أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، إثر اجتماعه مع نظيره الأميركي جون كيري، أن تدخّل الولاياتالمتحدة في حلّ الأزمة الأوكرانية سيشكّل «خطوة في الاتجاه الصحيح». وتؤشر التصريحات التي تلت لقاء الوزيرين على هامش الاجتماعات التحضيرية لقمة المنتدى الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في بكين، إلى مرونة في الموقف الروسي من الأزمة الأوكرانية على ما يبدو قبل لقاءات مقررة بين الرئيس فلادمير بوتين وبقية كبار القادة بمناسبة هذه القمة، ثم قمة مجموعة ال20 في أستراليا. ومن غير المقرر أن تعقد محادثات بين بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما، على رغم أن واشنطنوموسكو لم تستبعدا إجراءها في شكل غير رسمي على هامش القمتين. ونقل التلفزيون الروسي العام عن لافروف قوله: «إن مواقفنا من الأحداث في أوكرانيا لا تتطابق مع مواقف الولاياتالمتحدة لكن إذا اهتمت واشنطن بالمساهمة في تحسين الوضع وإرساء حوار بين كييف وقيادة التمرّد (...)، فإني أعتقد أن ذلك سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح». وزاد إن على الولاياتالمتحدة أن تهدّئ «المتشنجين» داخل الإدارة الأوكرانية لتحول دون دخولهم في نزاع شامل مع الانفصاليين المؤيدين لروسيا. وأوضح لافروف: «نرى من الضروري الانتهاء من تحديد خط فك الاشتباك بهدف مراقبة وفق إطلاق النار وشروط الهدنة»، في إشارة إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار أبرم في 5 أيلول (سبتمبر) الماضي بين سلطات كييف والمتمردين. وكانت كييف نددت أول من أمس بما قالت إنه دخول عشرات الدبابات والجنود من روسيا إلى مناطق الشرق الأوكراني المتمردة. لكن الخارجية الأميركية ردت بأنها «لا تزال تراقب وتحلل» المعلومات التي أشارت إلى توغّل. وأكدت الناطقة باسمها جنيفر بساكي أنه لا يوجد أي تأكيد من جهة مستقلة لما أوردته كييف. ورداً على سؤال في شأن تصريحات كييف، قال لافروف ممازحاً: «إذا كانت بساكي لا تملك هذه المعلومات فأنا (أيضاً) لا أملكها». وأوضح: «جرى التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار بين الانفصاليين والحكومة» في كييف، «وهما المعنيان لتحقيق ذلك، وهو ما يقومان به الآن». وأمس، أكد كيري أن واشنطنوموسكو اتفقتا على تبادل المعلومات في شأن الوضع على الحدود بين روسياوأوكرانيا. وصرّح في بكين: «لنكتف بالقول إن لدينا خلافات في شأن حقائق ميدانية في ما يتعلّق بأوكرانيا، واتفقنا على تبادل معلومات بخصوص ذلك، كما اتفقنا على مواصلة هذا الحوار». لكن كيري بدا وكأنه يلمّح إلى أنه لا عقوبات غربية جديدة ضد روسيا تلوح في الأفق. وقال: «الخيارات التي تتخذها روسيا ستحدد ماذا سيحدث في شأن العقوبات على المدى البعيد». وزاد أنه يأمل بأن يظل اتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا صامداً. مقتل جندي أوكراني وجرح 15 على صعيد آخر، أعلنت السلطات الأوكرانية أمس مقتل جندي وجرح 17 آخرين بينهم مدنيان، في «الشرق الانفصالي الموالي لموسكو» خلال ال24 ساعة الأخيرة، على رغم الهدنة. وأكد الجيش أن الجندي قتل برصاص قناص في مطار دونيتسك، النقطة الساخنة التي تتنازع عليها القوات الأوكرانية والانفصاليين منذ أشهر. وجرح 15 جندياً آخر في فترات منفصلة، فيما أشار الجيش إلى قصف بالمدفعية واستخدام أسلحة خفيفة في مواقع عدة. وقال ناطق عسكري إن الجيش تعرّض لعمليات قصف كبيرة أمس في قرية ماريوبول القريبة، وهي مرفأ إستراتيجي تسيطر عليه الحكومة، لكن من دون أن تسفر عن سقوط ضحايا. من جهتها، أعلنت السلطات البلدية في دونيتسك أن شخصين جرحا بعد ليلة مضطربة شهدت إطلاق نار وانفجارات. وقد عاد الهدوء في الصباح (أمس). وروى سكان أنهم شاهدوا نحو 40 شاحنة عسكرية لا تحمل لوحة تسجيل مع 20 مدفعاً تدخل إلى دونيتسك آتية من مدينة ماكيفكا المجاورة. وفي منطقة لوغانسك المجاورة، وهي معقل آخر للانفصاليين، قصف المتمردون 21 مرة في خلال 24 ساعة قطاعات في المنطقة لا تزال تحت سيطرة الحكومة، على ما أكد الحاكم الموالي لكييف في بيان. وتؤكد أعمال العنف هشاشة وقف إطلاق النار المبرم في مينسك في 5 أيلول الماضي، الذي انتهك بتنظيم انتخابات الأحد الماضي في المناطق الانفصالية، رفضتها كييف والغرب بينما اعترفت بها روسيا فعلياً. وأشارت السلطات الأوكرانية أول من أمس إلى مقتل 5 جنود وجرح 31 بينهم 15 مدنياً. كما نددت بدخول عشرات الدبابات والقوات والمعدات العسكرية الأخرى من روسيا إلى شرق بلاد.