سلمت لجنة مصغرة من القضاة والخبراء الدستوريين في مصر مسودة التعديلات الدستورية المقترحة إلى الرئيس الموقت عدلي منصور كي تُعرض على لجنة يفترض أن تشكل في غضون أيام من 50 عضواً يمثلون أطياف المجتمع كافة لتعديل ما يرونه من نصوص خلال 60 يوماً من تاريخ ورود التعديلات إليهم، لتُطرح المسودة النهائية على استفتاء شعبي تعقبه انتخابات برلمانية ورئاسية. ومن أبرز التعديلات التي أقرتها لجنة العشرة المُصغرة إلغاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان)، إذ خلت المسودة في باب السلطة التشريعية من النص عليه، فيما نصت في فصل الأحكام الانتقالية على نقل العاملين فيه إلى مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) الذي ستؤول إليه أموال مجلس الشورى وممتلكاته. ونصت مسودة التعديلات في المادة 171 المدرجة ضمن الفصل الخاص بالقوات المسلحة والشرطة على أن يُعين وزير الدفاع من بين ضباط الجيش بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتشكل من قادة الأسلحة والجيوش المختلفة، ما يضمن عدم استئثار أي رئيس منتخب بقرار تعيين وزير الدفاع، إذ سيتعين عليه تعيين من يتوافق قادة الجيش على اسمه. ويُعد ذلك التعديل الأهم في مسودة الدستور المقترح، إذ يضمن نوعاً من الاستقلالية للمؤسسة العسكرية وعلى رأسها وزير الدفاع الذي لن يكون بمقدور الرئيس المنتخب إقالته بقرار منفرد في حال اختلف الرجلان. وخلت الديباجة المقترحة من الإشارة إلى «ثورة 25 يناير» التي تضمنتها ديباجة الدستور المعطل، وان اشارت الى مبادئها «الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية». وألغت المسودة النص على العزل السياسي لرموز الحزب الوطني المنحل، ما يفتح الباب أمام خوضهم الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة. وحددت المسودة بوضوح شكل العلم، كما نصت على أن القاهرة هي عاصمة الجمهورية في الأحكام العامة، ما يعني أن تغيير العاصمة أو علم الدولة في حاجة إلى تعديل دستوري، خلافاً لما تم النص عليه في الدستور المُعطل الذي فتح الباب أمام تغيير شكل العلم أو مقر العاصمة بقانون فقط من دون تعديل دستوري. وحذفت التعديلات الجديدة ما نص عليه الدستور المعطل من «أخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية»، كما حُذفت كلمة «الشورى» من النص الذي اعتبرها من المبادئ التي يقوم عليها النظام السياسي، وحُذفت أيضاً كلمة المجتمع من نص المادة العاشرة في الدستور المعطل التي قالت: «تحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون»، وهي المادة التي كانت أثارت انتقادات حقوقية ومخاوف من تضييق مجموعات على الحريات استناداً إلى هذه المادة. وألغت التعديلات إمكان حل النقابات بحكم قضائي وقصرت الحل على مجالس إداراتها فقط. واشترطت التعديلات موافقة مجلس الوزراء على إعلان الرئيس حال الطوارئ بدل النص على «أخذ رأي الحكومة» في الدستور المعطل، وقلصت مدة إعلان الطوارئ من 6 أشهر يمكن تجديدها لمدة مساوية، إلى 3 أشهر فقط يمكن تجديدها لثلاثة أخرى. ونصت التعديلات على اشتراط أن يكون المرشح للرئاسة من أبوين مصريين لم يحملا جنسية أجنبية، وأن يحصل على تأييد 20 عضواً من مجلس الشعب أو تأييد 20 ألف مواطن من 10 محافظات على أن يحصل على تأييد ألف مواطن على الأقل في كل منها. وجعلت التعديلات تعيين النائب العام بقرار الرئيس بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء، وليس «بناء على اختيار المجلس» كما نص الدستور المعطل، وهو الاختيار الذي لم يلتزم به الرئيس المعزول محمد مرسي. وألغت أيضاً الرقابة المسبقة للمحكمة الدستورية العليا على القوانين الخاصة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومباشرة الحقوق السياسية. وحذفت التعديلات المادة 219 المثيرة للجدل التي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة». ويتمسك السلفيون بهذه المادة، ويتوقع أن يرفضوا حذفها. وستعرض تلك التعديلات على لجنة تضم خمسين عضواً يمثلون جميع فئات المجتمع وطوائفه وتنوعاته السكانية، خصوصاً الأحزاب والمثقفين والعمال والفلاحين وأعضاء النقابات المهنية والاتحادات النوعية والمجالس القومية والأزهر والكنائس والقوات المسلحة والشرطة والشخصيات العامة، على أن يكون بينهم عشرة من الشباب والنساء على الأقل، وترشح كل جهة ممثليها، ويرشح مجلس الوزراء الشخصيات العامة. من جهة أخرى، جدد «تحالف دعم الشرعية» الداعم لمرسي دعوة مناصريه إلى التظاهر في مختلف المحافظات. وأوضح أنه بصدد إعلان «قائمة سوداء» قال إنها «ستضم كل من يضع يده في يد الانقلابيين الملوثة بدماء المصريين». ودعا إلى «الحشد اليومي وتصعيد حدة العصيان المدني هذا الأسبوع بكل أشكاله وألوانه». واستمرت التظاهرات المحدودة لأنصار مرسي في مدن مختلفة، فيما لا تجد تلك التظاهرات صدى يُذكر بسبب قلة أعداد المشاركين فيها. وواصلت الأجهزة الأمنية حملتها التي تستهدف القيادات والأعضاء التنظيميين في «الإخوان»، فأوقفت عضو مكتب إرشاد الجماعة محيى حامد في حي مدينة نصر شرق القاهرة. كما أوقفت عمار نجل القيادي في الجماعة محمد البلتاجي وثلاثة من مرافقيه في منزل أحد أعضاء الجماعة في مدينة بني سويف (جنوب مصر). وألقت القبض على داوود خيرت سليمان الذي قال مصدر أمني إنه الذراع اليمنى للقيادي الجهادي محمد الظواهري الذي اعتقل قبل أيام. وقال الناطق باسم الجيش العقيد أحمد علي إن قوات الجيش الثاني الميداني ألقت القبض على خمسة أشخاص من «العناصر التكفيرية» في شمال سيناء. وأوضح أن هذه العناصر تم توقيفها في مدينة الشيخ زويد، وأنها متورطة في الهجوم على عناصر القوات المسلحة والشرطة في المكامن الأمنية في شمال سيناء. إلى ذلك، قال الناطق باسم الرئاسة أحمد المسلماني إن «مصر مرت بمرحلة صعبة كان فيها من يدعم ومن يمول ومن يراهن على سقوط الدولة، لكننا تجاوزنا هذه المرحلة وتجاوزنا منطقة الأوحال والمستنقعات لننطلق إلى مستقبل بناء مصر الحديثة». وأضاف: «أقول لمن يحاولون كسر الجيش إنهم يقعون مع التتار والصليبيين في سلة قمامة واحدة... إلى مزبلة التاريخ». واعتبر أن «السياسة عادت إلى مصر بعد أن كانت هناك سيطرة أمنية على المشهد».