تعرض لبنانيون شماليون مهاجرون بطريقة غير مشروعة الى أستراليا سعياً وراء لقمة العيش، لمأساة في الأيام الماضية حين غرقت عبّارة كانت تقلّهم من شواطئ إقليم سيانجور في ولاية جاوا الأندونيسية لتهريبهم الى الساحل الأسترالي، حيث كانوا يأملون في الحصول على اللجوء، فقضى العديد منهم، وجُلّهم من الأطفال والنساء، غرقاً فيما نجت قلة منهم واعتُبر كثيرون في عداد المفقودين. وشاع الخبر في لبنان ظهر أمس بعدما كانت العبّارة غرقت وفق بعض المعلومات قبل أيام. واستنفر رئيس الجمهورية ميشال سليمان بعيد عودته من زيارته نيويورك ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزارة الخارجية لمتابعة ملابسات القضية. وانتقل نواب منطقة عكار الى قرية قبعيت التي سافر منها العدد الأكبر من اللبنانيين في رحلة الموت هذه. وقالت القائمة بأعمال سفارة لبنان في جاكرتا جوانا قزي في اتصالات معها، إن السلطات الأندونيسية أبلغتها بنجاة 25 شخصاً من ركاب العبارة، 18 منهم قالوا إنهم لبنانيون (إذ كان على متنها مهاجرون من جنسيات أخرى) وانتشلت 20 جثة لن تعرف هويات أصحابها. وأشارت قزي الى أن بعض الجثث أخذ يتحلل. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الشرطة قولها إن السكان في سيانجور عثروا على 20 جثة في الماء جلها لأطفال، وأنه يعتقد بأن عدد ركاب العبارة كان 120 شخصاً، فيما ذكرت معلومات أخرى أنهم 73، وفق ما نُسب الى أحد الناجين ويدعى أبو علي، الذي قال لمحطات التلفزة إن من نجوا هم الذين تمكنوا من السباحة الى جزيرة قريبة. وذكرت قزي ان عمليات الانقاذ تأخذ وقتاً لأن العبّارة غرقت على بعد 12 كلم من الشاطئ، حين كانت تحاول العودة. وفيما ذكرت معلومات استقاها مواطنون عكاريون من أحد الناجين ويدعى حسين أحمد خضر، أنها اصطدمت بصخرة نتيجة الأمواج العاتية، أشار أبو علي الى ان العبّارة كانت في حال سيئة وان الركاب حين رفضوا السفر على متنها وُعدوا بأنهم سيُنقلون الى غيرها بعد ساعات. وقالت معلومات من بلدة قبعيت إن الناجي خضر فقد زوجته وأولاده التسعة. وأوضح بعض وجهاء قبعيت ل «الحياة»، أن الذين كانوا على العبارة (17 شخصاً) سافروا الى إندونيسيا بتأشيرة سياحية قبل شهرين، بعد أن وعدوا بأن العبارة ستنقلهم الى استراليا، ودفعوا عن كل شخص، بما فيها تكاليف السفر لأندونيسيا، زهاء 10 آلاف دولار أميركي هي جنى العمر، لرجلين ينظمان هذه العملية هما لبناني وعراقي. وترددت أنباء عن أن السلطات الأندونيسية ألقت القبض على أحدهما ويدعى أبو صالح. وانتقل نواب منطقة عكار الى قرية قبعيت بعد ظهر أمس وأصدروا بياناً حمّلوا فيه الحكومة مسؤولية الحرمان في عكار «الذي يدفع المواطنين الى الهجرة»، واعتبروا الضحايا «شهداء لقمة العيش»، وأبلغ النواب، وهم من تيار «المستقبل»، الأهالي أن زعيم التيار الرئيس السابق سعد الحريري يجري الاتصالات اللازمة لمتابعة القضية ونقل جثث الضحايا وإعادة الناجين الى البلد. وبين اللبنانيين الذين كانوا في عداد ركاب العبّارة مواطنون من باب التبانة الفقيرة في مدينة طرابلس ومن بلدتي حجولا وفنيدق في عكار وقرى أخرى، فيما تعذر تحديد العدد الكامل للبنانيين الذين شاركوا في هذه الرحلة المأسوية، في انتظار اكتمال عمليات الانقاذ. وكانت الديبلوماسية قزي قالت إنها المرة الأولى التي يكون لبنانيون في عداد مهاجرين يغرقون أثناء محاولتهم عبور بحر أندونيسيا الى استراليا.