها الفلسفي. كان الشعر في أمسية الثلثاء يذهب ناحية الفردية المطلقة في صيغة الجمع، ويأخذ بيد اللغة للجموع في صيغة الفردانية من دون أن يثقل المتلقين بالالتفات إلى اللغة على حساب الفضاء الشعري. وجاء في نص «سيّدةُ السّاحل» للعريض: «مثلُ مطرٍ وشيكٍ يحملُ غيمتَهُ بينَ ذِراعيْهِ ينثرُ رذاذَ يومِهِ بينَ النوارس يُؤجِّلُ عاصفةَ نهارِهِ للظهيرة ... ** مثلُ دمعةٍ حلَمَتْ بجفنٍ ينتظرُ الهواءَ حمَلتْ بِداخلِها أحلامَهُ وسقطتْ مع أوّلِ ورقةِ خريف ** مولعٌ بالنبيذِ أَنتَ تحمِلُ زجاجةَ نهارِكَ نحو أَرصفةِ الصمتِ ضجيجُ المارّةِ ينكسرُ في المطر موسيقاكَ الطريَّة تحمِلُ جسدَكَ المترنّح بين الشوارع لتسقُطَ في أَحضانِ سيِّدةِ الساحلِ وتغِيب»