يكسر مسلسل «عشق النساء» للمخرج فيليب أسمر والكاتبة منى طايع، نسبياً، نموذج «المرأة الخائنة» الذي طغى أخيراً على أعمال درامية سورية ولبنانية، حتى كاد أن يصبح نمطاً. ولم يستند العمل «العربي المشترك» في ذلك، إلى الوجه الآخر «المثالي» من العملة، بل قدم واقعية إنسانية تمتد بين الخير والشر، ليست دائماً صراعاً بينهما. ويبدأ اللون الرمادي مع نساء العشق ب»غادة» (ورد الخال)، القابلة النسائية، الصلبة والطموحة، والأهم المرأة التي تعاني في حياة زوجية من الصراع الطبقي المبطن، بسبب شريك برجوازي مفلس. والحبكة الأساسية في خط «غادة»، تكمن في وجود المحامي «عادل» (باسل خياط) الذي يدعمها إلى أن تحقق طموحها. من قابلة نسائية في مستشفى، تتحوّل غادة بسبب دعم عادل المعنوي والماديّ وبسبب إصرارها على تحقيق أحلامها إلى صاحبة مستشفى، وامرأة غنيّة تحاول الحفاظ على عائلتها بعد وفاة زوجها. في هذا الخط، يتحرك حب شبه «أفلاطوني» بين الاثنين، لا هو «محرم» ولا هو «حلال»، الخيار للمشاهد فقط. أمّا «أمل» (نادين نجيم)، صديقة غادة «الحيوية»، فتعشق زوجها الطبيب «ناكر الجميل» الذي أوصلته إلى ما هو عليه، بسنوات من التضحية لأجله ودعمها له وفقدانها القدرة على الإنجاب بسببه، فتتحول «أمل» من الشخصية «المرحة» إلى المصدومة» والمتوحدة» و«اللاهثة» وراء الانتقام، بسبب خيانته. وتتحول نجيم ببراعة مقنعة بين ملامح الحالتين اللتين صاحبتهما عفوية مطلقة في الأداء، تميزت بأدوات حوار واقعي غير متكلف، يفتقده عادة الأداء اللبناني الدرامي. والعاشقة الثالثة، «جيهان» (ميس حمدان)، شقيقة زوج «غادة» التي تتزوج رجلاً غنياً يناسب طبقتها الاجتماعية بعد قصة حب طويلة تعيشها مع «سمير» (بيتر سمعان)، لتقرر من بعدها الطلاق والعودة إلى «سمير»، ما يدفع زوجها السابق إلى حرمانها من طفلها الذي يعود إليها بعد 15 عاماً، شاباً منحرفاً ومدمناً على المخدرات. في هذا الخط تدفع «جيهان» ثمن أولوياتها بين الحب والمال، فتعيد ترتيبها بعد فوات الأوان. وتؤدي حمدان التغير في خط شخصيتها، بدموع الأنثى المجروحة من جهة، ولكن «المتملكة» من جهة أخرى، وفي الحالتين لم تنزل الشخصية من برجها العاجي. وتطل العاشقة الأخيرة، «ناي» (ندى ريمي)، زوجة «عادل» التي تعيش طوال حياتها في صراع حول عشق زوجها ل»غادة» أو عدمه، لتتعايش مع هذه الحقيقة المرّة، كوهم يجعلها تصدق أن «غادة» مجرد صديقة لزوجها، طالما أن الخيانة لم تقع. إذن من خلال هؤلاء النساء الأربع، تقدم لنا الكاتبة، نماذج مختلفةً من نماذج المرأة في الحب، لكنهن واقعيات غير حالمات، على خطى «مدام بوفاري» لفلوبير في مواجهة المجتمع المقابل. ولكن العمل الذي أراده منتجه زياد شويري «عملاً لبنانياً مطعماً بوجوه عربية» وفق ما يقول ل»الحياة»، لم يقنع بإسناد بعض الشخصيات إلى ممثلين غير لبنانيين «بدوافع غير إنتاجية». فمثلاً، وعلى رغم الأداء العالي للممثل السوري خياط، إلا أنه لم يؤد اللهجة اللبنانية، علماً أن النص يفترض أن الشخصية تعود لمحام لبناني يترشح إلى النيابة ويصبح وزيراً لاحقاً، وجلّ ما فعله «عادل» في هذا الإطار، هو أنه قال «مش» بدلاً عن «مو». وذلك بالإضافة إلى الممرضين في المستشفى اللبناني ولكن الناطقين باللهجة المصرية. ويسقط النص في مطبات أخرى، لا سيما في الخط السياسي الذي يقدم حواراً ضعيفاً في هذا الشق، في بلد يعتبر «مسيساً» حتى النخاع، فتأتي الجمل السياسية أشبه بخطاب لملكة جمال، من أن تكون لوزير «يكافح الفساد»، على رغم أن النص يفتح مصراعيه كملاصق للواقع في الحلقة الأولى التي تبدأ أحداثها عام 1998. ومن الناحية الإخراجية، يقدم أسمر زوايا مميزة للمشاهد الداخلية، يستند فيها إلى أحداث شيقة في عمقها، ولكن تعاني من بعض البطء في التصاعد، لكنه ظل تحت رحمة ندرة المشاهد الخارجية، علماً أن إنتاجات عربية تتجه إلى لبنان للاستفادة من فضائه الواسع في الدراما. وذلك بالإضافة إلى مشكلة برزت من ناحية المكياج، إذ على رغم مرور سنوات طوال في أحداث العمل، لا نرى تقدماً حقيقياً في السن، في مظهري «غادة» و»جيهان» بخاصة. «عشق النساء» يثبت نجاحه بعد عرضه الأول على «أل بي سي» اللبنانية، بعرض ثان على «الحياة» المصرية. وهو بعد «ولاد البلد»، يخطو خطوة ثانية نحو تقدم الدراما اللبنانية، معلناً أنها موجودة و«بخير».