كُتب على لافتة موضوعة أمام صيدلية في ياوندي، أن «دواء الشوارع يقتل والشوارع تقتل الدواء»، إذ يزدهر في الكاميرون وساحل العاج وكينيا الإتجار بالأدوية المزيفة في سوق تدرّ أموالاً ضخمة. من المضادات الحيوية المزيفة إلى الأدوية المكافحة للملاريا أو السكري مروراً بالمحاليل المرطبة، لم يفلت أي مجال صيدلاني من قبضة التجار، استناداً إلى معلومات جمعتها مكاتب وكالة «فرانس برس» في أفريقيا. ولفت أحد الباعة في السوق المركزية في ياوندي بليز دجومو، إلى عقار «ديكلوفين فورت» المضاد للالتهاب، الذي يسجل أفضل المبيعات». وأمثال بليز دجومو كثر وهم مئة بائع يجلسون تحت شماسٍ في شوارع ياوندي، ويبيعون بضائعهم المكدسة في علب من كرتون على مرأى من الجميع. وفي أفضل الحالات ربما لا تعطي هذه الأدوية أي مفعول وفي أسوئها تسبّب التسمم لمَن يتناولها، فهي تباع بالقطعة الواحدة في الأسواق العامة من باعة متجولين غير مرخص لهم، أو بقالين يمزجونها أحياناً كثيرة بأدوية مشتراة بطريقة شرعية أو سرقت من المستشفيات. وتدر هذه التجارة على مزاوليها أموالاً ضخمة. ويكشف الرئيس السابق للنقابة الوطنية للصيادلة في ساحل العاج بارفيه كواسي، أن «التجار ينقسمون إلى نوعين هما المهربون الصغار من جهة والشبكات الإجرامية الدولية التي تؤمن نقل الأدوية من مواقع تصنيعها النائية في الهند أو الصين من جهة أخرى». ولفت إلى أنه وضع مكافحة الاتجار بالأدوية المزيفة في قلب أولوياته، فتعرض لمحاولتي اغتيال في مقر النقابة، في دليل على أن «مصالح كبيرة هي على المحك، وليس مصالح المهربين الصغار». ويزدهر هذا النوع من التجارة الذي بات يشكل 20 إلى 25 في المئة من سوق الأدوية، في ساحل العاج. أما في كينيا، فكانت الأدوية المزيفة تمثّل 30 في المئة من القطاع عام 2012، وفق المكتب الكيني للصيدلة كما هو الوضع في الكاميرون. وفي الكونغو الديموقراطية وغيرها من البلدان الأفريقية، لا تتوافر إحصاءات رسمية تعكس حجم هذا القطاع الذي يقدر بحسب عمليات الضبط. وفي نيجيريا مثلاً، كانت الأدوية المزيفة أو تلك المنتهية صلاحيتها تشكل 70 في المئة من المبيعات عام 2002. ويبدو أن السلطات نجحت في احتواء هذه الظاهرة. وكما هي الحال في مجالات أخرى، تُعتبر جنوب أفريقيا استثناء لهذا الوضع، إذ أعلن الناطق باسم الوكالة الوطنية لمراقبة الأغذية والأدوية أبو بكر جيموه، أنها «نجحت في إرساء نظام مراقبة فاعل على الواردات، ويتمتع القطاع الصيدلاني بمكانة جيدة في البلاد يحرص على الحفاظ عليها». أما في نيجيريا، فهي ترسي نظام تدقيق بالرسائل النصية التي تتضمن الرقم التسلسلي الخاص بكل دواء، والذي يسمح للمستهلك بالتأكد من أنه أصلي. لكن في بلدان أفريقية كثيرة، تقتصر مكافحة الإتجار بالأدوية المزيفة على عمليات ضبط تقوم بها الشرطة من حين إلى آخر، أو حملات توعية عامة لا تؤثر كثيراً على المستهلكين. ففي هذه البلدان حيث لا تعوض التكاليف الطبية التي تثقل كاهل العائلات الفقيرة، يُعتبر سعر الداوء حجة قاطعة غير قابلة للدحض.