ذكرت مصادر جزائرية أن التعديل الدستوري الذي ينوي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إحالته على البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة يتضمن إنشاء منصب نائب للرئيس، في حين سيتم تقييد عدد الولايات الرئاسية بواحدة فقط قابلة للتجديد مرة واحدة. وبذلك تكون الرئاسة قد أسقطت من حساباتها فكرة تمديد حكم بوتفليقة بما أن مدة الولاية مقترحة خمس سنوات، ما يعني أن بوتفليقة ملزم بالترشح لولاية رابعة إذا رغب الاستمرار في الحكم. ويتوقع أن يحيل الرئيس الجزائري مسودة تعديل الدستور في أجل شهر واحد كأقصى تقدير، ويلزمه لذلك عقد مجلس وزراء لتوقيع مسودة الدستور الجديد، على أن يتم استدعاء البرلمان بغرفتيه (مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني) للالتئام في جلسة واحدة تزكّي المشروع برفع الأيدي أو ترفضه من دون مناقشة. ومعلومات المصادر تشير إلى احتمال التراجع عن فكرة التمديد في التعديل الدستوري المنتظر من دون أن يعني ذلك عدم رغبة الرئيس بوتفليقة في الاستمرار في قيادة البلاد، ما يعني أنه سيلجأ إلى خوض معترك الانتخابات الرئاسية. وكان بوتفليقة قد لمّح إلى أن الرئاسيات ستجرى في وقتها المحدد، في بيان صدر بمناسبة آخر مجلس وزراء عقده مع حكومة عبدالمالك سلال ودعا فيه رئيس الجمهورية الوزراء إلى تحضير كافة الإمكانات ل «الاستعداد للاستحقاقات السياسية المقبلة». وبات في حكم المؤكد أنه سيتم إنشاء منصب نائب رئيس الجمهورية. وفي حال تحقق ذلك في غضون شهر، فإن الشخصية التي سيقع عليها الاختيار ستكون في الواقع هي من سيشرف على الرئاسيات الآتية، ولذلك من الصعب التكهن بهوية الشخصية المرشحة للمنصب لما يحتاجه الأمر من ضمان إجماع الفاعلين في السلطة احتراماً لما يُعرف بالتوازنات الوطنية. كما يُستفاد بخصوص التعديل المقبل الرجوع إلى «الثنائية» في رأس السلطة التنفيذية، من خلال إعادة الصلاحيات إلى منصب الوزير الأول، مع العلم أن التعديل الدستوري عام 2008 سحب صلاحيات من رئيس الوزراء لمصلحة رئيس الجمهورية فلم يعد بإمكان الأول عقد مجلس الحكومة أو توقيع مراسم التعيينات والإقالة للمسؤولين السامين في الدولة. وأثناء تنصيب لجنة التعديل الدستوري، لمّح الوزير الأول، عبدالمالك سلال، إلى أن رئيس الجمهورية لم يفصل بعد إن كان تعديل الدستور في الشهور المقبلة سيمر عبر البرلمان فقط أم عبر استفتاء شعبي. لكن تأخر عرضه إلى غاية الثلاثي الأخير من السنة يحتّم الاكتفاء بالبرلمان، بما أن الفترة الزمنية غير كافية دستورياً لاستدعاء الهيئة الناخبة مرتين في ظرف خمسة أشهر علماً أن الرئاسيات مقررة في نيسان (أبريل) 2014. وفتحت الرئاسة باب التعديل كاملاً للدستور الحالي عدا ما يُعرف ب «المواد الصماء» فيه. وقال سلال في هذا الشأن: «لم يتم وضع أي حد مسبق لمشروع التعديل الدستوري باستثناء الحدود المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ المؤسسة للمجتمع الجزائري». لكن هذا الكلام صدر قبل إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية أبعدته منذ شهور في رحلة علاج ونقاهة. وتقترح جبهة التحرير الوطني صاحبة الغالبية البرلمانية في وثيقتها الخاصة بتعديل أحكام الدستور «إنشاء محكمة عليا للدولة» تختص في محاكمة الوزير الأول والوزراء في حال ارتكابهم لجرائم، كما أيّدت الجبهة إمكان إقالة رئيس الجمهورية شرط ثبوت تهم الخيانة عليه أو إخلاله بالواجبات وازدواجية السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية والوزير الأول وإنشاء منصب نائب للرئيس، وصلاحيات أوسع للبرلمان بغرفتيه. كما كشفت جبهة التحرير، في مقترحات تعديل الدستور الخاصة بها وعددها 110 اقتراحات، عن مقترح تعيين الوزير الأول من ضمن الغالبية البرلمانية الفائزة في المجلس الشعبي الوطني ومنح الحزب الفائز حق حيازة ثلثي المناصب الوزارية في الطاقم الحكومي، مع تمكين البرلمان من مباشرة إجراءات الإقالة شرط توافر نصاب ثلثي أعضاء إحدى غرفتي البرلمان شرط موافقة الغرفة الثانية على ذلك.