إليزا صدناوي ممثلة سينمائية و«سوبر موديل» تشارك في عروض الأزياء الخاصة بأفخم علامات الموضة، وهي مصرية الجذور تقيم في لندن ولها حكاية عاطفية قوية مع العالم العربي. وأحدث أدوار صدناوي الفيلم الإيطالي «أسطورة كاسبار هاوزر» من إخراج دافيدي مانولي وبطولة النجم الأميركي فنسنت غالو، وهو عمل خيالي جنوني طريف وشيق يروي حكاية سكان جزيرة صغيرة مشمسة عددهم خمسة أشخاص، بينهم العمدة وقاتل أجير. وذات يوم يرمي البحر جسد رجل شاب يبدو أنه فاقد الذاكرة كلياً فيعتقده أهل الجزيرة ملكهم الذي لطالما حلموا به، لكن القاتل الأجير يغتاله في النهاية. في باريس التقت «الحياة» صدناوي وأجرت معها هذا الحوار: كيف جرى اختيارك لبطولة فيلم «أسطورة كاسبار هاوزر»؟ - هناك مخرجة سينمائية إيطالية إسمها باربارا نافا تعرفني جيداً وتثق بقدراتي الدرامية، وهي كانت على علم بتحضير السينمائي دافيدي مانولي فيلمه «أسطورة كاسبار هاوزر»، فتحدثت إليه عني وعن مدى ملاءمتي لشخصية البطلة في رأيها. والتقيت مانولي وتحدثنا طويلاً عن الفيلم وعن الشخصية النسائية الرئيسة فيه وأيضاً عن مشواري الفني في شكل عام. وفي ختام اللقاء، عرض عليّ مانولي الدور ومنحته موافقتي. هل تخيلت مدى غرابة هذا الفيلم بعد قراءة السيناريو؟ - اكتشفت نصاً مكتوباً بأسلوب سهل وواضح وبسيط لكنه مفصل جداً. ومع ذلك فالعنصر الذي ساعدني في حسن إدراك أعماق السيناريو وأبعاده هو مشاهدتي الفيلم السابق الذي أنجزه مانولي وعنوانه «بيكيت». شاهدت هذا الفيلم في الطائرة التي كانت تنقلني إلى الأقصر في بلدي، مصر، ورحت أتخيل ما الذي يمكن أن يفعله الرجل الذي أنجز مثل هذا العمل إذا وقع سيناريو «أسطورة كاسبار هاوزر» بين يديه. والحقيقة أن السيناريو لم يقع بين يديه، بل هو الذي ألّفه بنفسه، وتأكدت في ما بعد أن خيالي كان في محله، بمعنى أن الفيلم في حلّته النهائية يشبه إلى حد كبير ذلك الذي توقعته إثر مشاهدتي «بيكيت» المذكور. هل أنت مولعة بالأفلام الغريبة بل الجنونية إلى حد ما، مثلما هو حال «أسطورة كاسبار هاوزر»، وذلك كممثلة وأيضاً كمتفرجة؟ - أجل، وأهوى أن يأخذني الفيلم إلى عالم خيالي بعيد لا أعرفه أو أحلم حتى بوجوده، وهذا بالتحديد ما حدث في شأن «أسطورة كاسبار هاوزر»، خصوصاً بفضل الموسيقى التصويرية التي ألفتها فرقة «فيتاليك» والتي تلعب دورها بأسلوب رئيس في مرافقة الأحداث. والفيلم إذا جرّد من موسيقاه، فقد هويته وروحه، وأعتقد بأن كل أفلام مانولي مبنية على هذا النمط، بمعنى أنها عبارة عن مقطوعات مرئية ومسموعة في آن. وأمام تحفة فنية من هذا النوع، أفقد قدرتي على المقاومة وأسلّم نفسي كلياً إلى الفيلم ومضمونه. هل تحبين رفع التحديات الفنية كممثلة؟ - طبعاً ورفع التحديات هو الحافز الأول الذي يدفع بي إلى ممارسة مهنة التمثيل. التحرر من القيود هل دار تصوير الفيلم في ظروف جنونية شبيهة بالنتيجة المرئية فوق الشاشة؟ - أنا شخصياً اعتمدت الجدية التامة في عملي وفتشت في أعماق نفسي عن الوتر الحساس من أجل أن أعزف مقطوعتي الدرامية عليه، وكنت أبقى صامتة بين تصوير اللقطات المختلفة مركّزة اهتمامي كله على شخصيتي السينمائية وذلك ربما أكثر من العادة. وعلى صعيد آخر، كان من الصعب عليّ الحفاظ على جديتي عندما صورنا المشهد الذي نرقص فيه مثل المجانين أنا وفنسنت غالو في دور عمدة المدينة، ثم سيلفيا كاليروني في دور كاسبار هاوزر. لقد أطلقنا العنان لأنفسنا وتحررنا من قيودنا العقلية من أجل أن نؤدي لقطة صادقة يشاركنا فيها المتفرج عند رؤيته الفيلم في ما بعد. وإثر انتهاء التصوير صرنا نضحك فعلاً مثل المجانين، غير أنني ضحكت كثيراً أمام بعض المواقف التي كنت أحضر تصويرها عن بعد من دون أن أشارك فيها. وللرد على سؤالك، لن أدّعي أن ظروف التصوير تميزت بالجنون، لكن سادها المرح في كثير من الأحيان. كيف دار العمل مع النجم فنسنت غالو المعروف بمزاجه الصعب؟ - ربما أن مزاجه من النوع الصعب بالفعل، لكنني أغفر له ذلك لأنه من عباقرة التمثيل والإخراج والتأليف الموسيقي. إنه يفرض على نفسه، وبالتالي على غيره، ومن بين هؤلاء مخرج الفيلم، احترام العمل في أدق تفاصيله وعدم التنازل عن أي شيء مهما حدث وإعادة تصوير اللقطات، إلى أن يتأكد الجميع من استحالة الوصول إلى نتيجة أفضل من هذه. وفي الوقت نفسه، يحيط غالو جميع الذين يعملون إلى جانبه برعاية فنية وإنسانية فوق العادة أصفها شخصياً بغريزية. هل كانت شخصيتك مكتوبة بكثير من التفصيل في النص، أم أنك لجأت إلى الارتجال في مواقف معينة؟ - كانت الخطوط الرئيسة مكتوبة، والذي حدث في ما بعد هو عملي مع المخرج مانولي قبل التصوير، فرحنا نحلل الشخصية ونتخيل طريقتها في المشي وفي الكلام وفي التصرف أمام المواقف المختلفة من حياتها. وبالتالي لم ألجأ إلى الارتجال في أثناء التصوير، لأننا كنا قد حضرنا كل صغيرة وكبيرة في شأن كل المشاهد. ومن ناحية ثانية، تدخل فنسنت غالو في الأمر أيضاً مقدماً لي الكثير من النصائح والاقتراحات في خصوص دوري. كم استمر التصوير وأين؟ - استمر شهراً واحداً في سردينيا في ايطاليا. هل أنت سعيدة بالمزج بين التمثيل وعرض الأزياء؟ وهل تفضلين مهنة منهما على الثانية؟ - إنني إمرأة غريزية وفضولية، ومن هنا تنبع سعادتي. وأنا مشغولة في الوقت الحالي بتركيب (مونتاج) فيلم تسجيلي أخرجته وصورته بالتعاون مع المخرجة مارتينا جيلي عن موضوع الحب والزواج في الريف المصري في العصر الحالي. وقد أسست حديثاً جمعية تحمل اسمي وتهدف إلى تقديم الفرصة إلى الأطفال في الريف المصري من أجل الدمج بين الدراسة واللهو. ومن أجل أن أوضح كلامي، أذكر المركز الذي افتتحته في الأقصر والذي يوفر للصغار البرامج التربوية التي تمزج بين التعليم واللعب. والهدف من العملية تسليط الضوء على التراث الثقافي المصري من ناحية، لكن العربي في شكل عام وحتى الأجنبي في حالات معينة، وثم على أهمية التبادل بين الثقافات المختلفة. وأنوي مد هذا النشاط إلى العالم العربي كله، خصوصاً في المناطق الريفية، مثلما أفعله في مصر الآن. وأرحّب بالفنانين والحرفيين والمعلمين المصريين وغير المصريين المستعدين للمشاركة في البرنامج الحالي وقيامهم بلقاء الأطفال في الأقصر وتحويل أحلامهم إلى واقع ملموس. وللعودة إلى سؤالك، فالنشاطان اللذان أمارسهما بحماسة الآن هما الإخراج ثم العمل في الميدان الاجتماعي. ولكن بالنسبة الى التمثيل وعرض الأزياء، بما أنك، على رغم كل شيء، فنانة تمزجين بين هذين النشاطين، ما هو في رأيك الخيط الرابط بينهما إذا وُجد؟ - الخيط موجود بالفعل ويتلخص في الشخص الذي يمارس المهنتين، أي نفسي. أما غير ذلك فالتمثيل مبني على ترجمة الأحاسيس الداخلية للشخصية المكتوبة بينما يرتكز عرض الأزياء على المظهر والصورة الخارجية المثالية قبل أي شيء آخر. كيف تصفين مزاجك؟ - حار وشاعري وغريزي مثل المصريين والإيطاليين عموماً. هل هناك صلة قرابة بينك وبين عائلة صدناوي التي كانت تملك مجموعة من المتاجر الكبيرة في مصر في خمسينات القرن العشرين وستيناته؟ - نعم. إن جوزيف وإلياس وسليم صدناوي الذين فتحوا هذه المحلات، ليسوا إلا إخوة جدي من ناحية أبي، علماً أن والدي بالتحديد مولود في القاهرة في العام 1952 لكنه كبر في بيروت. وهل تعرفين المنطقة العربية جيداً وأيضاً اللغة العربية؟ - عشت في القاهرة السنوات الست الأولى من حياتي، وأبي عاد إلى العيش فيها الآن وأزور مصر حوالى ست مرات في السنة. والنشاط الذي حدثتك عنه والخاص بالجمعية التي أسستها يتعلق بمصر أسوة بعملي كمخرجة أفلام تسجيلية. أشعر بأنني مصرية كلياً، وهذا الجزء من شخصيتي يحتل مكانة أساسية جداً في حياتي. وقد زرت لبنان حيث يقيم جدي وأتلهف للعودة إلى هذا البلد. أما عن اللغة العربية فقد تعلمتها في صغري ولا أزال أجيد قراءتها وكتابتها، لكنني مع الأسف أتكلمها قليلاً فقط وهو أمر يضايقني، لذا بدأت أتابع دروساً فيها بإشراف معلمة مصرية في لندن حيث أقيم. ما مشاريعك الفنية؟ - انتهيت حديثاً من المشاركة بفيلم سينمائي عنوانه «ليبرتادور» إلى جوار كل من النجمين داني هيوستون وإدغار راميريز.