اشتهر دوّار بقايد بوهران، عاصمة الغرب الجزائري، بأبنائه المتميزين في العلوم الدينية والدنيوية، كما اشتهر أخيراً بابنه المتميّز في مجال الرياضة حبيب سليمان بلغانم (1997) الذي بدأ ممارسة رياضة المصارعة عام 2009، وتوّج بطل المغرب عام 2011. ويتحدث حبيب ل"مدرسة الحياة" عن تجربته قائلا: "عندما تركت المدرسة، استاء أهلي كثيراً، وخصوصاً أبي. كان يتوقّع مني الكثير، لأنه للأسف لم تكن لديه الفرصة ليكمل دراسته، فاضطر للتوقف عنها، وأُجبر على العمل ليساعد في إعالة عائلته، أما أنا فتركت الدراسة من دون أي سبب". بعد هذا القرار، اضطر حبيب للبحث عن عمل، فمارس الصيد، وكان الأصغر على متن قارب للصيادين. عمله كصياد كان محفوفاً بالمخاطر، ولم يدرّ عليه الأرباح التي كان يحلم بها، فترك البحر وبحث عن طريقة أخرى للحصول على المال. والده كان له دور أيضاً في دفعه إلى ترك الصيد، "والدي كان صياداً، وكان على دراية تامة بخبايا هذا العمل، فطلب مني تركه". بعد انصرافه عن الصيد، وجد حبيب نفسه وجهاً لوجه مع الفراغ، ويقول: "كنتُ أجوب شوارع المدينة يومياً، حتى لا أشعر بالملل، إلا أن الوقت كان لا يمضي، كنت أشعر بفراغ كبير". أثناء ذلك نصحه قريبه بممارسة رياضة المصارعة، و"لما بدأت ممارسة المصارعة، لم أكن أعرف ما الذي أقوم به، ولم أكن أفهم معنى هذه الرياضة. كنت أنفذ فقط إرشادات وتوجيهات مدربي، وأقضي وقتي في القاعة الرياضية، لأنه لم يكن لدي أي شيء أقوم به"، يضيف. بعد مرور ستة أشهر من التدريبات، شارك حبيب في بطولة الجزائر للمصارعة، وحصل على الميدالية الذهبية، وكان ذلك نقطة تحوّل في علاقته مع والديه، إذ يقول: "كان أبي وأمي فخورين بي بعد هذا الفوز، وبدأت علاقتي بهما تتحسن، لا أستطيع أن أصف شعوري عندما رأيت الابتسامة على وجه والدتي. ابتسامتها كانت أكثر أهمية بالنسبة إلي من الفوز". ويعترف حبيب بأنه ارتكب "خطأ فادحاً عندما تركتُ الدراسة، حاول والديّ إعادتي للمدرسة، لكن الجهات المسؤولة رفضت ذلك. وأدركت أن السبيل الوحيد للمعرفة وتحسين مستواي هو الاعتماد على النفس، فبدأت بالبحث وطرح الأسئلة على مدربي حول رياضة المصارعة، كما تعلمت استعمال الإنترنت وأطلعت على قوانين رياضتي، أهم أبطالها، وتاريخ ظهورها". الهروب من الفقر هو السبب الأول لسعي الرياضي الشاب إلى التميّز. ويقول في هذا السياق: "المصارعة هي سبيلي الوحيد حتى أصبح غنياً. لا أريد العيش في الفقر مجدداً، يجب عليّ التدرّب بجهد لتأمين حياتي، وحياة عائلتي. لا أود عيش تجربة والدي لأنه عانى كثيراً في حياته. إنني أشعر بألم كبير حين أراه يعاني"، ويضيف: "أريد أن أصبح ثرياً ومشهوراً مثل أكرم جابر، بطل مصر في المصارعة. أكرم هو بطلي ومثالي في هذه الحياة". في صيف العام الجاري، شارك حبيب سليمان بلغانم في الطبعة الثانية للألعاب الأولمبية للناشئين التي أقيمت في نانجينغ (الصين)، من 16 إلى 28 آب (أغسطس) 2014. كان أمل حبيب كبيراً في الحصول على ميدالية ورفع العلم الجزائري. وعلى رغم معنويات حبيب المرتفعة، إلا أن الحظ لم يسعفه، إذ ربح جولة واحدة وخسر ثلاث جولات، لكن هذه الخسارة لم تحبط المصارع الوهراني، بل زادت من عزيمته وإصراره على العمل، حتى يكون حاضراً في الألعاب الأولمبية المزمع تنظيمها في ريو دي جانيرو في البرازيل عام 2016.