سادت حال الخوف والإرباك أمس عدداً من قرى منطقة جرد القيطع في عكار (شمال لبنان)، جراء غرق عبّارة بحرية قبالة ساحل اندونيسيا كانت وجهتها الشواطئ الأسترالية، وعلى متنها عدد من المهاجرين ومن بينهم 15 عائلة لبنانية، على ما قال بعض الأهالي الذين أجروا اتصالات متتالية مع الخارج لمعرفة مصير المفقودين من ابنائهم. وعاشت قبعيت العكارية حال حزن على الضحايا اذ إن العدد الأكبر منهم جاء هذه البلدة، وتناقلت الأخبار ان بعض جثامين الضحايا قذفتها الأمواج الى الشاطئ الإندونيسي. وقال رئيس بلدية احدى القرى العكارية احمد درويش: «تبلغت نبأ الكارثة من احد ابناء فنيدق كان ابنه على متن المركب ونجا من الغرق، في حين ان خطيبته قضت وتدعى سراب عبدالحي». ولفت الى ان «عائلتين من البلدة كانتا على متن المركب حين اقلع يوم الاثنين الماضي وهما عائلة حسين احمد خضر المؤلفة منه ومن 9 أشخاص غرقوا جميعاً باستثنائه، وعائلة اسعد علي اسعد المؤلفة من 5 أشخاص غرقوا جميعهم، بالإضافة إلى منال علي احمد وتوفيق حمزة ومحمد خضر شديد وبسام وابتسام خضر عثمان وجميعهم مفقودون ولم نعلم بعد مصير الجميع بشكل نهائي». وفور وصوله الى لبنان، تابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان موضوع المركب. وأوعز الى المعنيين بمتابعة الموضوع واتخاذ الإجراءات اللازمة. وأجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاً بالأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير وفيق رحيمي وطلب منه إجراء الاتصالات الديبلوماسية اللازمة في شأن قضية اللبنانيين الذين كانوا على متن الباخرة. وشدد على «سرعة الاتصال بالسلطات الإندونيسية لكشف ملابسات الموضوع وتحديد مصير اللبنانيين». كما أوعز الى القائمة بأعمال السفارة اللبنانية في اندونيسيا جوانا قزي بالتوجه الى المرفأ الذي انطلقت منه الباخرة لمواكبة عمليات الإنقاذ ميدانياً والاهتمام باللبنانيين الناجين، وعددهم حتى الآن ثمانية عشر شخصاً، إضافة الى متابعة عملية نقل جثث اللبنانيين الذين قضوا الى بيروت». وشدد على «ضرورة متابعة موضوع التحقيقات في الحادثة مع السلطات الإندونيسية المختصة». وجرى اتصال من نواب عكار برئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة الذي اتصل بدوره بالرئيس ميقاتي لمتابعة القضية. كما اتصل هؤلاء بزعيم «تيار المستقبل»، الرئيس السابق للحكومة اللبنانية، سعد الحريري الذي باشر بدوره اتصالاته الخارجية في هذا الشأن. واتصل وزير الخارجية عدنان منصور من جهته، بالمدير العام للمغتربين هيثم جمعة وكلفه بمتابعة الاتصالات لهذه الغاية. كما اتصل بالقائمة بالأعمال قزي واطلع منها على التفاصيل التي توافرت لديها من السلطات الإندونيسية حول الحادث، وتبلغ منها انه كان على المركب 120 شخصاً وكان يقوم برحلة غير نظامية إلى استراليا عندما غرق، وأن السلطات الإندونيسية انتشلت 45 شخصاً منهم 20 جثة و25 ناجياً بينهم 18 لبنانياً على قيد الحياة. وأشار الى ان قزي أبلغته «أنها ستتوجه اليوم إلى مكان الحادث للاطلاع عن كثب على التفاصيل لأن ليس هناك من «مانيفست» للركاب يحدد جنسياتهم». وأكدت أن «العدد الرسمي للمتواجدين على القارب هو 80 شخصاً». وقالت مصادر عكارية ل «الحياة» انه كان هناك عشرات اللبنانيين على متن العبارة العدد الأكبر منهم من قرية قبعيت في عكار وهم 17 شخصاً من القرية معظمهم نساء وأطفال. وذكرت المصادر العكارية أنه نجا شابان وصبية من المهاجرين من هذه القرية، لكن عائلاتهم قضت بمعظمها. وأكد رئيس بلدية القرية بحضور النائب خالد الضاهر الذي جال على المنطقة التي ينتمي اليها المهاجرون، أن أحد الناجين ويدعى حسين أحمد خضر فقد زوجته وأولاده التسعة. وأن العبارة اصطدمت بصخرة كبيرة فيما كانت تصارع أمواجاً عالية ما أدى الى عطل فيها. وعلمت «الحياة» أن بين الضحايا مواطنين لبنانيين كانوا على متن العبارة، هم من باب التبانة في طرابلس وبلدات فنيدق، مجدلا، وقرى أخرى يجري التأكد منها. وتواترت الأنباء الى الشمال بأن عدداً منهم قضى في الحادث. وقالت رواية من الشمال إن اللبنانيين الذين كانوا على متن العبارة سافروا الى اندونيسيا بسمات دخول سياحية، وأنه مضى على وجوهم هناك أكثر من شهرين. وذكرت الرواية أن شخصين، لبناني وعراقي، كانا عرضا على المهاجرين أن ينقلوهم الى استراليا لقاء مبالغ من المال وهذان الشخصان معروفان. وأفاد أهالي بعض القرى التي ذهب منها مواطنون بقصد اللجوء الى استراليا، أن هؤلاء دفعوا جنى عمرهم وأن تكاليف تهريبهم التي دفعوها مقابل انتقالهم الى اندونيسيا بلغت زهاء 10 آلاف دولار على الشخص الواحد.