بقي موضوع المأساة التي تعرض لها اللبنانيون في حادثة غرق العبارة التي كانت تقلهم من أندونيسيا إلى أستراليا موضع متابعة من المعنيين وعلى أرفع المستويات الرسمية اللبنانية ومن ذوي الضحايا، لمواكبة هذه المأساة، وسط تضارب المعلومات في شأن عدد المتوفين منهم والناجين، وأسباب غرق العبارة التي كانت تقل 120 راكباً من بينهم 65 لبنانياً من النساء والأطفال والرجال، بما يفوق قدرة استيعابها وحمولتها، فتعطّلت -وفق عدد من الناجين- مضخاتها واجتاحتها المياه وغرقت بهم. وفيما أعلن المدير العام للمغتربين هيثم جمعة أن عدد المتوفين اللبنانيين بلغ 21 والناجين 18، اكد رئيس بلدية قبعيت حمزة عبود أن عدد الضحايا اللبنانيين بين مفقود وغريق، بلغ 40 وأن عدد الناجين 25. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن المحامي العام التمييزي شربل أبو سمرا «باشر التحقيق في ملابسات غرق عدد من اللبنانيين في عبّارة اندونيسية، لمعرفة من يكون قد غرر بهؤلاء وتحديد المسؤوليات. وأصبح لدى النيابة العامة معلومات عن هوية المدعو أبو صالح، كما تبين ضلوع بعض الأشخاص بالترويج لنشاطه بين أهالي القرى. وتم توقيف احد المروجين للتحقيق معه، فيما تبين أن مروجا آخر غرقت ابنته في العبارة. وإذ يتم استدعاء أشخاص آخرين للتحقيق معهم، تتابع النيابة العامة التمييزية التحقيق ساعة بساعة». وتشاور رئيس الجمهورية ميشال سليمان امس مع كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الموضوع. وتم الاتفاق وفق بيان للمكتب الإعلامي في بعبدا، على «الإيعاز إلى المعنيين بتأمين ما يلزم لنقل الأحياء والجثامين إلى لبنان ومتابعة تأمين موضوع المفقودين، كذلك تم الاتفاق على الطلب إلى الأجهزة المعنية ملاحقة الذين يقومون بأعمال الاحتيال على المواطنين وابتزازهم مقابل وعود بإغراءات بتأمين سفرهم إلى استراليا، كما حصل مع الذين كانوا على متن العبارة. ودعا بري السلطات في أندونيسيا واستراليا «لإجراء التحقيقات الفاعلة لتحديد المسؤوليات عن الحادث لا بل عن عملية الانتقال البشري برمتها». وقال: «في فجر التاريخ كان اللبنانيون يفتتحون طرق التجارة البحرية وينقلون الحرف إلى شعوب الأرض بدل الحرب. في التاريخ الحديث، ومنذ التايتانيك واللبنانيون العابرون لحدود الأوطان والقارات والمحيطات والبحار يغامرون في الدنيا هرباً من الحرمان في الوطن ويذهبون ضحية الحرمان من الوطن. اليوم نقف أمام هول الكارثة التي فقدنا من جرائها عدداً كبيراً من أبنائنا في شمال لبنان استشهدوا سعياً وراء حياة كريمة في جهات الأرض. كل العزاء لأهلنا في قبعيت ومشمش وفنيدق ومجدلا في عكار، ومعها طرابلس، لعلنا نستعيد جراء هذه الفاجعة وطننا مكاناً لفرصة عمل وفرصة حياة». ومتابعة للقضية، توجه وفد من بلدة قبعيت، التي تنتمي إليها غالبية الضحايا والتي لفها الحزن والغضب والحداد، إلى طرابلس والتقى الرئيس ميقاتي في منزله، وتم البحث في سبل نقل جثامين الضحايا من أندونيسيا. ونقل عبود عن ميقاتي قوله «إن الدولة اللبنانية عبر الحكومة تتابع ملف الضحايا مع السلطات الأندونيسية وستقوم بجلب الناجين على حسابها من جاكرتا إلى بيروت، وسنقوم بما يلزم لاسترجاع الجثث والكشف عن مصير المفقودين». وأعلن أنه «سيتم تشكيل وفد من البلدية والأهالي للتوجه إلى اندونيسيا للتعرف إلى الضحايا وإعادة الناجين»، لافتاً إلى أن «ميقاتي وعد بعدم التقاعس في هذا الموضوع وإذا حصل تقصير من ناحية الدولة سيأخذ الموضوع على عاتقه». وأكد ذوو الضحايا أن «ابناءهم كانوا يبحثون عن مستقبل أفضل في أستراليا، لأن أوضاعهم المادية في لبنان كانت صعبة ولم يتمكنوا من إيجاد وظائف»، مناشدين الدولة النظر اليهم. وكان ميقاتي تابع مع زواره قضية الضحايا اللبنانيين، واستقبل لهذه الغاية وفداً من علماء عكار برئاسة مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا، الذي قال: «بحثنا في تسريع جلب الجثامين، ومتابعة علاج من تبقى حياً وإعادته الى لبنان سالماً»، مؤكداً أن «الرئيس ميقاتي قام بالإجراءات اللازمة مع كل المعنيين، وأخذ على عاتقه الشخصي هذه القضية حتى إيجاد حل سريع لها». واطلع ميقاتي من المدير العام للمغتربين هيثم جمعة خلال اتصال هاتفي، على ما آلت إليه الأمور في القضية سواء لجهة أعمال الإغاثة أم لجهة تسيير الأمور العالقة مع الجانب الأندونيسي. وشدد ميقاتي على «وجوب تكثيف العمل من أجل الإسراع في نقل الناجين وجثامين الضحايا». ولفت جمعة إلى «أننا على اتصال دائم مع القائمة بالأعمال اللبنانية في أندونيسيا (جوانا قزي) لأنها موجودة في مكان الإنقاذ وهي على اتصال مع السلطات الأندونيسية لنقل جثامين المتوفين»، لافتاً إلى أنه «بسبب الإجراءات القانونية التي تتخذها هذه السلطات، فإن إعادة الجثث لن تتم قبل أسبوع».