مع تراجع فرص الاتفاق النووي الإيراني والنكسات المتلاحقة للمعارضة العسكرية المعتدلة في شمال سورية، نقلت محطة «سي أن أن» عن مسؤولين أميركيين أن الرئيس باراك أوباما طلب من مستشاريه «مراجعة الخيارات في سورية»، مشيرة إلى أن هناك «إقراراً ضمنياً بأن عدم التركيز على إطاحة (الرئيس السوري بشار) الأسد كان خطأ في الحسابات». ومن بين الخطوات التي أفيد أن إدارة أوباما تدرسها حالياً إقامة منطقة حظر جوي واستعجال وتوسيع برنامج تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة. ونقلت «سي أن أن» عن مسؤولين أميركيين أن أوباما «طلب من فريق الأمن القومي القيام بمراجعة أخرى حول السياسة الأميركية في سورية بعد الإقرار بأن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية (داعش) لا يمكن هزيمته من دون مرحلة انتقالية في سورية وإطاحة الرئيس بشار الأسد». وتشكّل المراجعة «إقراراً ضمنياً بأن الاستراتيجية الأولى في محاولة مواجهة داعش في العراق أولاً ومن ثم محاربتها في سورية من دون التركيز على الأسد، كانت خطأ في الحسابات»، بحسب ما أوردت المحطة الإخبارية الأميركية. وعقد البيت الأبيض أربعة اجتماعات حول الاستراتيجية في سورية قبل مغادرة أوباما إلى آسيا الأسبوع الفائت، وتمحورت بحسب المسؤولين الأميركيين حول «كيفية وضع سورية بشكل أفضل داخل الاستراتيجية ضد داعش» بما أن نهج «العراق أولاً» والانتظار حتى تدريب وتجهيز المعارضة السورية لمحاربة «داعش» ومن ثم نظام الأسد لم يعد منطقياً. ويقول مسؤول أميركي إن «التطورات على الأرض في سورية» والصعوبات أمام «الجيش الحر» الذي يخوض معركة على جبهتين ضد الأسد وضد المتطرفين مثل «داعش» و «جبهة النصرة» جعلت واشنطن تعيد حساباتها. ويضيف المسؤول أنه «في عالم مثالي يتم دحر داعش من العراق وإجبار التنظيم على أخذ منعطف في سورية، ولكن إذا كانت المعارضة مطموسة و «داعش» ما زال موجوداً هناك (في سورية)، فهذا لا يساعد». ومن بين الخيارات التي يتم درسها «إقامة منطقة حظر جوي على الحدود مع تركيا وتوسيع برنامج وزارة الدفاع الأميركية لتدريب وتجهيز المعارضة». وكانت أنقرة طالبت بمنطقة حظر جوي وبدا البيت الأبيض متردداً في الموافقة عليها قبل الانتخابات النصفية للكونغرس وفي ظل انتظار المفاوضات مع إيران. وتزايدت الانتقادات من داخل الإدارة بعد مذكرة من وزير الدفاع تشاك هيغل إلى مستشارة الأمن القومي سوزان رايس تسرّب مضمونها للإعلام الأميركي وتحفظ فيها وزير الدفاع عن الاستراتيجية الحالية ودعا إلى موقف أقوى ضد الأسد. كما أعاد وزير الخارجية جون كيري تكرار هذه الانتقادات أخيراً. ولوحظ أن الشرخ قد ازداد في الفترة الأخيرة داخل «التحالف» المشارك في الحرب على «داعش» حول المسألة السورية، وبين الجيش الأميركي وأوباما. وأوردت «سي أن أن» معلومات عن تراجع في ثقة الأميركيين بالجانب الروسي في المسألة السورية، ونقلت عن مسؤول أميركي إن «الروس ليسوا أصدقاءنا هنا». وأضاف المسؤول متحدثاً عن الملف السوري: «لقد أعطوا (الروس) مواقف غامضة، من دون أن يقولوا نحن معكم أو نريد التخلص منه (الرئيس السوري). وهم ما زالوا يسلّحون الأسد ويقدمون له الدعم المباشر». وأشارت المحطة إلى أن كيري بحث مع كل من تركيا والسعودية والإمارات في المرحلة الانتقالية في سورية، كما بحث الأمر ذاته مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الذي التقاه في مسقط. ولفت مسؤولون إلى «جدل داخل النظام الإيراني حول مصير الأسد، إنما لا مؤشر على أن المرشد الأعلى (علي خامنئي) والحرس الثوري مستعدون للتخلي عنه». وأضاف هؤلاء متحدثين عن إيران: «المعتدلون (في طهران) لا يقررون مجرى الأمور في سورية، والإيرانيون عرضوا خططاً مثل الإصلاح الدستوري والانتخابات لاحقاً، وهذا أفضل من لا شيء، إنما (ما عرضوه) لا يشمل الأسد وليس أساساً لاتفاقية». ويأمل ديبلوماسيون عرب بتوافق روسي - سعودي حول إطار حل سياسي يجبر إيران على العودة إلى الطاولة. ورحب مسؤولون أميركيون بفكرة وقف إطلاق النار في مناطق معينة في سورية كونها تتيح الوقت لتجهيز وتدريب المعارضة المعتدلة في فترة قد تأخذ تسعة أشهر، بحسب القيادة العسكرية الأميركية.