اختارت أندية الواجهة في أوروبا سيناريو مشابهاً لأفلام «هوليوود» حينما جعلت جماهيرها تعيش لحظات عصيبة بلا خبر سار ولا نبأ عاجل طوال فترة الانتقالات، تاركة اللحظات الأخيرة هي المتنفس الأخير والأجمل لعشاقها، بعد أن أبرمت أضخم الصفقات، وأكثرها قرباً إلى قلوب الأنصار. وبما أن لغة المال تفرض نفسها في يومنا هذا، فالحديث سيكون أكثر دقة حينما نبدأ بالويلزي غاريث بيل الذي انتقل إلى ريال مديد بأكثر من 91 مليون يورو، وهو المبلغ الذي لم يصرفه النادي «الملكي» يوماً طوال تاريخه على أي نجم من النجوم الذين ارتدوا قميصه الأبيض، «الطائرة النفاثة» ستتسابق بعد اليوم في ملاعب الكرة الإسبانية، وسيتسنى لابن ويلز المضي قدماً في ميادين دوري أبطال أوروبا بعد أن غاب عنها في الموسمين الماضيين نظير حصول فريقه السابق توتنهام على مركز لا يؤهله للمشاركة في البطولة القارية. غاريث بيل كان يمني النفس في طفولته بالالتحاق ب «الميرينغي»، حتى إنه كان يرتدي قميص «الريال» في عدد كبير من الصور التذكارية التي التقطت وهو يعيش طفولته، ما دفع إدارة ريال مدريد إلى وضع صورته وهو يرتدي شعار «الملكي» في العام 2000 أثناء تقديمه كجزء من التعاضد مع اللاعب بعد تحقيق حلمه. وفي أرسنال أنفق «المدفعجية» ما لم يدفعوه منذ أن نشأ ناديهم في سبيل الحصول على خدمات الألماني مسعود أوزيل، الذي أصبح لاعباً رهن إشارة المدرب الفرنسي أرسين فينغر لقاء 50 مليون يورو، وهو الرقم الذي لم يدفع نصفه النادي اللندني حتى خلال مشاركته في «البريميير ليغ»، إذ تعد الصفقة الأعلى بعد صفقة انتقال أوزيل للفرنسي ويلتورد الذي جلبه فينغر من مواطنه مارسيليا ب15 مليون يورو. فيما جاء الروسي أرشافين، والفرنسي سمير نصري في المرتبة الثالثة، إذ ارتديا القميص الأحمر بمبلغ وصل إلى 14 مليون يورو. وبدت جماهير أرسنال سعيدة بصورة مختلفة عن كل عام، خصوصاً بعدما عقد ناديهم الصفقة الأغلى في تاريخ «البريميير ليغ»، إذ كان الأرجنتيني سيرجيو أغويرو يحمل الرقم الأعلى عند انتقاله من أتلتيكو مدريد إلى مانشستر سيتي قبل موسمين ب45 مليون يورو، حتى فاجأ فينغر عشاق فريقه قبل أي متابع آخر بجلب أوزيل بالملايين ال50. وبقراءة اليوم «الدراماتيكي الأخير» في سوق الانتقالات، فإن المشهد الأكثر تأثيراً جرت فصوله في إيطاليا، وتحديداً في ميلانو حينما عاد فتاهم المدلل كاكا إلى ملعبه المفضل «سان سيرو» قادماً من الريال بعد تجربة دامت أربعة أعوام لم يكتب لها النجاح، عشاق ميلان استقبلوا كاكا بطريقة عفوية ومن دون تجهيزات وتحضيرات، فتدافعوا من أجل أن يطلقوا أناشيد الترحيب بنجم أسهم في صعود ناديهم إلى قمة دوري أبطال أوروبا، الغرابة تكمن في ما يفعله المدير المالي في ميلان أدريانو غالياني، إذ نجح يوماً في الفوز بخدمات كاكا عندما كان يافعاً ب 8 ملايين يورو، قبل أن يتألق أيما تألق في «الروسينيري» ويحصل على عرض يصعب التغاضي عنه من ريال مدريد ب65 مليون يورو، وبعد ذلك أعاد غالياني فتاه الموهوب بعد بلوغه سن ال31 عاماً من دون أن يكلف خزانة النادي الإيطالي يورو واحداً! في مانشستر لم تكن سوق الانتقالات مريحة للمناصرين، خصوصاً أنهم يعيشون أقصى مراحل مخاوفهم بعد اعتزال «السير» إليكس فيرغسون التدريب، فما كان من مدرب فريقهم الجديد دافيد مويس، الذي كان مدرباً لإيفرتون طوال الأعوام الثمانية الماضية، إلا أن أخذ الأمر على محمل الجد، وأصر على أن يؤكد لكل عشاق «الشياطين» أنهم يملكون مدرباً ناجحاً في التفاوض مع اللاعبين والإدارات، والاستفادة من مكانته في الدوري الإنكليزي على أقل تقدير في الأعوام الماضية، فذهب إلى معقله السابق في ليفربول، وتحدث مع إدارة إيفرتون من أجل الاستفادة من خدمات اللاعب البلجيكي مروان فيلايني، ومع أن المفاوضات سلكت طريقاً طويلاً، إلا أنه استطاع إقناع الجميع إدارة ولاعباً بضم الأخير إلى صفوف «الشياطين» بنحو 30 مليون يورو، وكانت صفقة فيلايني هي الأخيرة في الدوري الإنكليزي وأسدل ستار الصفقات بها. رواد سوق الانتقالات، سواء بأموالهم أم بالصفات التي أطلقها المتابعون عليهم في الأعوام الماضية كانت لهم صولات وجولات في هذا العام، فلا غرابة أن ينفق «المسرف» فلورنتينو بيريز ما يفوق ال91 مليون يورو من أجل غاريث بيل، ولا بمفاجئ أن يمارس من يُدعى «البخيل» غالياني فطنته وهو يفاوض إدارة الريال ويجلب كاكا بالمجان، ولكن العجب أن يتحرك من يطلق عليه «الفقير» فينغر الذي كان يشاهد لاعبيه النجوم يرحلون من دون حول منه ولا قوة ويرصد 50 مليون يورو لجلب لاعب واحد، بعدما كان يقوم بتوزيع ما يعادل هذا الرقم في استقطاب أكثر من 10 لاعبين!