اطلق رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري مبادرة للخروج من الأزمة السياسية التي تتخبط بها البلاد، مؤكداً ان «لا مخرج سياسياًَ ولا وطنياً إلا بالحوار وجهاً لوجه من دون انتظار التحولات الإقليمية». واقترح خلوة على مدى 5 ايام بمشاركة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام وجدول اعمال حول شكل الحكومة وبيانها. ووجه بري امس، كلمة متلفزة في الذكرى ال35 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، بعدما ألغي المهرجان السنوي الذي تقيمه حركة «امل» للمناسبة. وذكر بري بأن «الإمام الصدر كان أرجأ مهرجاناً في العام 1975 بسبب الأوضاع التي كانت سائدة أمنياً، وما فعلناه اليوم هو بسبب متفجرتي الرويس وطرابلس». وترافقت اطلالة بري عبر الشاشة بإطلاق نار كثيف في بيروت وضاحيتها الجنوبية استمر لبعض الوقت. «الصندوق الأسود الليبي » وخصص بري الجزء الأول من كلمته لموضوع تعامل السلطات الليبية ما بعد القذافي مع قضية الصدر. وقال: «ان حركة أمل انحازت الى الثورة الليبية منذ أيامها الأولى وكانت تتنسم ممن كانت تلتقيهم أخبار الإمام»، ولكن «الصندوق الأسود لم يفتح بعد، على رغم إلقاء القبض على عدد من رجالات النظام البائد وخصوصاً رئيس الاستخبارات الليبية». ونفى الكلام المنسوب عن الوصول الى تسوية بشأن قضية الصدر، مؤكداً ان اللجنة الحكومية المكلفة لم تتوان عن إجراء الاتصالات اللازمة في هذا الشأن. وأعلن انه فوجئ بتردد القيادة الليبية الجديدة في فتح الملفات، وطالبها بالكشف عما توصل اليه القضاء الليبي في هذه المسألة. واتهم مدير المخابرات الليبية السابق عبدالله السنوسي «كبير الجلادين»، بأنه «يعلم كل شيء وعمل كل شيء»، وبأنه هو «الذي ختم جوازات السفر الى روما زوراً باسم الإمام الصدر». وأبدى شكوكه بأن «أجهزة دولية تعمل على محو سجلات النظام الليبي التي تتضمن أسراراً تضر ببعض الدول ومنها تمويل انتخابات رئاسية». وطالب بتشكيل لجنة قضائية بين لبنان وليبيا. وقال: «هذه القضية لا تنتهي بيننا وبينكم إلا بجلاء القضية». وتوجه الى الإسلاميين في ليبيا، قائلاً: «ان العمل في سبيل الإمام ورفيقيه هو العودة الى الإسلام وينابيعه». خريطة الطريق وانتقل بري الى الوضع الداخلي قائلاً: «هناك من يعتبرنا رعايا ومن يعتبر نفسه صاحب السلطة، ونسأل اليوم اين نحن من شعارات الدولة والشراكة، وأي لبنان نريد وأي دولة؟». وذكر ب «ان الدولة بعد الطائف كانت بفضل صمودنا وتضحياتنا، والتي فتحت المساعي أمام السعودية وسورية وإحلال فصل السلم الأهلي». وتوقف امام توالي الشروط امام الدعوات الى الحوار «تماماً كما الشرط الآن، اي وضع العصي في الدواليب». ورأى أن هناك «غياباً لأي مسؤولية تجاه مخاطر العدو الإسرائيلي وانتهاكاته، وآخرها في اللبونة حيث كانت المقاومة وحدها حاضرة». ونبه إلى ان «نحو مليون ونصف مليون من النازحين السوريين والفلسطينيين صاروا في لبنان ومن بينهم 300 ألف طالب، لا يستطيع لبنان تحملهم». وقال عن التفجيرات وإطلاق الصواريخ تحت تسميات اسلامية «انها تخفي وراءها اصابع اسرائيلية». وأكد ان «هذه الشبكات الإسرائيلية مهما كانت تسمياتها، ومن يمولها إنما يمول انتحار لبنان»، مشدداً على ان «لا سبيل للخروج من الأزمة الا