بعد سنوات من المراوحة، قررت الحكومة الأردنية رسمياً اعتماد الطاقة النووية لتوليد الكهرباء كأحد البدائل في حال توافر التمويل اللازم. بذا، أصبح الأردن ثاني الدول العربية بعد دولة الامارات التي تسعى لتوظيف هذه التقنية الإشكالية في استخدامات سلمية لا غبار عليها. في ظل أزمة سورية اتخذت الحكومة الأردنية قرارها الإشكالي في مطلع أيلول (سبتمبر) الجاري، لكنها قررت على ما يبدو عدم الإعلان عنه، ربما لانشغال الأردنيين المنقسمين حيال الخيار النووي، بمتابعة تطورات الملف السوري، وفق مسؤولين. يفتح هذا القرار المصيري الباب أمام تشغيل أول مفاعلين نوويين سلميين لإنتاج هذه الطاقة البديلة بحلول 2021، وبتكلفة عشرة بلايين دولار، وفق تأكيدات لوزراء ومسؤولين. تبلغ طاقة كل محطة نووية 1000 ميغاواط/ساعة، ما يعني أنهما تلبيان قرابة 30 % من الطاقة الكهربائية التي تحتاجها البلاد بحلول 2020، والتي تُقدر ب6000 ميغاواط/ساعة. وحددت الحكومة موقعاً لمحطة نووية في «قصير عمره» في البادية الشرقية. ولتوفير الوقود النووي، سيُعتَمَد على خامات اليورانيوم المنتشرة بكثافة في صحراء البادية الشاسعة. لكن الطريق لن يكون مفروشاً بالورد أمام تنفيذ المشروع النووي الذي ترى فيه الحكومة ضرورة وطنية لمواجهة تحديات استراتيجية وجودية، من بينها الوصول إلى استقلالية في توليد طاقة آمنة ومستقرة بتكلفة مناسبة بعيداً من تقلبات الأوضاع السياسية الخارجية. ويتوجب على الحكومة إقناع مجلس النواب الحالي بمساندة الجهد النووي بعد أن صوت المجلس الذي سبقه بالأكثرية ضد المشروع. وحينها، طلب ذلك المجلس الحصول على معلومات تتعلق بالأثر البيئي للمشروع النووي، ومخزون اليورانيوم، وتكلفة المشروع، ومصادر التمويل، إضافة إلى مدى توافر الكوادر المحلية المتخصصة والقادرة على التعامل مع التكنولوجيا الذرية. رجل الشارع المدرك أن بلاده تعاني أزمة طاقة يفاقمها تكرار انقطاع الغاز المصري وارتفاع الطلب المحلي على الطاقة إلى جانب عجز مائي خطير، يخشى أيضاً من كلمة «نووي» وتأثير ذلك على البيئة وصحة الإنسان. وتزايدت تلك المخاوف منذ فاجعة مفاعل «فوكوشيما» النووي في اليابان عام 2011. واستطراداً، تقضم فاتورة الطاقة قرابة ثلث موازنة الدولة الأردنية، وتشكل 20% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن تقفز إلى 4.8 بليون دولار. بداية غير موفقة ثمة قرارات حكومية أثارت طريقة اتخاذها أسئلة كثيرة. وخرج وزير الطاقة السابق مالك الكباريتي من الفريق الحكومي نهاية الشهر الماضي بعد خمسة أشهر على توليه حقيبته، عقب معارضته رغبة رئيس الوزراء باتخاذ قرار ب «الإجماع» لتبني الخيار النووي. واشترط الكباريتي المتخصص في مجال الطاقة البديلة (الرياح والشمس) منذ منتصف الثمانينات، الحصول على معلومات إضافية من «هيئة الطاقة الذرية» في ما يتصل بتكاليف المشروع وجدواه الاقتصادية وخيارات التخلص من النفايات النووية. وفي تصريح إلى «الحياة»، أورد الكباريتي أن الهيئة لم ترسل إليه جميع المعلومات المتعلقة بالمشروع النووي لتمكنه من دراسة الملف، موضحاً أن المعلومات لم تصل إلا متأخرة