كانت البداية في حفلة نجاح أختي من الجامعة، المدعوات كن رفيقاتها وجمع من العائلة، فأعددت كيكة التخرج، وزينتها ببعض القطع التي تعني بالمناسبة، ووضعت حولها العديد من قطع « الكب كيك» الصغيرة والملونة، إضافة إلى أنواع من الفطائر المالحة والحلوة، وبعض صواني الخضراوات واللحوم. لم يصدق الحضور أن كل ما قدم في الحفلة كان من صنع يدي، وبدأوا يسألوني لماذا لا يكون هذا مشروع عمل جديداً!. لم أستحسن الفكرة كثيراً كوني «مزاجية» في العمل، ولكن تكرار الأمر وطلبات الصديقات اللاتي بدأن يعتمدن علي في حفلات نجاح أبنائهن، أو حفلات التخرج والمبالغ التي دفعت لي جعلتني أفكر جدياً بالمشروع. وحالياً أصبحت أسجل في مذكرة خاصة الطلبات بعد أن قمت بعرض إنتاجي في شبكات التواصل ولدي طلبات تصل إلى شهر كامل قادم، وكثرة الطلبات جعلتني أحب التخصص في الكيك بأنواعه والحلويات فقط دون عمليات الطبخ الأخرى، لأني أتقنها أكثر من غيرها، وذائقتها مرضية للجميع، والتفنن في إعدادها وتزيينها له مجال واسع، وخلال عام واحد ارتفع ربحي شهرياً من خمسة آلاف إلى تسعة آلاف ريال، بعد تصفية المشتريات، وفعلياً أفكر في التوسع لتصنيع الشوكلاتة الخاصة بحفلات الزواج وتغليفها. «هذه تجربة مي منصور، خريجة رياض أطفال منذ عامين، ولم تجد وظيفة بمؤهلها، ولكن الصدفة قادتها للعمل من المنزل في صناعة الحلويات، وأسست لهذا الغرض مطبخاً متكاملاً في ملحق بالمنزل، وتساعدها إحدى صديقاتها في هذا العمل. « توتي كب كيك» ربة منزل وتحب الطبخ وتخصصت كثيراً في الكب كيك لأنها كما تقول كان هو الأكثر طلباً من الناس، تعمل من منزلها في مدينة الدمام، وتجد متعة كبيرة في العمل وتقول عن تجربتها: لم يكن البحث عن المادة هو أساس عملي، ولكنني أعاني من الفراغ الشديد، وبدأت كهاوية بالمشروع وأعمل عليه وحدي، وبدأت تأتيني طلبات عدة من سيدات المنطقة وفتياتها، وخصوصاً آخر العام الدراسي لكثرة حفلات التخرج والنجاح، وأقوم بعمل الكيكات لهذه المناسبة، وتصلني طلبات عدة من مناطق أخرى وبكثرة مثل الرياض والطائف وأعتذر منها طبعاً لصعوبة التوصيل وبعد المكان، وهذا العمل ملأ وقتي وجعلني أتدرب أكثر على التزيين ومعرفة مستجدات النكهات وما يرضي ذائقة الناس، وأتمنى مستقبلاً أن أستطيع أنشاء مكتب خاص بتنسيق الحفلات الكبرى ومتطلباتها من الحلويات، ولا أخفي أن الدخل الذي أحصل عليه جيد وخصوصاً أنني بدأت العمل من أشهر قليلة. ومن خلال الأنستغرام، كانت معروضات صور «صيته سويتس» مغرية جداً للحديث معها، تقول: «بدأت العمل من ثلاثة أعوام، الوالدة المتقاعدة ونحن البنات معها يداً بيد، وبعضنا موظفة وطالبة، ونتلقى طلبات كثيرة وخصوصاً في نهاية الأسبوع وفي أيام العيد ومواسم الحفلات مثل حفلات النجاح والتخرج، ونتخصص في الحلويات مثل التارت بأنواعه والمفن، والكوكيز، والكب كيك، إذ إنها أكثر ما يطلب حالياً» وتضيف «إن هذا العمل هواية ولم تتلق عليه أي تدريب سوى التجربة الشخصية، وتؤكد أن المواد الأولية لصناعة الحلويات مرتفعة الأسعار، ولا نجد كل ما نريده في السوق المحلية وخصوصاً ما يتعلق بالزينة، ونقوم بطلبها من خلال سوق الإنترنت، وبالنسبة للتوصيل نتعامل مع مندوب توصيل للطلبات، أو يترك الأمر لرغبة الزبائن». وتشير فاتن حمود إلى تجربتها قائلة، الآن هناك محال حلويات كبرى، ومحال الكوفي شوب تطلب تمويلها من منتجاتي، أصنع لهم كيك التمر وكيك الجزر وبعض الكيك الصحي الخاص بمرضى السكر أو الحمية، إضافة إلى قطع البسكويت والتارت، وهذا الأمر يشعرني ببعض الأمن المادي فهو مستمر، وأود التوسع فيه لأكون يوماً ما مسؤولة لصنع الحلويات والكيك في الفنادق الكبرى، وفاتن حمود درست كورسات خاصة في بريطانيا وأميركا في كيفية صناعة الحلويات وتزيينها. وتعلق الدكتورة مشاعل البقمي المتخصصة في علم الاجتماع أن اتجاه السعوديات الشابات خصوصاً لهذا النوع العمل يعطي مؤشراً إلى أن الفتيات يرغبن في ممارسة عمل يقضي على الفراغ أولاً، ولتنمية دخلهن ثانياً في ظل أوضاع اقتصادية يعاني منها المجتمع إذ إن الغلاء الفاحش يتطلب تنويع مصادر الدخل، وتتمنى لو كان هناك أكاديمية خاصة بفن الحلويات أو صناعة الأطعمة تدرب الفتيات على هذه المهن المناسبة وذلك من خلال مؤسسة التعليم الفني، إذ يمكنهن الحصول على دعم وقروض ميسرة تتيح لهن ممارسة العمل باحترافية وفي أماكن لائقة وبرقابة صحية من البلديات.