بالحوار». واقترح على رئيس الجمهورية ميشال سليمان «خريطة طريق للخروج من الوضع المتراكم، بالشروع بخلوة حوارية يشارك فيها الرئيس سلام، ويكون جدول اعمالها شكل الحكومة الجديدة وبيانها، وأيضاً تطويع 5 آلاف جندي جديد، وإنقاذ طرابلس والبقاع على الحدود من فوضى السلاح، وإخراج تداخل المسائل اللبنانية بالسورية. وتفعيل الحوار حول قانون الانتخابات ونقاش الاستراتيجية الدفاعية والبحث بالوضع الاقتصادي». وقال بري: «حملنا السلاح عندما تحول الجنوب والبقاع الغربي مرتعاً للعدو الإسرائيلي. وبسبب اجتياحات اسرائيل، ووصولها عبر خطوط «يونيفيل» الى بيروت وارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا، وصولاً الى مواجهة حرب اسرائيل على لبنان العام 2006، فكان ان حقق لبنان بمقاومته وجيشه وشعبه اول انتصار على اسرائيل». وتحدث بري عن «احترام لبنان القرارات الدولية في حين ان اسرائيل لا تحترمها»، وقال: «كان لنا الدور في صنع بعضها». وزاد: «بعضهم يعتبر ان الحرب انتهت ويريدون من المقاومة تسليم السلاح، هل قصدهم تسليم السلاح بلا شروط ولا ضمانات بعدم قيام اسرائيل باللجوء الى القوة ومن دون انسحاب من ارضنا المحتلة ام اننا سامحنا بأرضنا المحتلة؟ وإلا فإننا نكون خارجين على الشرعية الوطنية وربما العربية والدولية؟ ام قصدهم تسليم السلاح من دون تنفيذ حتى مندرجات القرار 1701 وقف اطلاق النار والقرار ينص على انهاء حال العداء حتى وقف اطلاق النار من دون ان يستبدل هذا الأمر؟». وسخر من «معادلة القبول بأهل الجنوب عندما كانوا يعيشون في الحرمان ومواطنين مؤجلين وتحت تهديدات اسرائيل في حين اننا مرفوضون اليوم لأننا نستطيع ردع العدو ونحمي سيادة الوطن لا سيادة الطائفة وحدود الوطن لا حدود الطائفة»، مؤكداً ان مفهوم الدفاع لا يخص طائفة ولا مذهباً، الحدود الجنوبية ليست للشيعة والحدود الشرقية الشمالية ليست مساحات للطفار وبيروت ليست للسنة وطرابلس ليست مشاعاً لأمراء الزواريب وصيدا ليست لأحد بعينه فهي عاصمة الجنوب والمقاومة والتاريخ والجغرافيا»، معلناً ان «كل سلاح خارج سلاح الجيش وسلاح المقاومة على الحدود، هو سلاح مرفوض وكفى لفاً ودوراناً». وذكر بأن السلاح «وضع بين ايدي المواطنين منذ سنوات بعيدة خلال مراحل الحرب الفتنة وحتى قبل ان ينشأ حزب الله والمقاومة الإسلامية وإن بعضنا فقط، نحن في حركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي والتزاماً باتفاق الطائف من تقدم طوعاً وقدم اسلحته الى الجيش وأخذنا بيد الجيش الى كل الجغرافيا الوطنية المفترض اننا نسيطر عليها، فيما لا يزال الآخرون يسعون الى اعادة انتاج نظام مصالح النظام الذي ارساه الانتداب من دون ان ينتبهوا الى ان العالم تغير وأن القاعدة التي تحكم الأوطان هي المشاركة». التحييد عن سورية وطالب ب «إخراج وتحييد كل عناصر التدخل والتداخل العسكري والأمني والمالي العربي والإقليمي من المسألة السورية»، معتبراً ان «اللبنانيين الذين تشكل سورية عمقهم العربي والإسلامي والجغرافي كانوا آخر العرب بل آخر العالم بالانخراط في المسألة السورية والإصابة بعدوى الحمى السورية». وتوقف عند «الحرب الديبلوماسية الإسرائيلية انطلاقاً من اوروبا ضد لبنان ولم ينتبه اليها أحد»، معتبراً ان ذلك «سيتحول الى كابوس ضاغط