أكدت مصادر مطلعة ل «الحياة» وجود «تفاهم» بين ادارة الرئيس باراك اوباما وايران يتضمن عدم استهداف المقاتلات الاميركية قوات النظام السوري مقابل «ضمان أمن» الخبراء الاميركيين الموجودين في العراق ضمن الاستراتيجية الاميركية ل «هزيمة» تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) في العراق. وأوضحت المصادر ان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ارسل مستشاره للامن الوطني فالح فياض الى الرئيس بشار الاسد عشية بدء قوات التحالف الدولي - العربي شن ضربات جوية على مواقع «داعش» في شمال سورية وشمالها الشرقي في 23 ايلول (سبتمبر) الماضي، حيث حمل رسالة نيابة عن واشنطن من ان القوات النظامية «ليست هدفاً» للغارات الاميركية. وكانت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) أعلنت ان «الاسد اكد خلال لقائه فياض تأييد اي جهد دولي لمحاربة الارهاب»، فيما افيد بأن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ابلغ نظيره العراقي ابراهيم الجعفري والسفيرة الاميركية في نيويورك سامنتا باور أبلغت السفير السوري بشار الجعفري نية قوات التحالف ضرب «داعش» في سورية وضرورة عدم اعتراض الدفاعات الجوية مقاتلات التحالف التي لن تضرب القوات النظامية. وأوضحت المصادر المطلعة امس ان الغارات الاميركية على «داعش» في سورية باتت «رهينة لدى القرار الايراني لسببين: الاول، وجود قوات اميركية في العراق حيث لا تريد ادارة اوباما، التي وافقت اخيراً على ارسال 1500 خبير، تعرضهم الى مخاطر امنية وهجمات من ميلشيات عراقية. الثاني، ان الحرب على داعش لم تأتِ بتفويض من مجلس الامن بل بطلب من الحكومة العراقية لملاحقة التنظيم في العراق وملاذاته الامنة في اي مكان» اي في سورية. وأشارت الى ان هذين الامرين «جعلا يدي اوباما مقيدتين بتوسيع الخيارات رغم الضغوط التي يتعرض لها من الحلفاء في المنطقة ومن داخل الادارة، اذ انه مجرد خرق اوباما هذا التفاهم سيقابل بتعرض قواته لأخطار والشك بشرعية الحرب على داعش»، علماً ان موسكو تؤكد دائماً وجوب ان تكون الحرب على «داعش» بقرار من مجلس الامن، آخرها تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد محادثاته مع نظيره السوري وليد المعلم في موسكو اول من امس. وبحسب المعلومات المتوافرة ل «الحياة» فانه بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى باريس ولقائه الرئيس فرانسوا هولاند عقدت محادثات عسكرية تركية - فرنسية تضمنت بحث تفاصيل سيناريوات الحظر الجوي والمناطق الامنة شمال خط العرض 36 اعقبتها محادثات تركية - اميركية حول الخيارات العسكرية بمشاركة المبعوث الاميركي لمحاربة «داعش» الجنزال جون آلن، حيث «باتت جميع الحجج السياسية والقانونية والديبلوماسية جاهزة من وحي الحظر الذي فرض في شمال العراق وجنوبه في بداية التسعينات، على اساس فرض الحظر الجوي كأمر واقع عبر مقاتلات التحالف ومن دون استثمار عسكري كبير». وكان «الائتلاف الوطني السوري» المعارض طلب «إقامة مناطق آمنة شمال خط العرض 35 (المنطقة الشمالية الحدودية مع تركيا) وجنوب خط العرض 33 (المنطقة الجنوبية الحدودية مع الأردن)، وفي إقليم القلمون (شمال دمشق)». كما ان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس طلب قبل يومين توجيه «ضربات ملتسبة» لقوات النظام في ريف حلب شمال سورية ضمن «خطة انقاذ حلب» ومنع تقدم الجيش السوري في ثاني اكبر مدينة في البلاد. لكن مسؤولاً غربياً رفيع المستوى قال ل «الحياة» ان ادارة اوباما تقول انه «عليها ان تفكر بما وراء الحدود السورية وامن القوات الاميركية في العراق عندما تتلقى طلبات من حلفائها بتوجيه ضربات ملتبسة ضد النظام او الموافقة على طلب انقرة باقامة مناطق آمنة ومنطقة حظر جوي» شمال سورية. وتابع ان اوباما «لا يريد اغضاب ايران بسبب وجود القوات الاميركية في العراق وعدم التأثير سلباً على المفاوضات المتعلقة بالملف النووي»، لافتاً الى ان هذا «المعيار سيكون اساسياً في الاشهر المقبلة مع تمديد المفاوضات سبعة اشهر، او على الاقل الى ما بعد آذار (مارس) المقبل، الموعد المقترح للتفاهم السياسي». وكان مسؤول معارض قال ل «الحياة» انه تبلغ من مسؤول غربي ان «اوباما يرى ان الصفقة النووية مع ايران التاج الذي سيزين به رأسه وحكمه». ولم يستبعد المسؤول الغربي ان تكون الغارات التي شنتها المقاتلات السورية على الرقة معقل «داعش» قبل يومين، بمثابة «ضربة استباقية» لفكرة فرض الحظر الجوي كأمر واقع و «الضربات الملتبسة» او اقتراح وقف تحليق الطيران السوري ضمن خطة «تجميد» الصراع بدءاً من حلب التي يشتغل عليها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، ذلك ان المقاتلات السورية حلقت وقصفت في مناطق «كانت حكراً على التحالف» منذ نحو شهرين. في المقابل، تراهن دول غربية، بحسب مسؤول غربي آخر، على ثلاثة امور ل «تغيير حسابات» الرئيس الاميركي، تتعلق باستمرار الضغوط نتيجة «عدم نجاح» الاستراتيجية التي أعلنها بهزيمة «داعش» في العراق و «تحجيمها» في سورية وضرورة ان يقدم مسؤولو الادارة «مراجعة دورية» الى الكونغرس الذي رجحت فيه الكفة لصالح الجمهوريين، اضافة الى بدء العد التنازلي لانتهاء ولايته بعد نحو سنتين وتراجع بعض الدول عن دعمها العلني للتحالف.