وبعد تدخل مرجعيات عليا. وكذلك أصر على أن معايير المهنية تفرض عليه اتخاذ قراره بناء على بيانات ضرورية، خصوصاً أن الهيئة «تجاهلت» الرد على طلبه بالإجابة عن بعض الأسئلة حتى تاريخ خروجه من الخدمة، حول تكلفة إدارة المُخلفات النووية وإعادة تأهيل موقع المحطة والآثار البيئية والصحية المتصلة بالمشروع النووي. وعلى رغم إصراره على وجود خيارات بديلة للطاقة بعيداً عن النووي، أكد الكباريتي أنه ليس ضد المشروع النووي إذا نُفذ بطريقة شفافة تتفق مع المواصفات العالمية ومُتطلبات «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وقال الكباريتي: «في الواقع هناك استعجال وركض لتنفيذ المشروع النووي من دون دراسة الخيارات البديلة كافة، بما فيها عرض قدمته شركة «أكوا باور» السعودية التي تملك 51% من شركة توليد الكهرباء الأردنية، يتضمن تزويد الأردن بحاجاته من الطاقة عبر استعمال البترول والصخر الزيتي والطاقة المتجددة الآتية من الشمس والرياح». وعرض ممثلو هذه الشركة مشروعهم البديل على رئيس الوزراء مرتين بحضور أعضاء من فريقه ومرة ثالثة على المجلس الاقتصادي الوزاري المُصغر. كما جرت دراسة المشروع البديل من الهيئات صاحبة الاختصاص ثم أرسل إلى ديوان التشريع لأخذ الرأي القانوني بشأنه. لكن لم يتحرك ساكن على صعيد هذا الخيار. إجابات متنوعة وتفيد معلومات رسمية متناثرة بأن «هيئة الطاقة الذرية» تملك إجابات عن معظم الأسئلة المتصلة بقرار مجلس الوزراء حول الخيار النووي أردنياً. وتقدر الهيئة كلفة إنتاج الكهرباء من المفاعل النووي بما يتراوح بين 5 قروش و6 قروش للكيلوواط/ ساعة، مع الاعتماد على اليورانيوم المحلي كوقود للمحطة، واحتساب تكاليف إعادة تشغيل المحطة والتعامل مع المُخلفات النووية أيضاً، بالمقارنة مع 19 قرشاً للكيلوواط/ ساعة باستخدام الوقود الثقيل، والديزل، بحسب توضيح من طوقان. في المقابل، يشكك بعض خبراء الطاقة في دقة هذه الأرقام التي وضعتها هيئة مستقلة مسؤولة عن تنفيذ المشروع من ألِفه إلى يائه. ويصر هؤلاء على أن السعر المذكور للكيلوواط/ ساعة لا يمكن أن يتضمن تكلفة إدارة المُخلفات النووية وإعادة تأهيل موقع المحطة. ويشيرون إلى أن تكلفة رفع المُخلفات النووية في منطقة «آسن» في ألمانيا إلى سطح الأرض من دون معالجتها، تكلف ما يزيد على 5 بليون يورو. ويتابع هؤلاء أن الأسعار التي تتوقعها الهيئة إنما تنحصر بالتوليد ولا تتضمن تكلفة تعزيز الشبكة الوطنية لنقل الكهرباء المولدة ذرياً، والخسائر المباشرة وغير المباشرة للمشروع الذري. لكن الهيئة تعتقد بأن المحطة تحتاج إلى 25 مليون متر مُكعب سنوياً من المياه العادمة المُعالَجَة لتبريد كل مفاعل، ما يخلق تحدياً آخر لمصادر المياه الشحيحة أصلاً. في هذا الصدد، أوضح طوقان أن عطاء دراسة الأثر البيئي للموقع المُحدد للمشروع، سيطرح الشهر المقبل متضمناً الخصائص الطوبوغرافية واتجاهات الرياح وصلابة التربة. وتدوم هذه العملية عامين ليبدأ بعدها البناء، بل حُدد 20/9/2013 موعداً نهائياً لاستلام العرض الثاني من الائتلاف الفرنسي-الياباني، مع ملاحظة أن العرض الروسي المتكامل وصل