على كل لبناني في مسألة التأشيرة او الإقامة في اوروبا»، وقال: «ان ذلك هو للثأر من تمكن لبنان دولة وشعباً وجيشاً ومقاومة من تمكنهم من دحر العدو الإسرائيلي»، لافتاً الى الأمر نفسه بالنسبة الى اللبنانيين في افريقيا، مكرراً «مطالبة الدول الصديقة والشقيقة بوقف التمييز ضد اللبنانيين وإبعادهم». وحذر بري من «هدر حقوقنا في النفط من دون نقصان»، لافتاً الى ان «اسرائيل تسعى الى تلزيم هذه الخيرات من أرضنا»، مكرراً مطالبته ب «ربط نفط وغاز العراق براً بلبنان». وأسف «لأن النظام العربي يسقط ضحية الغفلة، وأن اسرائيل تحاول فرض شروطها على تسوية مع الفلسطينيين»، منبهاً من «استمرار المخطط الإسرائيلي في طرد الفلسطينيين من أرضهم في 48 وفي صحراء النقب»، مشدداً على «نبذ الخلافات وتوجيه معركتنا باتجاه العدو الإسرائيلي، والعمل على مساندة الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه». وشبه «ما تعانيه سورية اليوم بما حل من نكبة بالشعب الفلسطيني»، مطلقاً على «ما يحصل لها بنكبة فلسطين رقم 2». وأعلن ان «نفير الحرب اطلق قبل التأكد من اي تقرير حول سلاح كيماوي وغيره، وهو شبيه بما حصل للعراق»، ملمحاً الى ان «ذلك ربما سيحصل لمصر أيضاً». وقال: «ان لبنان سيكون مكشوفاً امام الأخطار المتأتية على سورية»، مضيفاً ان «ما يجري في هذه اللحظة السياسية ليس لعبة غميضة على مستوى المنطقة، بل مشاهد حية للحراك الدولي والإقليمي والمحلي المسلح بكل انواع السلاح»، مشيراً الى «احتمالات وقوع التقسيم وإقامة الفيديراليات، بما يجعلنا نترحم على سايكس- بيكو». وإذ اعتبر ان «المستفيد الوحيد من الوضع السوري هو اسرائيل»، دعا «ابناء سورية في الموالاة والمعارضة الى القبول بالحوار في اطار جنيف-2، وعودة سورية الى دورها الذي يتكامل مع التاريخ». المطلوب ثقة ايرانية - سعودية وشدد على ان «حل المسألة السورية لا يكون الا بالمفاوضات» وأن الاتفاق السوري - السوري والاتفاق الروسي الأميركي على سلوك طريق الحل السياسي للأزمة السورية عبر جنيف -2 والدعم الصيني الأوروبي لن تكون كافية بل المطلوب أولاً ودائماً بناء علاقة ثقة في العلاقات الإيرانية - السعودية، تفتح الباب لصنع تفاهمات اقليمية وفي الطليعة دعم سلام سورية وترسيخ امن لبنان وضمان تحقيق آمال الشعب الفلسطيني وإخراج العراق العزيز من واقع العصف المتفجر وتجفيف مصادر الإرهاب المدني الذي يقتل من دون رحمة»، مؤكداً ان «جميع المسلمين هم شيعة لأنهم كلهم يحبون آل البيت، وكلهم سنة لأنهم يأخذون عن النبي والكتاب الواحد». رباب الصدر: الإمام كان يُحرج الجميع ويزعجهم فغيّبته دول عربية وأوروبية وإيران الشاه والقذافي المنفذ اكدت السيدة رباب الصدر في الذكرى الخامسة والثلاثين لتغيبب شقيقها الإمام موسى الصدر ورفيقيه «أن دولاً عربية وأوروبية وإيران الشاه وراء تغييب الإمام الصدر وتغييب الحقيقة، وليس (الزعيم الليبي المخلوع والراحل معمر) القذافي إلا المنفذ». وقالت الصدر في حديث الى محطة «الايمان»: «ليبيا لا تتعاون لكشف الحقيقة لأن هناك اموراً خطيرة وراء تغييب الإمام الصدر». وأوضحت ان «مؤسسات الإمام الصدر مستمرة ضمن خطط استراتيجية لخمسين سنة مقبلة وسنطلق مشروعاً سيقام في دوحة عرمون وسيفصح عن تفاصيله في وقت لاحق». وأضافت