إلى الحكومة فعلياً. ويبدو أن الحكومة اتخذت قراراً لا رجعة عنه، إلا إذا لم يتوافر التمويل. ولطمأنة الرأي العام، يقترح طوقان تعيين لجنة استشارية دولية عليا للطاقة النووية في الأردن، تضم نخبة من الخبراء والقانونيين العالميين، على أن تنشر تقريراً سنوياً مُحايداً يُرفَع إلى البرلمان ومجلس الوزراء، ويطلع المجتمع عليه، لضمان تشكيل رأي عام متكامل والتعامل مع الشكوك المشروعة التي استقبل بها الأردنيون خُطط التوجه صوب الطاقة النووية السلمية. في المقابل تسعى منظمات مجتمع مدني للعمل بطرق قانونية ودستورية لعرقلة المشروع. ويسأل المهندس باسل برقان، وهو من حزب «الخُضر» الأردني (قيد التأسيس) و «الائتلاف الشعبي الأردني المناهض للمشروع النووي»، عن سبب «تهافت» إدارة المشروع النووي في المملكة على تنفيذه مع أنه يستغرق سنوات قبل بدء تشغيله، بدلاً من توفير فرص لإنتاج الطاقة من مصادر متجددة نظيفة في أمد قريب. وينتقد برقان عدم أخذ موافقة الأردنيين على المشروع النووي، معتبراً أن الحكومة لم تستمع لآراء القاطنين بجوار المشاريع المستقبلية. ويعتقد بأنه «من حق الأردنيين الخوف على هذا الوطن وعلى مستقبله، وأن يسألوا ويحللوا ويطالبوا بالإجابات عن أسئلة يطرحها الشعب كله». مناهضة بألوان شتى هناك لوبي قوي في الداخل بقيادة منظمات من المجتمع المدني، يناهض المشروع النووي لاعتبارات أيديولوجية وبيئية ومالية وسياسية. ويحض هذا اللوبي على استخدام مصادر الطاقة البديلة كالصخر الزيتي Shale Oil الذي يقدر الاحتياطي المثبت منه محلياً بقرابة 70 بليون طن، إضافة إلى طاقتي الشمس والرياح. ثمة أصوات موازية تسأل أيضاً عن سر «هرولة» الأردن صوب التكنولوجيا النووية، على رغم تراجع دول غربية كالدنمارك وإيطاليا وألمانيا عن هذا الخيار، مع ملاحظة أن هذه البلدان لديها خبرة طويلة في التعامل مع الطاقة النووية، كما اكتسبت مهارات في التعامل مع مخلفات الوقود النووي الذي يتراكم عند انتهاء العمر الافتراضي للمواد المُشعة في المفاعلات الذرية. وتفيد مصادر رسمية عربية مواكبة لموضوع الطاقة بأن المملكة العربية السعودية تراجعت هي أيضاً عن خيار الطاقة النووية. ولم تنس الذاكرة الوطنية محاولات إرباك هذا المشروع المصيري خارجياً وداخلياً، منذ بداية التحضير له في الأردن قبل أكثر من 7 سنوات، لأسباب مختلفة عززها تناسل أزمة الثقة بين السلطة والشعب. وحاولت إسرائيل، القوة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحوز مفاعلات نووية لأغراض عسكرية، التشويش على مشروع الأردن لدى الأميركيين، كي تضمن انفرادها وتفوقها في مجال التكنولوجيا النووية على سائر دول المنطقة. لكنها فشلت. ثم بدأ الحراك الداخلي معارضة المشروع سياسياً ومجتمعياً وبرلمانياً، مع شكاوى عن غياب المعلومات الرسمية من الحكومة وهيئة الطاقة الذرية الأردنية. وأنشئت هذه الهيئة مطلع عام 2008، خلفاً ل «هيئة الطاقة النووية الأردنية»، بهدف نقل الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتطويرها وتعزيزها. بندان في ظلال الخفاء في سياق الخيار الحكومي الأردني عدم إعلان القرار في الشأن النوويّ، عُلِمَ أن القرار الوزاري يتضمّن بندين رئيسيين، وفق معلومات حصلت عليها «الحياة». ويبدي مسؤولون وخبراء طاقة نوويّة مستقلون اقتناعاً بأن هذين البندين يجيبان عن عددٍ من النقاط التي أثارها معارضو المشروع، لكنهما لن يحسما أو يوقفا الجدل الدائر. يتضمن البند الأول تفاصيل تشمل اعتماد الطاقة النوويّة لتوليد الكهرباء كأحد البدائل في الحصول على الطاقة، وتحديد سعر الكهرباء المولّدة نوويّاً بدقة مع الأخذ في الاعتبار كلفة إخراج المحطة من الخدمة ومعالجة الفضلات المُشعّة. ويشمل البند عينه إجراء مفاضلة بين العرض الروسي المُقدّم من شركة «روساتوم» Rosatom الحكوميّة، وهي مُقرّبة من أوساط الرئيس فلاديمير بوتين المعروف بعلاقاته الشخصية القويّة مع الملك عبدالله الثاني، وكذلك العرض الفرنسي- الياباني (وهو ائتلاف من شركتي «أريفا» و «ميتسوبيشي»)، على أساس العرض المتكامل المتضمّن تزويد الأردن بالتكنولوجيا الذريّة عبر إدخالها شريكاً استراتيجيّاً بنسبة 49 في المئة. يتضمن البند الأول أيضاً، إعطاء مجلس الوزراء الخيارات المتاحة لتمويل المحطة بما في ذلك تنفيذ المشروع على أساس نظام البناء والتملك والتشغيل، بالمقارنة مع خيارات اخرى بينها شراكة الحكومة مع القطاع الخاص، وبعدها تجري عملية نقل المُلْكيّة. وتشير المعطيات المتوافرة إلى تفضيل الكباريتي وعدد من الوزراء، الخيار الأول كي لا تتحمل خزينة الدولة تبعات ماليّة تزيد من عجز الموازنة، فيما تفضّل الهيئة الخيار الثاني لضمان السيادة الأردنية على المحطة وإدارة النفايات النوويّة وتدريب الكوادر البشرية. ويشمل البند عينه، تشكيل شركة مملوكة للحكومة لإدارة المشروع Nuclear Utility Company على أسس تضمن استقلالها ماليّاً وإداريّاً لضمان سلاسة أخذ القرارات وتعيين الكفاءات. ويتضمّن البند الثاني تحديد محيط موقع «قصير عمره» وهو الأنسب لإنشاء أول محطة للطاقة النوويّة بمفاعلين وتشغيلها بحلول 2021 في حال توافر التمويل، وتكليف وزارة المياه والري بتحديد مصادر المياه اللازمة لتبريد مفاعلات محطة الطاقة النوويّة، في بلد يصنّف ضمن أفقر عشر دول في مصادر المياه. رأي علميّ مؤيّد سألت «الحياة» الدكتور خالد طوقان، رئيس هيئة الطاقة الذرية، والحاصل على دكتوراه في الهندسة النوويّة من أميركا، عن الملف، فأوضح أنه عمل «جاهداً خلال السنوات السبع الماضية لشرح الموضوع للجميع وبطريقة مؤسّساتيّة ودقيقة... الشغب لم يتوقف عليه ولا على مشروع متكامل وطموح لطاقة نوويّة مدنيّة يشمل البحث والتطوير والتعدين وإنتاج اليورانيوم المُخَصّب لتشغيل محطات توليد الطاقة النوويّة، والتخلص من مخلفات الوقود النوويّ، بمعنى أنه مشروع لا يقتصر على استخلاص خامات اليورانيوم وتخصيبها في الخارج». وأضاف: «كان واضحاً من البداية أن هناك أجندات موجّهة سياسيّاً بعضها يعمل لأطراف خارجية، حاولت أن تنزلق بالحوار حول البرنامج النوويّ من حوار علمي متخصّص إلى حرب إشاعات وكلام يتطاير هنا وهناك، وهو مبنيّ على التهويل والتخويف. وهذا ما رفضته، بل ترفضه الهيئة أيضاً». وأكّد طوقان أنه أجاب عن 250 سؤالاً