ان الأمل كبير بعودة شقيقها المغيّب السيد موسى الصدر ورفيقيه وأنها لن تتراجع عن ذلك أبداً طالما أي حقيقة أخرى غير مبنية، لافتة الى أن «الصدر كان لديه المخطط والفكرة والوضوح وطريقة الإقناع وعمل على تنفيذ ذلك خلال فترة نشاطه في لبنان». ورأت ان الصدر «كان يحرج الجميع ويزعجهم في نضجه وهيبته وانفتاحه ورص الصفوف ولذلك خافوه فغيّبوه عن الساحة لأنه يُفشل مخططاتهم». وكشفت ان السلطات الليبية الحالية لا تتعاون مع الدولة اللبنانية لكشف الحقيقة حول مصير الإمام لأن هناك اموراً خطيرة قد تكشف من وراء ذلك. ودعت القيادات اللبنانية وخصوصاً قيادة حركة «امل» و «حزب الله» لمواصلة الجهود لكشف الحقيقة، واعتبرت انه لا بد من وجود دولة قوية قادرة على الضغط على ليبيا لتساعد في كشف مصير الإمام ورفيقيه. وإحياء للذكرى، اضاء عدد من الشبان في مناطق بيروت وضاحيتها شموع الانتظار، بدءاً بشارع مارون مسك وروضة الشهيدين في الشياح، وبرج البراجنة، ومنطقة حي الجامعة، والعمروسية في الضاحية الجنوبية، إضافة إلى منطقة مار الياس، والبسطا، ومحيط مسجد الصفا وكنيسة الكبوشية، وزقاق البلاط وحي اللجا ومناطق اخرى. وأُقيم تجمع رئيسي لإضاءة الشموع في جادة الإمام الصدر في محيط السفارة الكويتية، وجالت فرق كشفية تابعة لحركة «امل» حول المستديرة رافعة صور الإمام الصدر والرئيس نبيه بري والأعلام اللبنانية ورايات الحركة، وعصراً، رفع صيادون في محلة الاوزاعي للمناسبة صور الإمام والأعلام اللبنانية ورايات «أمل» على زوارق جالوا فيها في البحر. «حزب الله»: لتعمل الجامعة العربية وليبيا على إطلاقه أكد «حزب الله» في بيان اصدره لمناسبة الذكرى ال35 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدر الدين وقوفه «الى جانب حركة «امل» وكل الشرفاء في هذه الأمة في التزام العمل لإبقاء هذه القضية حية باعتبارها قضية وطنية وإسلامية وجهادية كبرى، والسعي الدؤوب للوصول بها إلى الخاتمة الطيبة والمرجوة، مع التأكيد أن الخاطفين وإن احتجزوا الإمام، إلا أن نهجه وخطه وفكره وآماله وأهدافه استمرت بقوة». وإذ وصف الحزب في بيانه الذكرى ب «المأساة الوطنية الكبرى يتجدد خلالها الألم العميق والإحساس بالغضب والحزن في آنٍ واحد لهذا الظلم الكبير الذي لحق بالإمام ورفيقيه من جهة وبوطنهم وشعبهم وعائلاتهم وقضاياهم العادلة من جهة أخرى»، لفت الى «التضحيات الجسيمة لإمام الوطن والمقاومة القائد والمؤسس وجهوده الجبارة من أجل الحفاظ على وحدة لبنان وهويته وسلامة شعبه وعيشه المشترك الواحد ومن أجل وأد الفتن الداخلية بين اللبنانيين أنفسهم وبين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين ومن أجل الدفاع عن لبنان وجنوبه بشكل خاص في وجه العدوان الصهيوني المستمر ومن أجل القدسوفلسطين وشعب فلسطين». كما استحضر «دوره القيادي على مستوى الأمة والعالمين العربي والإسلامي». وشدد على ان الذكرى مناسبة ل «تذكير العالم بالمسؤولية الكاملة والمباشرة الملقاة على عاتقه في هذه القضية، ووجوب أن تعمل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكل القوى الحية في هذه الأمة، والسلطات الليبية الجديدة على إطلاق سراح الإمام الصدر ورفيقيه وإعادتهم سالمين إلى وطنهم وشعبهم وعائلاتهم وساحات جهادهم».