وصلته من البرلمان، كما نشر الإجابات على موقع الهيئة الالكتروني. لكن النواب يقولون ان غالبية إجابات الهيئة لم تكن وافية، وأن الهيئة تعمل بسرية عالية، «بل تتواصل مع القصر مباشرة متجاوزة سائر المؤسسات، على رغم أن للمشروع النوويّ تبعات بيئية ومالية ستدفع ثمنها الأجيال المقبلة». وقدّمت الهيئة عشرة عروض حول المشروع لمجلس الوزراء ولجانه المتخصّصة، منذ تسلّم د. عبدالله النسور رئاسة الحكومة قبل عام ونيف. كما أرسلت إلى وزارة الطاقة المعالم الأساسية المرتبطة بالبرنامج الزمني لتطبيق استراتيجية استخدام الطاقة النوويّة. إشكالية زائفة مع «أريفا» ثار لغط واسع في الأردن على خلفية إنهاء الحكومة اتفاقية التعدين مع مجموعة «أريفا النوويّة الفرنسية» لمسح مخزون الأردن من اليورانيوم في وسط المملكة والتنقيب الحصري عنه واستخراجه. حصل ذلك بعد الانتهاء من مسح 70 في المئة من المساحة الكليّة وبكلفة 30 مليون دولار تحملتها «أريفا». خرجت الشركة بخلاصة عن وجود 28 ألف طن من احتياطيات اليورانيوم في المساحة التي عملت فيها، ما أثار انطباعاً مغلوطاً بأن الأرقام أقل من تلك المصرّح عنها قبل بدء المشروع، مع أن خروج الشركة المفاجئ من أعمال المسح جاء بفعل خسائر فادحة منيت بها نتيجة نشاطات أخرى خارج الأردن. وبذا، اشتدت حملة تشكيك محلية أخرى حول حقيقة احتياطات خامات اليورانيوم المُشعّ العالي الجودة، وسط تقديرات تحدّثت عن وجود 80 ألف طن منه في أربع مناطق صحراوية رئيسية تقع ضمن بلد مُصنّف في المرتبة ال 11 عالميّاً لجهة احتياطيات اليورانيوم. وبعدها، ظهر احتجاج على قرار قضى بنقل موقع المحطة الأولى من مدينة العقبة السياحية المُطلّة على البحر الأحمر، بسبب تحفظات من دول الجوار (إسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية)، إلى مشارف بلدة «خربة السمراء» شمال شرقي العاصمة. وحينها، اعتصم سكان هذه البلدة مطالبين بتغيير الموقع. وبصورة إجماليّة، أعطى تبديل المواقع انطباعاً بارتجالية اتخاذ القرارات بشأن مشروع يتّسم بحساسيّة عالية. ثم واصلت هيئة الطاقة العمل بمفردها بعد خروج شركة «أريفا». أعادت الهيئة مسح المنطقة ذاتها باستخدام تقنيات متقدمة وبالاعتماد على كوادرها، إضافة إلى خمسة خبراء دوليين، وفق طوقان الذي بيّن أن النتائج الأوليّة لعمليات المسح جاءت مبشرّة، بل تقترب من تقديرات سابقة ل «سلطة المصادر الطبيعية» بوجود قرابة 60 ألف طن متري في منطقة وسط الأردن، مع كميّات كبيرة أيضاً في مناطق أخرى. وحتى الآن، جرى مسح 17 كيلومتراً مربّعاً في بطن الصحراء من أصل 78 كيلومتراً مربّعاً مسحتها «أريفا» سابقاً. وكذلك جرى تحديد 6100 طن متري من أُكسيد اليورانيوم بتركيز 165 جزءاً في المليون، وهو أعلى من المعيار العالمي المقبول (100 جزء بالمليون) لاعتبار الأكسيد صالحاً لاستخراج الطاقة. ويتوقع الوصول إلى 28 ألف طن متري يُعتَقَد بوجودها في الطبقة السطحية (من صفر إلى عمق خمسة أمتار)، علماً أن دراسات أخرى أشارت إلى وجود مثل هذه الكمية وبالتركيز ذاته، في الطبقة العميقة (بين 10 أمتار و20) للمنطقة الممسوحة، وفق طوقان.